إذا كانت كرة القدم الأوروبّيّة هي الشغل الشاغل على مساحة كامل الكرة الأرضيّة ومبارياتها تشكّل الحدث الأكبر بين مختلف الرياضات العالميّة وأحداثها، فمن المؤكّد أنّها مختلفة خارج حدود أرض الملعب عمّا هي داخلها.

منذ عقود لم تعد كرة القدم لعبة أو هواية إنّما أصبحت منصّة استثمار تتعدّى بأعمالها الاعتماد على صفقات الرعاية والإعلانات وثمن بطاقات الحضور بأثمان باهظة والاستفادة من توزيع حقوق النقل التلفزيونيّ على أنديتها، إنّما تحدّياتها الكبرى تأتي من عقود لاعبيها واستثمارهم ومن ثمّ بيعهم في صفقات تكون أحياناً مربحة جدّاً وأحياناً أخرى فاشلة، لا بل تقضي على مسيرة نادٍ وطموحات تهبط فجأة إلى مستوى الأرض.

واليوم، سنكون مع أبرز الصفقات الّتي تشهدها سوق انتقالات كرة القدم لنتعرّف إلى أبرز الأندية الّتي تعمل على الاستثمار بتلك الصفقات.

من هنا، لن يخطر في بال أحد أنّ أبرز نادٍ حاليّاً في الاستفادة من تلك الصفقات هو تشلسي اللندنيّ الّذي كان في السابق تحت رئاسة الملياردير الروسيّ رومان أبراموفيش الّذي يفرش الملايين للتعاقد مع نجوم اللعبة.

فتشلسي على عكس ما يعتقده الكثيرون من متتبّعي الرياضة الشعبيّة الأولى في العالم، هو الآن أكثر المستفيدين من تلك الصفقات الرابحة، وهو قد جنى أكثر من مليار وثلاثمئة مليون دولار أميركيّ من خلال الاستفادة من استثماراته بشراء اللاعبين وبيعهم.

وجاءت أبرز صفقاته من خلال الاستفادة من بيع نجمه البلجيكيّ أدين هازار سابقاً إلى ريال مدريد مقابل 122 مليون يورو بعدما اشتراه بأقلّ من 40 مليون يورو وقدّم معه مستويات رائعة ليبيعه في عام 2019 إلى الفريق المدريديّ ويجني أرباحاً تصل إلى نحو 84 مليون يورو، علماً أنّ اللاعب البلجيكيّ لم يأت بشيء مع الفريق الملكيّ، إذ إنّ أرقامه في حينها وعلى مدار موسم كامل كانت هدفاً وحيداً وتمريرة واحدة فقط فيتحوّل من اللاعب الأكثر طلباً إلى لاعب كاسد في أسواق الانتقالات.

قبل ذلك عقد ريال مدريد صفقة فاشلة حين اشترى النجم البريطانيّ غاريث بايل في عام 2013 فكان أوّل لاعب في العالم يتخطّى ثمنه المئة مليون دولار أميركيّ، آتيًا من توتنهام هوتسبرز الّذي كان قد أبرم عقد معه بخمسة ملايين دولار فقط وهو في الثامنة عشرة، فاكتشف حينها فريق توتنهام أنّ لديه طاقات كبرى استفاد منها لسنوات طويلة واستهلك قواه ليعيد بيعه إلى ريال مدريد، لكنه كان بعيدًا عن مستواه في بريطانيا.

في المقابل، إذا كان برشلونة يعتبر أحد أفضل الأندية في تعاقداته، بتعاقده مع ليونيل ميسي وهو تحت الـ 18 في عام 2003 ليقوده حتّى عام 2021 في استثمار تاريخيّ للفريق الكاتالونيّ ومعه البرازيليّ نيمار، إلّا أنّ الفريق الكاتالونيّ أخطأ مراراً في حساباته وأبرزها عندما تعاقد مع لاعب ليفربول البرازيليّ فيليبي كوتينيو مقابل 122 مليون دولار في عام 2018، آتياً من ليفربول الإنكليزيّ الّذي كان قد تعاقد معه مقابل تسعة ملايين دولار فقط في عام 2013 واستفاد منه لينتقل إلى برشلونة ويصبح لاعباً أقلّ من عاديّ.

من ناحية أخرى، يعتبر فريقا بروسيا دورتمند الألمانيّ وأجاكس أمستردام الهولّنديّ (الفريق الّذي نشأ فيه الأسطورة يوهان كرويف ومعظم نجوم منتخب هولّندا) من أكثر الأندية الّتي تعتمد على تحويل مواهب شابّة إلى نجوم كبار وتصدّرها إلى أبرز الفرق الأوروبّيّة بأرقام كبيرة جدّاً، ولكنّها في هذا الموسم أصبح يتقدّمها فريق باير ليفركوزن الّذي قاده المدرّب الإسبانيّ تشافي ألونزو إلى مستوى متقدّم، فهو قد باع في الساعات الأخيرة عقد نجميه الألمانيّ الدوليّ فلوريان فيرتز (أفضل لاعب في ألمانيا الآن) والهولّنديّ جيريمي فريمبونغ إلى ليفربول مقابل 185 مليون يورو بعدما كان قد تعاقد قبل سنوات مع اللاعب الألمانيّ مقابل 200 ألف يورو والنجم الهولّنديّ مقابل 12 مليوناً، فيجني باير ليفركوزن 173 مليون يورو في لحظات قليلة عند التوقيع من دون احتساب أكثر من عشرة ملايين اخرى في حال قاد هذا الثنائيّ ليفربول ليبرز في دوري الأبطال في الموسم المقبل.

هذه هي عيّنة صغيرة من أسواق الانتقالات الّتي لا تنتهي والّتي بدأت تنتشر على مساحة أكبر بكثير مع دخول أسواق أخرى على الخطّ وأبرزها الدوري السعوديّ والدوري الأميركيّ... وللحديث تتمّة.