ريتا ماريا سعد 

يحتفل العالم في الثامن من آذار من كل عام بيوم المرأة العالمي للاحتفاء بجهود المرأة ودورها الفعال في شتى مجالات الحياة، ويعبّر العالم في هذا اليوم عن حبه وتقديره للمرأة وما قامت وما زالت تقوم به من إنجازات اجتماعية وسياسية واقتصادية بارزة في المجتمع العالمي، كما يهدف هذا اليوم لكسر التمييز الجندري. بالإضافة إلى إنه يوم رمزي هدفه التفكير بالعنف الذي لا يزال يؤثرعلى النساء في جميع أنحاء العالم حتى اليوم.

وواقعياً رغم التطور في الحضارة الإنسانية، إلا أنه لا تزال هناك مساحة فاصلة بين الرجال والنساء في الكثير من الأمور، بما في ذلك الدول المتقدمة وقد تنبأ المؤتمر الاقتصادي العالمي دافوس بأن هذه الفجوة لن تغلق تماما إلا بحلول عام 2186.

تاريخ الإحتفال بيوم المرأة العالمي

انبثق اليوم العالمي للمرأة عن حراك عمالي ثم أصبح حدثاً سنوياً اعترفت به الأمم المتحدة. ففي عام 1908 خرجت 15 ألف امرأة في مسيرة احتجاجية بشوارع مدينة نيويورك الأمريكية يطالبون بساعات عمل أقصر، بأجور على، وحق التصويت.

وفي شباط 1909 ولدت فكرة يوم المرأة في الولايات المتحدة الأميركية، بمبادرة من الحزب الاشتراكي الأميركي. ونظم لأول مرة يوم المرأة القومي في نيويورك في 28 شباط بناءً على اقتراح الناشطة العمالية تيريزا مالكيل. وحتى عام 1913، استمرت النساء في الولايات المتحدة الأميركية بالاحتفال باليوم الوطني للمرأة في يوم الأحد الأخير من شهر شباط.

في عام 1910، استضافت كوبنهاجن المؤتمر الدولي الثاني للمرأة العاملة، حيث اقترحت الناشطة الألمانية كلارا زيتكين، مفهوم يوم المرأة العالمي. وأوصت بأن يتم الاحتفال كل عام في يوم المرأة في كل بلد لتكريم نضال النساء من أجل مطالبهن. وافقت أكثر من 100 امرأة من 17 دولة، يمثلن النقابات والأحزاب الاشتراكية والمنظمات النسائية وأول 3 نساء منتخبات في البرلمان الفنلندي، بالإجماع على اقتراح زيتكين وهكذا ظهر يوم المرأة العالمي.

تم الاحتفال باليوم العالمي للمرأة لأول مرة في النمسا والدنمارك وألمانيا وسويسرا في عام 1911، بعد توافق الآراء الذي تم التوصل إليه في كوبنهاجن بالدنمارك. ومع ذلك، لم يتم اعتماد يوم المرأة العالمي رسمياً من قبل الأمم المتحدة إلا في عام 1977، إذ تم اعتماد قرار تقترح بموجبه كل دولة تحديد يوم واحد في السنة "يوم الأمم المتحدة لحقوق المرأة والسلام الدولي" والعديد من البلدان اختارت 8 آذار.

وفي الولايات المتحدة الأميركية، يعتبر شهر آذار شهر تاريخ المرأة، ويصدر إعلان رئاسي كل عام يحتفي بإنجازات المرأة الأمريكية.

وفقاً لموقع حملة يوم المرأة العالمي اللون البنفسجي الأخضر والأبيض هي ألوان اليوم العالمي للمرأة، فاللون البنفسجي يرمز الى العدالة والكرامة، أما اللون الأخضر يرمز إلى الأمل، ويمثل اللون الأبيض النقاء.

في عام 1908 كان الاتحاد الاجتماعي والسياسي للنساء في المملكة المتحدة هو أول من استخدم هذه الألوان.

