حسم فريق باريس سان جيرمان في مدينة ميونيخ ليل السبت فوزه بلقب دوري الأبطال بتسجيله نتيجة قياسيّة في مسابقة دوري الأبطال الأوروبّيّ، باكتساحه إنتر ميلانو الإيطاليّ بنتيجة 5-0 ليضع حدًّا لكلّ من كان يراهن بين الأندية الأوروبّيّة الكبرى على أنّ الفرق العريقة في إمكانها تعويض غياب القدرات الماليّة الكبرى والموازنات العالية باعتمادها على سمعتها وتاريخها وأكاديميّاتها لصنع النجوم وضخّهم في تشكيلاتها.

فبخماسيّة باريس في مرمى إنتر ميلانو بطل أوروبّا ثلاث مرّات، تكون تلك المعادلة قد سقطت إلى غير رجعة، ليؤكّد الفريق الباريسيّ انّه تحوّل إلى فريق خمسة نجوم هدفه حصرًا الفوز باللقب الأوروبّيّ منذ دخول الشريك القطريّ لضخّ القدرات الماليّة الهائلة في تشكيلته منذ موسم 2012.

فباريس سان جيرمان الّذي أبصر النور في عام 1970 تحوّل مع امتلاك "جهاز قطر للاستثمارات" الفريق الباريسيّ في عام 2011، من فريق منافس على لقب الدوري الفرنسيّ إلى قوّة ضاربة تريد جرف كلّ البطولات واحتكار النجوم، فتعاقد مع أبرز لاعبي العالم وفي مقدّمهم الثلاثيّ ليونيل ميسي ونيمار وكيليان مبابي.

ولكنّ القطريّين برئاسة رئيس النادي الباريسيّ ناصر الخليفي أدركوا أيضاً أنّ عليهم خلق التوازن نفسه بين نجوميّة اللاعبين والقدرات الماليّة الهائلة من جهة وبين اعتماد جهاز فنّيّ من العيار نفسه.

من هنا، أتى قرار الخليفي تعيين المدرّب الثعلب الإسبانيّ لويس أنريكه لتكتمل معه "الخلطة السحريّة" ويحرز باريس سان جيرمان اللقب الأوروبّيّ. وجاء تتويج فريق العاصمة الفرنسيّة الذي تملكه دولة قطر ليؤكّد صوابيّة حاجة الفرق الكبرى وحتّى العريقة في أوروبّا إلى أن تكون هي أيضاً شريكة مع راعٍ كبير لضخّ القدرات الماليّة في موازناتها.

من هنا، وإضافة إلى باريس سان جيرمان، هناك مثال كبير لنجاح فكرة تلك الشراكة الأوروبّيّة-الخليجيّة مع فريق مانشستر سيتي الإنكليزيّ الذي وضع ملكيّته في يد الشيخ الإماراتيّ منصور بن زايد الّذي اشتراه عام 2009، فأعاده من حينها إلى الخريطة العالميّة كأقوى نادٍ في إنكلترا وأوروبّا في السنوات العشر الأخيرة، إذ فاز بلقب الدوري الإنكليزيّ ثماني مرّات في عهد بن زايد وأحرز لقب دوري الأبطال عام 2023 .

كذلك، فإنّ المملكة العربيّة السعوديّة دخلت في نهاية عام 2021 على خطّ امتلاك فريق نيو كاسل الإنكليزيّ من خلال "صندوق الاستثمارات العامّة"، لتنطلق خارطة طريق النجاح في نيوكاسل فبدأت طموحاته تكبر بشكل عموديّ ليصبح منذ عام 2023 منافساً دائماً على الدوري الإنكليزيّ والبطولات الأوروبّيّة .

وفتح تألّق السيتي أيضًا شهيّة العديد من الفرق الإنكليزيّة الكبرى، عندما دخل رجل الأعمال المصريّ ناصر سويرس على خطّ الفرق الإنكليزيّة في نهاية عام 2020 عبر شرائه 55 في المئة من ملكيّة فريق أستون فيلا اللندنيّ، فتحوّل هذا الأخير بدوره إلى الحصان الأسود في البطولة الإنكليزيّة والحاضر الدائم في دوري الأبطال.

وبالعودة إلى باريس سان جيرمان، فقد أنفق هذا الأخير بعد دخول الراعي القطريّ، أكثر من ثلاثة مليارات يورو في عمليّة بناء فريق منافس على صعيد أوروبّا والعالم، ووصلت أجور لاعبيه إلى نحو 400 مليون يورو في الموسم الّذي كان فيه الفريق الباريسيّ يضمّ ميسي ونيمار ومبابي، إضافة إلى الإسبانيّ سيرجيو راموس والإيطاليّ فيراتي قبل أن يقرّر إنريكه اعتماد تشكيلة المواهب الحاليّة بدلاً من الأسماء الرنّانة، فخفض ميزانيّة الرواتب من نحو 400 إلى 222 مليون يورو في الموسم الحاليّ.