الصفا

لم يحسم حزب الله موقفه النهائي بعد من جلسة مجلس الوزراء التي يزمع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الدعوة إليها قريبا، وذلك بانتظار استكمال الأخير مشاوراته واتصالاته حول جدول أعمالها، بعدما نصحه كثيرون بوجوب التركيز في هذه المشاورات على وزراء "التيار الوطني الحر".

وقالت مصادر نيابية لموقع "الصفا نيوز" أن ميقاتي يُلحّ على "حزب الله" للمشاركة فيها مؤكداً له انه سيدرج في جدول أعمالها مشروع قانون يرمي إلى تمديد ولاية المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم التي تنتهي في آذار المقبل، وذلك بعدما تخلى رئيس مجلس النوب نبيه بري عن فكرة أن يتم هذا التمديد بموجب اقتراح قانون نيابي معجل يقدمه أحد النواب ويقر في أول جلسة تشريعية يعقدها المجلس النيابي.

وذكرت هذه المصادر أن ما دفع بري إلى تغيير رأيه وطلب أن يحال مشروع  قانون التمديد لابراهيم من الحكومة، هو رغبته، بل توافقه، مع ميقاتي على وجوب انعقاد مجلس الوزراء في جلسة ثانية جديدة يتصدر جدول أعمالها موضوع سلفة الـ 62 مليون دولار لكهرباء لبنان. وهذه السلفة كان بري وعد المعنيين بأن تعالج بمرسوم يوقعه رئيس الحكومة والوزراء المختصون ولا سيما منهم وزير الطاقة وليد فياض ووزير المال يوسف خليل، ولكنه عاد وتراجع عن هذا الأمر طالباً أن يقر هذا المرسوم في جلسة لمجلس الوزراء نظراً لما يرتبه من مبالغ مالية كبيرة بعشرات ملايين الدولارات على خزينة الدولة.

وأكدت المصادر النيابية أن حزب الله لن يحدد موقفه حضورا للجلسة او مقاطعة لها إلا بعد معرفة الموقف الذي سيتخذه وزراء "التيار الوطني الحر"، إذ أن الحزب يحاذر أن يحضر هذه الجلسة هذه المرة في حال غاب هؤلاء عنها لأنه لا يريد توسيع فجوة الخلاف الكبيرة السائدة بينه وبين التيار والتي تهدد بسقوط التفاهم القائم بينهما منذ شباط 2006 والمعروف بـ"تفاهم مار مخايل".

ولم تستبعد هذه المصادر النيابية أن يتعرض "الحزب" لإحراج كبير خصوصاً اذا أصرّ ميقاتي على الجلسة، حيث أن رئيس الحكومة يبلّغ إلى كل من يتواصل معه أنّه يريد أن يدعو إليها حتى ولو اضطر إلى حصر جدول أعمالها بملف الكهرباء فقط دون أي بنود أخرى. وفي هذه الحال سيجد "حزب الله" نفسه ملزماً بحضورها لأنه كان أكد منذ البداية أنّه لا يمكنه الغياب عن أيّ جلسة لمجلس الوزراء يكون على جدول أعمالها قضايا ملحّة للمواطنين، والكهرباء هي أهمّ هذه القضايا وألحّها بالنسبة إليهم.

وتسأل المصادر النيابية عمّا سيكون عليه موقف وزير الطاقة وليد فياض من الجلسة، خصوصاً وأنّه ضمن الحصة الوزارية لـ"التيار الوطني الحر" في الحكومة. فهل سيحضر الجلسة وهو المعني الأوّل بملفّ الكهرباء وسلفة الخزينة والبالغة 62 مليون دولار لزوم شراء مادة الفيول لمعامل توليد الطاقة الكهربائية، في الوقت الذي ترسو ثلاثة بواخر تحمل هذه المادة في عرض البحر ولم تفرغ حمولتها بعد لعدم صرف الاعتمادات اللازمة للشركة الملتزمة والشاحنة المختصة، حيث يتكبد لبنان غرامة مالية تبلغ 60 الف دولار عن كل يوم تأخير في إفراغ حمولة هذه البواخر.

البعض يقول أن فياض سيكون مضطرا للحضور، وأن حضوره سيؤمن نصاب الجلسة خصوصاً في حال غاب الوزير جورج بوشكيان الذي كان خرج عن موقف التيار الحر وحزب الطاشناق ووفّر النّصاب القانوني والدستوري لانعقاد الجلسة السابقة. لكن أي إشارات بهذا المعنى لم تصدر عن فياض بعد، وكذلك عن "التيار" نفسه.

وتعتقد المصادر النيابية أنه في حال حصل توافق على انعقاد الجلسة وشارك فيها وزراء التيار، فإن ذلك سيؤسس لاحقاً إلى تضييق شقة الخلاف السائد بينه بين حزب الله لأنه في الأساس خلاف على طريقة مقاربة الاستحقاق الرئاسي وخيارات كل من الطرفين في شأنه، وفي هذه الحال تعيد الجلسة الكهربائية البريق إلى "تفاهم مار مخايل". أمّا في حال لم يحصل التوافق وغاب التيار عن الجلسة وشارك فيها وزيرا حزب الله إلى جانب وزراء حركة "أمل" والآخرين، فإن الخلاف بين الجانبين سيتصاعد أكثر فأكثر، ما قد يؤدي إلى تعرض "التفاهم" لصعقة كهربائية، وبالتالي تعذر الاتفاق بين الجانبين على مقاربة واحدة للاستحقاق الرئاسي.