النباتات تعاني أحياناً من الضغط المائي. في أوروبا بروكسل، تتساقط المعايير كالأمطار في غرافيلوت! يتمركز في أوروبا، بمفردها، 80 إلى 90% من المعايير الزراعية. الزراعة تخضع لاختصاص بروكسل منذ تنفيذ السياسة الزراعية المشتركة. فرنسا، في الواقع، تستفيد من هذه السياسة الزراعية المشتركة حيث يتلقّى المزارعون الفرنسيون 9.5 مليار يورو في السنة... الصناعيون الزراعيون يأخذون النصيب الأكبر من هذه الثروة المالية.

لكن، إذا كانت "المعايير الأوروبية تتهاوى"، فإنّ فرنسا، البلد الذي يُقال عنه أنّ به 400,000 معيار، مضافاً إليها أطناناً أخرى. بالإضافة إلى نقل المعايير الأوروبية، الإدارة الفرنسية لا تتوقّف عن مراكمة المعايير الأخرى! الأمر يبعث على الجنون! "كفّوا عن إزعاج المزارعين"، ربما كان جورج بومبيدو سيصرخ.

سواء كان الأمر يتعلّق بالغذاء الحيواني، الكائنات المعدّلة وراثياً، المدخّلات في العديد من المحاصيل مثل الأرز، ومهل البناء... كل ّوزارة تأتي بمجموعتها الخاصة من التنظيمات الجديدة، وكذلك الأقاليم والمقاطعات! نحن نقتل الزراعة الفرنسية!

البيروقراطية تقوّض مزارعينا: يقضي مزارع في المتوسط تسع ساعات في الأسبوع لملء النماذج. بالنسبة لـ12% منهم، قد يصل الأمر حتّى إلى 15 ساعة في الأسبوع.

إلى جانب هذا الفوضى في المعايير، الوثائق المرسلة بواسطة "الرجال الصغار الرماديين" من إدارة استولت على السلطة، تأتي الآن الصفقة الخضراء الكبيرة من بروكسل ودفعتها الجديدة من القيود العبثية. كل ذلك مغموس في إيديولوجية ملوّثة لبيئة سياسية متطرّفة.

الخطّة الخضراء التي تمّت مناقشتها في بروكسل تتوقّع تحويل 10% من الأراضي إلى مراعي، ممّا يؤدي إلى انخفاض في الإنتاج الزراعي بنسبة 15% كما اعترف به "البيروقراطيون" في بروكسل... 15% أقلّ من الإنتاج الزراعي؟ إذاً، المزيد من الواردات!! هذه هو القمة! الواردات من أقاصي الأرض، بفضل الاتفاقيات الشهيرة للتجارة الحرّة، مع كندا، تشيلي، فيتنام، في المجمل: 42 اتفاقية للتجارة الحرة (ALE) تضمّ 74 دولة شريكة موزّعة على القارات الخمس! الاتفاقية مع ميركوسور معلّقة ببركة وحيدة من أورسولا فون دير لاين!

من يتحكّم في الامتثال للمعايير الأوروبية لهذه المنتجات القادمة من جميع أنحاء العالم؟!! إنّها سخافة! فما هي البصمة الكربونية للحليب القادم من نيوزيلندا أو الدجاج من البرازيل؟ هل تسمعون للبيئيين الفرنسيين؟ لا كلمة ضدّ هذه البيئة السياسية للمدنيين العصريين!

العالم الزراعي الفرنسي يموت ومعه سيادتنا الغذائية وأيضاً جزء من تاريخنا وجذورنا... هذا ما تقوم بروكسل بتدميره على مدى عقود!! نعم، تاريخنا، الذي كان هدفاً لموجة الصحوة، يختنق، مخنوق بالمعايير، العولمة الليبرالية...

عدد المزارعين الفرنسيين ينهار. لم يتبقّ سوى 380,000 مزرعة... سخرية المضلّلين الأوروبيين تعتقد أنّه بزوال الفلّاحين ستكون الأرض حرّة. هل هذه حسابات بروكسل؟ نحن في صدد "قتل الزراعة الفرنسية" كما يكتب الاقتصادي نيكولا بافيريز. ماذا سيفعل ماكرون في القمّة الأوروبية الأولى من شباط؟ يتحدث فقط عن "السيادة الأوروبية"، هل يمكنه الدفاع عن سيادتنا الغذائية التي تمرّ عبر السيادة الوطنية!