في عام 1946، ارتبط يوم المرأة برمز الميموزا، هي زهرة صفراء تزهر مطلع آذار اختارها منظمو الاحتفالات في العاصمة الإيطالية روما لأنها زهرة موسمية غير مكلفة، حيث يتم تبادلها في تقليد بدأ في روما بعد الحرب العالمية الثانية. ويبدو الاختيار لمعنى اللون الأصفر هو لون القوة والحيوية والفرح كما يمثل العبور من الموت إلى الحياة، لذلك أصبحت الميموزا الرمز الذي يستذكر معارك النساء من أجل المساواة بين الجنسين.

يعد اليوم العالمي للمرأة يوم عطلة وطنية في كثير من الدول، بما في ذلك روسيا التي تتضاعف فيها مبيعات الزهور. وفي الصين، تحصل نساء كثرعلى إجازة لنصف يوم في 8 آذار.

نموذج عربي لبناني مشرف في يوم المرأة العالمي

وخلال اليوم العالمي للمرأة لابدّ ان نستذكر مناضلات رائدات لبنانيات سطرن تاريخاً بارزاً من خلال مسيرتهن من أبرزها المناضلة اللبنانية ليندا مطر، التي يقام حفل تأبيني لها كونها كانت رئيسة المجلس النسائي اللبناني سابقاً ليندا، بدعوة من المجلس في مقره في الصنائع. يتخلله كلمة لرئيس لجنة المرأة والطفل في البرلمان اللبناني النائبة الدكتورة عناية عز الدين وشخصيات أخرى.

ناضلت مطر خلال أكثر من 70 عاماً من أجل حقوق المرأة ومساواتها مع الرجل من خلال الجمعيات غير الحكومية التي أسستها.

ولدت مطر في 25 كانون الأول 1925، من عائلة متوسطة الحال، وبدأت دراستها بمدرسة "دار المحبة" في بيروت، ثم انتقلت إلى مدرسة "الناصرة"، وبعد أن انهت المرحلة المتوسطة، اضطرت إلى ترك المدرسة لظروفٍ مادية، فعملت في معمل جوارب حيث تفتحت عيونها على معاناة المرأة في مجال العمل، وعندما بلغت السادسة عشرة من عمرها، أكملت دراستها الثانوية ليلاً، لتعمل خلال النهار وتزوجت في سن مبكرة، وهي أمٌ لـ3 أولاد.

انتسبت إلى جمعية حقوق المرأة اللبنانية في بداية الخمسينيات، حيث تدرجت من عضو عادي إلى رئيس الجمعية عام 1978. بدأت مسيرة ليندا التي توّجت بالعديد من النجاحات، منها تأسيس هيئات نسائية منها : لجنة الأمهات في لبنان، والهيئة اللبنانية لمناهضة العنف ضد المرأة .

عام 1996 انُتخِبت رئيسة للـمجلس النسائي لـ4 أعوام، وترشحت للانتخابات النيابية في العامين 1996 و 2000  لكنها لم تنجح، كما شاركت في العديد من المؤتمرات العربية والإقليمية، كمؤتمرات الأمم المتحدة في المكسيك، وكوبنهاجن، ونيوروبي، وبكين، حيث قدمت محاضرات عن المرأة والنزاعات المسلحة، كما انتُخبت عضواً في مكتب المجلس الاقتصادي والاجتماعي في لبنان.

بالأضافة الى ذلك كتبت العديد من المقالات الصحافية حول موضوع المرأة، الديمقراطية، وحقوق الإنسان.

حازت على أكثر من تكريم من عدة جمعيات مدنية منها الحركة الثقافية في أنطلياس، والمجلس النسائي اللبناني. كما تسلّمت وسام الأرز اللبناني عام 1998 ولقبت برائدة العمل النسائي للعام 2002، وكرمتها الشيخة فاطمة بنت مبارك.