في عالم الجريمة المنظّمة، لا يلمع بريق أحد كما يلمع بريق أباطرة المخدرات، أولئك الذين بنوا إمبراطوريات بمليارات الدولارات على حساب الدماء والفوضى والقتل. قصصهم مزيج من الطموح الجامح والعنف المفرط والخيانة التي غالباً ما تأتي من أقرب المقرّبين، بعضهم انتهى برصاصة في الرأس وآخرون خلف القضبان، فيما تحوّل البعض إلى أساطير حيّة تثير الخوف والإعجاب في آن واحد.

"بابلو إسكوبار"... ملك الكوكايين الذي أرعب كولومبيا (1949 – 1993)

عاش بابلو إسكوبار في شوارع بلدة "ميديلين" وعمل بتهريب السجائر والسيارات المسروقة قبل أن يجد طريقه إلى تجارة الكوكايين في سبعينيات القرن الماضي. وفي غضون سنوات قليلة، سيطر "إسكوبار" على 80% من تجارة الكوكايين العالمية. لم يكن رجل عصابات فحسب، بل كان سياسياً غير معلن يشتري الولاءات بالمال ويزرع الرعب بالتفجيرات والاغتيالات. سقط عام 1993 مقتولاً فوق سطح منزل في ميديلين، لتنتهي أسطورة الرجل الذي جعل نفسه "روبن هود الفقراء" في نظر البعض، وإرهابياً دموياً في نظر آخرين.

"إل تشابو"... الرجل الذي هزّ المكسيك (1957 – لا زال على قيد الحياة)

اسمه الحقيقي "خواكين غوزمان لوبرا"، ولد في بلدة سينالوا في المكسيك من أسرة فقيرة، لقّب بـ "إل تشابو" بسبب قُصر قامته (1,68م)، بدأ حياته كبائع برتقال قبل أن يصبح زعيم كارتل "سينالوا"، أحد أقوى تنظيمات المخدرات في المكسيك. اشتهر بخططه العبقرية للتهريب عبر أنفاق طويلة مع أميركا. اعتُقل مراراً لكنه كان دوماً يستطيع الهروب، حتى أصبح هروبه عام 2015 من سجن شديد الحراسة عبر نفق بطول حوالي (1,5كلم) مادة دسمة لوسائل الاعلام وللكثير من الناس.

انتهى به الأمر مسجوناً في الولايات المتحدة بحكم مؤبد دون إمكانية الإفراج بعد أن سلّمته المكسيك للولايات المتحدة الأميركية عام 2016.

"أمادو كاريلو فوينتيس"... سيد السماء (1956 – 1997)

لقّب بـ "إل سينيور دي لوس سييلوس" (سيّد السماء) لأنه استخدم أسطولاً من الطائرات لتهريب الكوكايين من المكسيك إلى الولايات المتحدة في تسعينيات القرن الماضي، وكان أكثر دهاءً من منافسيه لأنه اختار الابتعاد عن الأضواء. قاد كارتيل "خوريز"، ومات في مستشفى في المكسيك عام 1997 أثناء خضوعه لعملية تجميل جراحيّة لتغيير ملامحه والهرب من الملاحقة، ليصبح موته فجأة نهاية صادمة لإمبراطورية جويّة عابرة للقارات.

"فرانك لوكاس"... تهريب الهيروين في نعوش الجنود الأميركيين (1930 – 2019)

وُلِد في ولاية "انديانا" في مدينة لاغرانغ. برز اسم فرانك لوكاس في هارليم – نيويورك، ولقّب بـ "بارون المخدرات"، استغل حرب فيتنام لتهريب الهيروين داخل نعوش الجنود الأميركيين القتلى. كان ذكيّاً في كسر احتكار المافيا الإيطالية، وبنى شبكة واسعة من النفوذ، لكن سقوطه جاء على يد الشرطة الفيدرالية ليقضي سنوات طويلة خلف القضبان. قصته تحوّلت لاحقاً إلى فيلم شهير في هوليوود تحت اسم "American Gangster".

"إل تشينو أنتراكس"... القاتل الذي عاش حياة استعراضية (1980 – 2020)

إسمه "خوسيه رودريغو اريتشيغا غامبوا"، من قادة الذراع المسلح لكارتل سينالوا، وواحد من أكثر الرجال رعباً بسبب وحشيته في القتل. لكن على عكس قادة العصابات الآخرين، كان "إل تشينو أنتراكس" يعرض حياته الفارهة على وسائل التواصل الاجتماعي من السيارات الرياضية الفاخرة التي يملكها والسهرات الصاخبة والقصور الفارهة.

أُلقي القبض عليه في هولندا وسلّم الى أميركا بموجب مذكرة توقيف أميركية، وبعد أن أُطلق سراحه بشروط، اغتيل عام 2020 ووجدَت جثته مشوّهة بطريقة وحشيّة، لتطوى صفحة رجل عاش بين "القتل والترف".

ما يجمع هؤلاء، أن بداياتهم كانت متواضعة، لكن الطموح والدم والفرص السوداء جعلتهم أباطرة، وبالرغم من اختلاف طرق موتهم أو اعتقالهم، تبقى نهاياتهم متشابهة... لا أمان ولا خلود في عالم المخدرات، حيث القتل والخيانة حليفان لا ينفصلان.

باختصار، هؤلاء الأباطرة قد يثيرون إعجاب البعض بقصص الهروب وطرق التهريب والثراء والسطوة، لكن إرثهم الحقيقي هو آلاف الضحايا وأجيال ومجتمعات مدمّرة تركوها خلفهم...