ما كان مخفيًّا منذ بداية العام الحاليّ داخل أروقة الاتّحاد الدولب لكرة المضرب ظهر في الساعات الأخيرة إلى العلن، عندما كشفت صحيفة "ليكيب" الفرنسيّة أنّ الأمور بين الاتّحاد الدوليّ للتنس ومنظّمي دورات الغراند سلام للتنس من جهة ولاعبي التنس المحترفين ليست بخير.
فمنذ بداية العام الحاليّ، وقّع أصحاب المراكز العشرة الأولى في التصنيف العالميّ للاعبي التنس كتاباً وجّهوه إلى القيّمين على بطولات الغراند سلام الأربع الكبرى وهي بطولة أستراليا المفتوحة وبطولة رولان غاروس الفرنسيّة وبطولة ويمبلدون البريطانيّة وبطولة الولايات المتحدة المفتوحة، طالبوا فيه بمراجعة الجوائز الماليّة المخصّصة للّاعبين... وإلّا سيتّجهون إلى مقاطعة البطولات.
وكان واضحًا وبحسب الصحيفة الفرنسيّة ووكالة "أسيوشيتد برس" أنّ لاعبي التنس لن يقبلوا إلّا بنسب كبيرة من مجموع المداخيل الّتي تجنيها تلك البطولات الكبرى من رعاة البطولة ومداخيل الجماهير والإعلانات ومداخيل النقل التلفزيونيّ.
فعلى الرغم من أنّ مجموع الجوائز الماليّة في بطولة رولان غاروس هذا الموسم وصل إلى أكثر من 56 مليون يورو منها مليونان وخمسمئة وخمسون مليون يورو لكلّ من الفائزين عند مسابقة فرديّ الرجال وفرديّ السيّدات، وعلى الرغم من أنّ مجموع الجوائز الماليّة لبطولة أستراليا هذا الموسم في بداية العام ناهزت الـ 97 مليون دولار في زيادة أكثر من 12 في المئة من مجموع الجوائز الماليّة للبطولة الأستراليّة نفسها في العام الماضي، فإنّ نجوم التنس الحاليّين وفي مقدّمتهم الصربيّ نوفاك ديوكوفيتش صاحب الرقم القياسيّ لعدد ألقاب الغراند سلام بـ 24 لقباً والإيطاليّ يانيك سينر المصنّف أوّل في العالم والإسبانيّ كارلوس ألكاراز وكذلك جميع المصنّفات الأولَيات عند السيّدات مثل أرينا سابالينكا وكوكو غوف وإيغا شفيانتيك طالبوا بزيادة كبيرة على مجموع الجوائز الماليّة لتلك البطولات.
ويعتبر المصنّفون العالميّون في التنس أنّ مداخيل تلك البطولات أصبحت هائلة ولذا على المنظّمين إعطاء نسب من الأرباح لرابطة لاعبي التنس كما هي الحال في ألعاب أخرى ككرة السلّة الأميركيّة الـ NBA، حيث تستفيد لجنة رابطة اللاعبين من نسبة معيّنة من أرباح رابطة الدوري الأميركيّ والأندية.
ويعتبر نجوم اللعبة الّذين وقّعوا الكتاب الموجّه إلى المسؤولين عن تلك البطولات الأربع الكبرى تحت طائلة مقاطعتها في حال عدم الأخذ بمطالبهم أنّ تلك البطولات الأربع تتطلّب مجهوداً كبيراً منهم معنويّاً وجسديّاً ونفسيّاً مع خطر الإصابة، خصوصاً أنّ معدّل المباريات فيها هو ماراتونيّ، إذ إنّ اللاعب للوصول إلى الأدوار النهائيّة عليه خوض أربع مباريات ليتأهّل إلى الدور ربع النهائيّ وثمّ الدور نصف النهائيّ للوصول إلى خوض المباراة النهائيّة بمواجهات من خمس مجموعات للفوز بثلاث منها وبالتالي بمباريات تتعدّى مراراً الأربع ساعات لتصل إلى خمس ساعات أحياناً.
ومن محاسن الصدف أن تخرج تلك الأزمة بين اللاعبين المحترفين وبين القيّمين على البطولات الأربع الكبرى في خضمّ بطولة رولان غاروس الفرنسيّة هذا الموسم وقبل نحو شهر من انطلاق بطولة ويمبلدون، وهما تعتبران أبرز دورتين في التنس ومن أبرز الأحداث الرياضيّة على مساحة الكرة الأرضيّة.
فهل تكون تلك الأزمة مجرّد شدّ حبال بين لاعبي التنس الأوائل في العالم وبين تلك البطولات الكبرى، أو أنّ هناك ناراً تحت الرماد قد تهدّد في أيّ لحظة بمقاطعة شاملة من اللاعبين لدورات الغراند سلام، ونكون بالتالي أمام سيناريو غير مسبوق في عالم التنس؟ ما هو أكيد أنّ هذا الملفّ الناريّ سيخرج إلى العلن وبقوّة فور انتهاء بطولة رولان غاروس وعندها سيظهر ما بقي سرّاً لأسابيع وأشهر.