مع اشتداد حدّة العدوان الاسرائيلي على لبنان، مرّت على البلاد ليلة سوداء، مساء السابع والعشرين من أيلول، بعدما نفّذت طائرات حربية إسرائيلية غارات عنيفة على مركز قيادة حزب الله أسفرت عن اغتيال أمينه العام السيد حسن نصر الله. وهو يعتبر "أكبر هجوم" إسرائيلي على لبنان منذ حرب 7 تشرين الأول، إذ شهدت الضاحية الجنوبية لبيروت أكثر من 40 غارة، في أقلّ من 12 ساعة، أعقبت استهداف مقر قيادة الحزب في حارة حريك بـ10 قنابل زنة الواحدة منها طنان. وبحسب بيان صادر عن وزارة الصحة، السبت 28-9-2024، فقد جرى تسجيل 1,640 ضحية، منهم 104 أطفال و194 امرأة، و8,408 جرحى، منذ بدء المواجهات بين إسرائيل وحزب الله قبل نحو عام.
وسجلت الوزارة منذ الجمعة سقوط 11 ضحية و108 جرحى.
ومنذ الثامن من تشرين الأول إلى 15 أيلول الجاري، سقط 610 ضحايا منهم 38 امرأة و17 طفلاً، إضافة إلى 2,056 جريحاً.
وإلى ذلك، شهدت الضاحية نزوح الآلاف إلى مناطق "آمنة نسبياً"، فازدحمت الطرق بالسيارات والدراجات النارية، وشوهد المئات وهم يخرجون من الضاحية مشياً بحثاً عن ملجأ. وانتقل قسم كبير من هؤلاء إلى مراكز إيواء ومدارس رسمية، وافترش قسم آخر الأرصفة في منطقة عين المريسة وساحة رياض الصلح وساحة الشهداء وجوارها.
الهيئة الوطنية لشؤون المرأة
إزاء هذا الواقع، تحرّك عدد من الجمعيات لإغاثة النازحين، ومنها الهيئة الوطنية لشؤون المرأة، التي أكّدت رئيستها كلودين عون لـ "الصفا نيوز" أنّ "الهيئة باشرت قبل العدوان، بتكليف من الحكومة، إعداد الخطّة الثانية لتطبيق قرار مجلس الأمن الدولي 1325 حول المرأة والسلام والأمن، وأجرت سلسلة من اللقاءات في عدد من المناطق لمعرفة حاجات النساء فيها".
وتابعت عون "وبعد نزوح مئات الآلاف من بلداتهم جراء الحرب الهمجية التي تشنّها إسرائيل على لبنان، وتطبيقاً لقرار مجلس الأمن الدولي 1325 حول المرأة والسلام والأمن المتضمّن في محوره الرابع تلبية حاجات النساء والفتيات في الجهود المتعلّقة بالإغاثة والإنعاش خلال النزاعات، عمّمت الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية على مواقع التواصل الاجتماعي وعلى شبكة البيانات التابعة لها، أرقام الخطوط الساخنة التي نشرتها اللجنة الوطنية لتنسيق عمليات مواجهة الكوارث والأزمات لإرشاد النازحين إلى مراكز الإيواء بحسب المحافظات. كذلك سهّلت الهيئة الوطنية عملية التواصل بين الجهات والمنظمات والأفراد الذين يودّون تقديم المساعدات العينية إلى مراكز الإيواء، ومنسّقي توزيع هذه المساعدات في المحافظات بحسب الحاجة في كلّ مركز، من خلال نشر أرقام التواصل على المنصّات التابعة لها".
وأضافت "اتفقت الهيئة الوطنية مع بعض الجهات الدولية الممولة لبرامجها، على رصد قسط من المخصصات المالية الداعمة لمشاريعها بغية تقديمها لأغراض الإغاثة في مراكز الإيواء، لا سيّما لتأمين حاجات الفتيات والنساء، ولإعداد منشورات توعوية للوقاية من تعرضهن لممارسات التحرش الجنسي ومختلف أنواع العنف التي تنتشر عادة في الأماكن حيث يجتمع عدد كبير من السكان على مدى فترة معيّنة".
وأكملت عون "أبلغت الهيئة الوطنية وحدة إدارة مخاطر الكوارث بضرورة أن يأتي المسح الذي تعدّه حالياً للنازحات والنازحين إلى مراكز الإيواء، متضمّناً معلومات تفيد عن أوضاع النساء والفتيات وعن حاجاتهن، ومنها الحفاظ على خصوصيتهن وحمايتهنّ من مختلف أشكال العنف، كالتحرش الجنسي والحرص على شعورهنّ بالأمان داخل المركز وتوفير منتجات النظافة الشخصية والدورة الشهرية، تمهيداً لتلبية هذه الحاجات. وطالبت الهيئة الوطنية وحدة إدارة مخاطر الكوارث بمشاركة النساء في إدارة أعمال التنسيق داخل كلّ مركز إيواء،. هذا ما يوحي مزيداً من الثقة لتشجيع النازحات على التعبير عن حاجاتهن أو عن شكواهن من بعض التصرفات المسيئة. ونقلت الهيئة الوطنية بالتعاون مع عدد من الجمعيات في لبنان، كجمعية أبعاد، الحالات الخطيرة من النساء إلى مراكز آمنة حيث حوالى 700 ملجأ بعدما كان العدد 400".
