لم يعد خافيّاً على أحد أنّ النظام الجديد لدوري أبطال أوروبّا في كرة القدم نقل أبرز بطولة للأندية في العالم من واقع تقليديّ إلى مفهوم تجاريّ بحت تحت عنوان جميل وهو "الإثارة والحماس".

فالتشامبينز ليغ، أي دوري الأبطال، وهي البطولة الأعرق على صعيد الكرة الأرضيّة تحوّلت منذ الموسم الماضي إلى نظام دوري ينطلق في أيلول/سبتمبر ولا ينتهي إلّا في بداية شهر حزيران/يونيو، مع ارتفاع عدد المباريات من نحو 120 إلى 225 مباراة، أضف إليها مروحة مشاركة قياسيّة تجمع 36 نادياً من كبار أوروبّا.

وبهذه الصيغة، تحوّلت البطولة إلى منصّة ماليّة هي الأضخم بين جميع الأحداث الرياضيّة، إذ إنّ كلّ نادٍ مشارك يجني في دور المجموعات لمجرد ورود اسمه، نحو 20 مليون يورو زائداً مليونَي يورو عن كلّ مباراة يفوز فيها و700 ألف يورو على كلّ تعادل، و ذلك طبعاً من دون احتساب نسب الرعاية والإعلانات ومداخيل الجماهير، خصوصاً في المواجهات الّتي يخوضها الفريق على أرضه.

وفي نهاية دور المجموعات، تحصل جميع الفرق على مكافآت متعلّقة بالترتيب النهائيّ لمرحلة الدوري أي مرحلة المجموعات الّتي تبدأ بـ 600 ألف يورو لصاحب المركز الأخير وتنتهي بـ 10 ملايين يورو لأصحاب الصدارة.

ومع انطلاق المرحلة الثانية، وهي دور الـ16 يحصل كلّ فريق على 11 مليون يورو، بينما تحصل الفرق الأربعة المنتقلة إلى الدور النصف النهائيّ على 15 مليون يورو ، ويحصل البطل على 25 مليون يورو و الوصيف على 18 مليون يورو.

ويضاف إلى كلّ تلك الأرقام غير المسبوقة إيرادات ماليّة ضخمة جدّاً تتعلّق بالبثّ التلفزيونيّ و الحصص الإعلانيّة ونسب مداخيل الملاعب حسب نتائج كلّ فريق والمرحلة الّتي وصل إليها خلال بطولة دوري الأبطال.

فبطولة كأس أبطال أوروبّا الّتي كانت تلعب في السابق على ستّ مراحل كحدّ أقصى، قد أصبحت اليوم بطولة متداخلة توزّع حصص ماليّة للفرق المشاركة بمجموع أكثر من ملياري و700 مليون دولار على الفرق الـ 36 المشاركة بينما تجني أكثر من ضعف تلك القيمة، ما يجعل الحدث الأكثر متابعة لجماهير كرة القدم على مساحة الكرة الأرضيّة، الحدث الأكثر استقطاباً للمعلنين والرعاة والمنافسة بين شركات النقل التلفزيونيّ.

أمام هذا الواقع، يأتي السؤال الأبرز : إلى أيّ مدى يمكن أن يستغلّ الاتّحاد الأوروبّيّ لكرة القدم ومن خلفه الاتحاد الدولي للعبة عشق المشجّعين ومحبّي الرياضة في العالم، لنقل تلك الأحداث من مفهوم رياضيّ بحت انطلق قبل أكثر من نصف قرن إلى مفهوم أصبح بعيداً كلّ البعد عن إطاره الرياضيّ البحت؟

أمّا الأهمّ: كم سيكون في إمكان نجوم اللعبة تحمّل عبء استحداث كلّ تلك التغييرات من المباريات الأوروبّيّة، إلى مباريات البطولات الوطنيّة، من دون أن ننسى نوافذ تصفيات كأس العالم؟ وكم ستتحمّل لياقتهم البدنيّة هذا الإرهاق؟ وكم سيتعرّض منهم إلى الإصابة في موسم 2026، خصوصاً مع بطولة كأس العالم على مساحة القارّة الأميركيّة ومع عدد قياسيّ هو 48 منتخباً بعدما كان 32 منتخباً في النسخة الأخيرة وقبلها 24 منتخباً وسابقاً 16 منتخباً والحبل على الجرّار؟