هل تحقّق الولايات المتّحدة الأميركيّة في مونديالها في كأس العالم للأندية الشهر المقبل وكأس العالم للمنتخبات المقبلة في حزيران 2026 ما لم تتمكّن أبدًا من تحقيقه؟
فالولايات المتّحدة تحاول من دون جدوى منذ نصف قرن تغيير مفهوم الأميركيّين لكرة القدم لتكون الرياضة الأبرز في الولايات المتّحدة إلى جانب كونها أكثر الرياضات شعبية في العالم.
في ذلك الوقت، أخذ مهندس سياسات الولايات المتّحدة الخارجيّة هنري كيسينجر على عاتقه تلك المسؤوليّة، فاستقدم فريق كوزموس النيويوركيّ في عام 1975 الجوهرة البرازيليّة بيليه ليخوض بطولة الدوري الأميركيّ. إلّا أنّ تلك الخطوة لم تأت بالتغيير المطلوب وبقيت رياضات البايسبول وكرة القدم الأميركية وكرة السلّة تتقدّم كرة القدم بمسافة بعيدة.
وجاء أولمبياد لوس أنجلوس في عام 1984 ، حيث الأكثريّة الأميركية اللاتينية، مناسبة لإعادة إطلاق كرة القدم. لكنّ مقاطعة الاتّحاد السوفياتيّ وكتلة دول أوروبا الشرقيّة آنذاك ألقت بظلّها على كلّ الألعاب. وانتظر كيسينجر ومعه الأميركيّون المونديال الأميركيّ في عام 1990 ولكن قوّة البرازيل وإيطاليا آنذاك خطفت الأضواء وخاب أمل محبّي كرة القدم بين الأميركيّين من منتخب بلادهم، فسقط حلم وضع كرة القدم على الخارطة العالميّة لمنافسة أوروبّا وجيرانها في القارّة الأميركيّة اللاتينيّة.
وبعد ثلاثة عقود، تبدو الفرصة مؤاتية إذ إنّ الولايات المتّحدة أصبحت أرضيّتها جاهزة جدًّا لتدخل من الباب الرئيسيّ إلى عالم كرة القدم، و ليس كملحقة للأوروبيّين إنّما على المسافة نفسها، والأسباب واضحة كشروق الشمس وهذه أبرزها:
انتقال اللاعب الأفضل في العالم ليونيل ميسي إلى بطولتها لم يأت بالصدفة بل بحنكة كبيرة من القيّمين على كرة القدم الأميركيّة ومعها الشركات العملاقة في داخلها.
كذلك، اختيار الولايات المتّحدة لتنظيم أوّل بطولة عالم للأندية على طريقة كأس العالم في كرة القدم بعد أقلّ من شهر يؤكّد أنّ هناك قرارًا كبيرًا في دخول الولايات المتّحدة كقطب كبير في إدارة اللعبة، إذ أتت من هذا المنطلق الزيارة الّتي قام بها رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم جياني إنفاتينو (صهر لبنان) إلى القارّة الأميركيّة الشماليّة والحفاوة الّتي خصّه بها الرئيس دونالد ترامب لتؤكّد مدى العلاقة المتينة بين البيت الأبيض والفيفا والاتّحاد الأميركيّ لكرة القدم.
والحدث الأبرز سيكون المونديال بعد عام من اليوم في حزيران 2026 إذ إنّه أوّل مونديال بمشاركة 46 منتخبًا، وهو سيضع المنتخب الأميركيّ على رأس مجموعة كونه الدولة المضيفة الأساسيّة إلى جانب كندا والمكسيك اللتين ستستضيفان بعضا من المباريات) ويتيح له فرصة كبيرة للذهاب بعيدًا في البطولة. وهذا ما سيغيّر نظرة الشعب الأميركيّ، خصوصًا وأنّ منتخب "العمّ سام" سيضمّ في تشكيلته العديد من اللاعبين البارزين في البطولات الأوروبّيّة، وهذا ما لم يحصل سابقًا وبالتالي سيتفاجأ الشعب الأميركيّ بنتائج منتخبه الذي سيفرض عليهم أن يتابعوه ويحوّلوا كلّ أنظارهم إليه.
يشير العديد من التقارير والدراسات الرسميّة في الولايات المتّحدة أيضاً إلى أنّ الأجيال الصاعدة في القارّة الأميركيّة الشماليّة بدأت تمارس كرة القدم بشكل كثيف بحيث أصبحت الرياضة الأبرز على صعيد المدارس في الولايات المتُحدة، وهذا ما يظهر أنّ هناك تغييرًا جذريًّا قد حصل فعلًا في مفهوم الأميركيّين من ناحية الرياضة.
تبقى الإشارة الأبرز إلى إعلان الرئيس الأميركيّ دونالد ترامب إنشاءه فريق عمل رسميًّا يمثّل البيت الأبيض سيترأّسه بنفسه لمتابعة هذا الحدث ليكون استثنائيًّا، إذ إنّه وضع داخل فريق العمل ستة وزراء هم وزراء الخارجيّة والدفاع والاقتصاد والعدل والتجارة والنقل لاعتبار الرئيس ترامب هذه البطولة مفصلاً تاريخيًّا للولايات المتّحدة والعالم.
سيكون حكمًا الشهر المقبل عند انطلاق كأس العالم للأندية أول امتحان كبير للأميركيّين وللإدارة الأميركيّة لمحاولة استكشاف بداية التحوّل ، وذلك كبروفا ليتكون كأس العالم في حزيران 2026 تغييراً جذريّاً للرياضة في الولايات المتّحدة ومعها العالم أجمع... وللحديث تتمة.