وحذّرت عون من "خطر تعرّض الفتيات والنساء للعنف بأشكاله كافّة في حالات النزوح"، داعية "المسؤولين على الصعيد المحلّي، وخصوصاً منسّقي مراكز الإيواء، وعلى الصعيد الوطني، إلى اتّخاذ التدابير المطلوبة حفاظاً على أمنهنّ وأمانهنّ. وذكّرت بأرقام الخطوط الساخنة لتلقّي الشكاوى في حالات العنف الأسري والتحرش الجنسي لدى قوى الأمن الداخلي (الرقم 1745) ولدى وزارة التربية والتعليم العالي (الرقم 772000/01).
خلية الأزمة في عرمون
في سياق متصل، بيّن مختار عرمون حسام الحلبي أنّ "مدرسة عرمون الرسمية المختلطة المتوسطة فتحت أبوابها منذ اليوم الأول لاستقبال الأهالي النازحين من الجنوب، ولبّت خلية الأزمة في عرمون النداء وهي مؤلفة من الأحزاب والفعاليات والشيوخ في المنطقة، وبدأنا بالتواصل مع الأهالي عبر رسائل لمعرفة الحاجات المطلوبة، وكنا قد استقبلنا 128 عائلة في المدرسة، ثم ارتفع العدد بعد ضربة الضاحية، إلى 135 أسرة، حتى بات عدد الأشخاص بين 650 و 700 في مركز الإيواء المركزي".
وتابع "بدأنا بتسجيل النازحين الذين سكنوا في عرمون، وقد تسجلت 500 عائلة يبلغ عدد أفرادها 1,500. ونحاول قدر الإمكان تأمين الحاجات من مؤسسات ومبادرات شخصية وأفراد وشيوخ. علماً أن أكثر من 70 في المئة من المساعدات مصدرها مبادرات فردية".
وذكر الحلبي أن "جمعية كاريتاس قدّمت 107 حصص غذائية إلى عدد من الأسر التي جاءت في مستهل موجة النزوح. أما الجمعية النروجية فقدمت 350 فرشة و400 حرام. وقدمت بعض السيدات من أصحاب المؤسسات عدداً من الفرش والحرامات ومواد التنظيف والتعقيم والأكل والشرب والملابس وحليب الأطفال".
وانتقد الجشع لدى بعض التجار الذين يحاولون استغلال الأزمة عبر احتكار السلع الأساسية، مؤكّداً أنّ خلية الأزمة بدأت اجتماعاتها قبل أكثر من 3 أشهر تحضيراً للمرحلة الحالية، فأجرت مسحاً شاملاً للمدارس التي بإمكانها استقبال النازحين، ومنها في بيصور، وبشامون، والبساتين، وعيتات، وكفرمتا، وعين كسور".
وختم الحلبي "رحم الله الشهداء ونتمنى أن يعود النازحون إلى بيوتهم معززين مكرمين".
مبادرة سطوح بيروت
ومن المبادرات الفعالة، مبادرة جمعية "سطوح بيروت" التي قالت رئيستها داليا داغر لـ "الصفا نيوز" إنّ "الجمعية تأسست قبل نحو 12 سنة، وهي انطلقت مبادرة شخصية قبيل عيد الميلاد بإلهام من تيليتون باريس. وبدأنا بمساعدة حالات مرضية مستعصية بتبرعات فاقت الـ7 ملايين دولار. وفي وقت الأزمات وضعنا أهدافاً جديدة لتدريب النساء على مساعدة أسرهن في الأزمات، فرممنا أكثر من 50 منزلاً بعد انفجار مرفأ بيروت، ونلنا تقديراً من الجيش اللبناني لالتزامنا ما تعهدناه، كذلك نلنا وسام الاستحقاق الفضي من رئاسة الجمهورية، ثم أسسنا جمعية ثانية لتلبية الحاجات في بيروت".
وتابعت داغر "مع انطلاق الحرب على لبنان، كان شعارنا "بالفن والثقافة منقدر ندعم بفرح" فأعددنا حفلة بعنوان يا "حبيبي يا جنوب"، هدفنا منها جمع المال لمساعدة ألف عائلة في القرى الحدودية عبر تأمين مستلزمات بقاء وصمود كالمازوت والسلل الغذائية وأدوات التنظيف".
"واليوم، وجهنا هذه المساعدات إلى النازحين، تتابع داغر، ونعمل ضمن إمكاناتنا البسيطة لمساعدة أكبر عدد من الأشخاص. فنحن 5 أشخاص في الجمعية، ومعنا 100 متطوع من نساء وأصدقاء وأطفال. وتمكّنا من تأمين المستلزمات الضرورية، ووزّعنا ما يعادل 1,500 حصّة غذائية"، مشيرة إلى أنّ "هناك قرابة 3,000 عائلة مسيحية مهجرة من الجنوب. ونحن نسعى إلى مساعدة العائلات الباقية في رميش وعين إبل وغيرهما من البلدات الجنوبية. ولمن يرغب في التبرع فليتواصل على الرقم: 03148901".