منذ العصور القديمة، كانت العائلة هي الوحدة الأساسية في المجتمعات البشرية كافة. حيث أن ترابط العائلة هو من العوامل المهمة والأساسية جداً للحفاظ على الاستقرار والسلامة الاجتماعية والنمو الشخصي لأفرادها. فالترابط العائلي هو الرابط الذي يجمع بين أفراد الأسرة بمختلف أنواعه وأشكاله. يتضمن هذا الرابط الرعاية والدعم والحب والاحترام والتفاهم، وهو يمثل بيئة آمنة تسمح للأفراد بالنمو بشكل طبيعي، بالإضافة الى التطور والازدهار من أجل مصلحة العائلة والمجتمع.

ومع ذلك، تشهد العديد من المجتمعات حالة من تفكك العائلة خاصة في الآونة الأخيرة، وهو ما يحمل العديد من التأثيرات السلبية على الأفراد والمجتمعات ككل.

فعلى مستوى الأفراد، يمكن أن يؤدي تفكك العائلة إلى الشعور بالعزلة والاضطراب النفسي. فالأطفال الذين يعيشون في أُسر مفككة قد يواجهون صعوبات في التعليم والتطوّر الاجتماعي والعاطفي. كما يمكن أن يؤدي تفكك العائلة إلى زيادة معدلات الجريمة والعنف في المجتمع. فإذا نشأ الطفل في بيئة غير سليمة يتعرض فيها إلى سلوكيات غير إيجابية، ومن الممكن أن يكرر هذه السلوكيات عندما يكبر، وعادة ما تنتقل هذه الأخيرة أحياناً من جيل إلى آخر. نذكر على سبيل المثال الإدمان على الكحول الذي يمكن أن ينتقل من الأب إلى الأولاد مع ما يرافق ذلك من تصرفات كالعنف والسلوك غير الاجتماعي وغ يرها منالمشاكل. تجدر الإشارة الى أن نادراً ما ينشأ المجرم داخل عائلة سعيدة، بل نشأته تكون عادة داخل بيئة غير سليمة تنعكس على سلوكياته المستقبلية.

وبشكل عام، وعلى مستوى المجتمع، يمكن أن يقلّل تفكك العائلة من الاستقرار الاجتماعي. فالعائلات المتماسكة تُسهم حكماً في بناء مجتمعات أكثر قوة وأماناً، حيث يمكن للأفراد الاعتماد على بعضهم البعض في الأوقات الحرجة. إن البيئة السليمة والعائلة المترابطة التي يؤدي فيها الأب والأم دوراً محورياً إيجابياً تعزز ثقة الطفل بنفسه وتمهد له طريقًا نحو مستقبل مشرق. إذ يصبح الطفل قادراً على اتخاذ القرارات السليمة في مجتمعه. يعتقد العديد من الأفراد أن الطفل لا يتأثر بمحيطه، لكن هذا غير صحيح.

أشارت المعالجة النفسية "اني بربريان" في حديثها لموقع "الصفا نيوز" أن الطفل الذي يتراوح عمره من 0 إلى 6 سنوات يستوعب كل الأحداث التي تدور حوله. لذلك يجب معالجة كافة المشاكل والاشكالات بين الزوج والزوجة، وحتى عمليات الطلاق منها، بالتراضي والتفاهم وموضوعية كي لا يتأثر الطفل بشكل كبير.

لذا، يتعين على المجتمعات العمل بجدية لتعزيز قيم الترابط العائلي والحفاظ عليها، حيث يمكن أن يتضمن ذلك نشاطات توعوية تتعلق بأهمية تماسك العائلة وتوفير الدعم للأسر الأكثر حاجة، وتشجيع القيَم الأخلاقية والاجتماعية التي تعزّز الترابط بين أفراد الأسرة، كما يجب التأكيد على أن تعزيز ترابط العائلة يؤدي إلى بناء مجتمعات أكثر صحة وأماناً واستقراراً، كما لا بدّ أيضاً من الإضاءة على أهمية ترابط العائلة وذكر سيئات تفككها ،واستراتيجيات ترابطها نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:

أهمية ترابط العائلة

- دعم عاطفي ونفسي

- التربية والتعليم

- استقرار اقتصاد

- تقديم شبكة أمان اقتصادية تساعد في تحمل الأوقات العصيبة وتساعد في تخطيها

سيئات تفكك العائلة

- آثار السلبية على الأطفال

- زيادة التوتر والقلق

- فقدان الهوية والانتماء

استراتيجيات لتعزيز ترابط العائلة

- التعليم والتوعية

- دعم المؤسسات الاجتماعية

- تعزيز القيم العائلية

ختاماً، إن ترابط العائلة هو مفتاح الاستقرار والنجاح في المجتمع، وعلى الرغم من التحديات التي يمكن أن تواجه العائلة، إلا أنه من الممكن دائماً تعزيز هذا الترابط من خلال الجهد والتعليم والتوعية والدعم المستمر. تحقيق هذا الترابط هو استثمار في مستقبل أفضل للأفراد والمجتمع بأكمله.