هل جاء وقت التغيير في كرة القدم الإنكليزيّة؟ ما هو مؤكّد أنّ أحداث الدوري الإنكليزيّ في نهاية الأسبوع الفائت أكّدت أنّ قواعد اللعبة في إنكلترا لم تعد كما دأبت عليه منذ عشرين عاماً. فبطولة الدوري الإنكليزي الممتاز شهدت خلال الفترة الممتدّة منذ عام 2005 وحتّى العام الفائت موسم 2025 سيطرة واضحة جدّاً تعاقب عليها فريقا مدينة مانشستر وإلى جانبهما ليفربول مع استثناء لنادي تشلسي، بينما ذابت الفرق الأخرى تحت وطأة تلك السيطرة.

ومع انطلاق موسم 2025-2026، اعتقد مراقبو كرة القدم أنّ قواعد اللعبة لم ولن تتغيّر مع ضخّ كلّ من مانشستر سيتي وليفربول أسماء رنّانة إلى تشكيلتيهما، وفي شكل خاصّ فريق الريدز الّذي أنفق 130 مليون دولار لحصوله على نجم منتخب ألمانيا فلوريان فيرتز و150 مليوناً لامتلاك ظاهرة فريق نيوكاسل الهدّاف ألكسندر إيزاك (أغلى صفقة عرفها الدوري الإنكليزيّ)، إضافة إلى مهاجم منتخب فرنسا هوغو إيكيتيكي.

وجاءت الحسابات غير متوقّعة، إذ تعرّض فريق ليفربول إلى أقسى خسارات له مع ست خسارات في مواجهاته الثماني الأخيرة في الدوري الإنكليزيّ آخرها في نهاية الأسبوع الماضي على أرضه وبين جماهيره أمام الفريق الأضعف هذا الموسم نوتنغهام فوريست بنتيجة قاسية جدّاً 3-0. من ناحيته، سقط فريق السيتي ومدرّبه الإسبانيّ بيب غوارديولا أمام نيوكاسل بنتيجة 1-2 ليكون فريق السيتي قد تلقّى رابع خسارة موجعة له في بطولة الـ"بريمير ليغ"، بعدما كانت مكاتب الترشيحات قد سمّته كأكثر الفرق في إنكلترا المؤهّلة لإحراز درع البطولة مع نهاية الموسم.

ومع شبه انعدام فرص حامل اللقب للمنافسة وعدم الاستقرار في نتائج خصمه اللدود فريق السيتي بتعرّضه لهزّات متلاحقة إن كان في البطولة أو حتّى دوري الأبطال، اكتسح فريق الأرسنال اللندنيّ ضيفه توتنهام (القويّ) بنتيجة 4-1 ليعزّز صدارته للدوري الإنكليزيّ بعد انتهاء 12 مرحلة بفارق ست نقاط عن أقرب منافس له فريق تشلسي بسجلّ رائع للفريق اللندنيّ الّذي لم يعرف سوى خسارة واحدة طوال الموسم .

ومن المعروف أنّ الأرسنال هو من أعرق أندية كرة القدم على صعيد بريطانيا والعالم ولكنّه لم يتمكّن من إحراز لقب بطولة الدوري الإنكليزيّ منذ 21 عاماً، وتحديداً منذ موسم 2003-2004، عندما توّج بلقبه الأخير في عهد المدرّب الفرنسيّ آرسين فينغر.

وينطلق سرّ تفوّق فريق الـ"غانرز" في هذا الموسم من دفاعه الصلب الذي بناه المدرّب الحاليّ ميكيل أرتيتا بعناية فائقة. ويقود دفاعات الفريق اللندنيّ الثنائيّ ويليام صليبا وغابريال ماعالهاييش وإلى جانبهما الهولّنديّ الشابّ يوريين تيمبر والإيطاليّ الدوليّ ريكاردو كالافيوري ومن أمامهم النجم الإنكليزيّ ديكلان رايس والإسباني مارتن ثوبيمندي اللذان يشكلان صلة الوصل بين حائط لندن الدفاعيّ والخطوط المتقدّمة مع البلجيكيّ لياندرو تروسار وبوكايو ساكا والهدّاف المتألّق إيبيريشي إيزي.

وينتظر محبّو كرة القدم المواجهة المرتقبة في نهاية الأسبوع الحاليّ بين الأرسنال المتصدّر وتشلسي صاحب المركز الثاني في تشلسي والّتي قد تكون الفرصة الأخيرة لمحاولة إيقاف الـ"غانرز"، إذ إنّ فوز الأرسنال بالنقاط الثلاث قد يمثّل ضربة قاسية جدّاً لفريق تشلسي وضربة قاضية لقطبي البطولة في السنوات العشر الأخيرة مانشستر سيتي وليفربول.

ما هو مؤكّد أنّ بريطانيا تعيش هذا الموسم تغييراً جذريّاً في صراع الدوري الإنكليزيّ، وأنّ ما كان يحكى عن سيطرة مطلقة لفريقي ليفربول والسيتي أصبح وهماً ولم يعد له أيّ صلة بحقيقة مجريات الأرض... وللحديث تتمّة.