تستعد مدينة جبيل—أقدم مدن العالم وأحد أهم المرافئ الفينيقية—لاستقبال محطة ثقافية غير مسبوقة في ربيع 2026، مع افتتاح أول متحف رقمي تفاعلي في لبنان بعنوان “الرحلة الكبرى للفينيقيين”.

هذا المشروع المبتكر، المنفذ من قبل الشركة اللبنانية Hybrid Experience، لا يقدّم مجرد معرض، بل تحوّلاً جذرياً في طريقة سرد التاريخ اللبناني عبر تكنولوجيا الوسائط المتعددة، الواقع الافتراضي، والمؤثرات البصرية والصوتية.

تجربة متعددة الحواس… تُعيد كتابة العلاقة مع تاريخ لبنان البحري

سيعيش الزوار رحلة افتراضية تمتد آلاف السنين، من مرافئ صور وصيدون وجبيل وصولاً إلى شواطئ المتوسط التي بلغها الفينيقيون.

المتحف يقدّم التاريخ بطريقة غير تقليدية:

- تفاعل مباشر مع خرائط ومسارات التجارة الفينيقية.

- محاكاة للإبحار عبر سفن رقمية.

- عرض تطوّر الأبجدية الفينيقية بتجربة حسية.

- مؤثرات صوتية وبصرية تجعل الزائر جزءاً من القصة.

هذه التجربة لا تستهدف فقط المتخصصين والطلاب، بل أيضاً العائلات والسياح وكل من يريد رؤية لبنان من زاوية جديدة: زاوية الابتكار والفخر بالهوية.

خطوة تحمل أبعاداً تتجاوز الثقافة

1 . بُعد ثقافي هويّاتي:

لبنان الذي يرزح تحت أزماته، يعود ليقول: لدينا تاريخ عالمي… ولدينا القدرة على روايته بأحدث لغات العصر.

إعادة تسليط الضوء على إنجازات الفينيقيين—من الأبجدية إلى الملاحة—تعزز الشعور بالانتماء وتعيد ربط اللبنانيين بهويتهم المتوسطية.

2 . بُعد سياحي اقتصادي:

هذا المتحف هو بوابة لما يُعرف عالمياً بـ السياحة الإبداعية (Creative Tourism)، وهي من أسرع الصناعات الثقافية نمواً.

التجربة الرقمية الجاذبة اليوم أصبحت من أهم المحركات السياحية، خصوصاً لجيل الشباب والسياح الباحثين عن تجارب “غامرة”.

المتوقع أن يتحول المتحف إلى وجهة دائمة، مما يعزّز الحركة الاقتصادية في جبيل عبر:

- زيادة عدد الزوار.

- تنشيط القطاع الفندقي والمطاعم.

- خلق فرص عمل في مجالات التكنولوجيا الثقافية.

3 . بُعد تكنولوجي–إبداعي:

لبنان، رغم كل الظروف، يبرهن على امتلاكه لمواهب تعمل في مجال التجارب الرقمية الغامرة، وهو قطاع يزدهر عالمياً.

وجود مشروع بهذا المستوى المنفذ محلياً يضع لبنان من جديد على خريطة الابتكار.

نحو “لبنان جديد” يروي ماضيه عبر تكنولوجيا المستقبل

يقول الخبير في التحول الرقمي الياس الأشقر، في حديثه لموقع "الصفا نيوز": "هذا المتحف ليس مشروعاً سياحياً فقط، بل خطوة تأسيسية لدخول لبنان في صناعة التجارب الرقمية الثقافية. العالم يتجه نحو المتاحف غير التقليدية، حيث يندمج الفن بالتكنولوجيا. دخول لبنان إلى هذا المجال يعني بداية صناعة جديدة يمكن أن تُدرّ دخلاً كبيراً وتعيد للبنان مكانته الثقافية في المنطقة.”

“ويضيف الأشقر "الأهم هو الرسالة: لبنان، رغم الانهيار، قادر أن يبتكر ويقود. وهذا النوع من المشاريع يغيّر صورة البلد في الخارج، من بلد أزمات إلى بلد إبداع.”

لماذا جبيل؟

جبيل هي نقطة الانطلاق الطبيعية:

- مدينة عمرها 7000 سنة.

- من هنا انتشرت الأبجدية.

- أحد أهم مرافئ الإبحار الفينيقي.

- مدينة تجمع التاريخ والتراث بالسياحة الحديثة.

اختيار جبيل رسالة بحد ذاته:

- لبنان لا يعيش على الماضي… بل يعيد توظيفه لبناء مستقبل جديد.

- نحو 2026: لبنان يدخل عصر "السياحة التفاعلية"

من المتوقع أن تكون تجربة “الرحلة الكبرى للفينيقيين” بداية لمسار أوسع:

- مشاريع مشابهة لملوك فينيقيا، الأبجدية، الصيد البحري…

- جولات رقمية في معابد بعلبك وصور.

- تعاون بين فنانين لبنانيين وشركات تكنولوجيا لخلق محتوى ثقافي حديث.

- لبنان يمكنه أن يصبح مركزاً إقليمياً للتجارب الثقافية الرقمية إذا تم الاستثمار في هذا الاتجاه.

- افتتاح أول متحف رقمي تفاعلي في جبيل عام 2026 ليس مجرد مشروع ثقافي.

إنها رسالة أمل، خطوة اقتصادية، ثورة تكنولوجية، وعودة فخورية إلى جذور لبنان كحضارة بحرية عالمية.

إنه تأكيد أن لبنان—برغم كل التحديات—لا يزال قادراً على الإبداع، الريادة، وصناعة المستقبل.