كرة القدم كما العديد من الرياضات والأنشطة في العالم لا تنصف نجومها اليوم في أغلب الأحيان.
منذ إنطلاقة ما يعرف بجائزة أفضل لاعب لكرة القدم في العالم في عام 1956 تحت اسم جائزة الكرة الذهبيّة أو "بالون دور" لم تكن بطولات كرة القدم الوطنيّة دائماً عادلة في اختياراتها، على الرغم من أنّها كرّمت العديد من اللاعبين الّذين سطّروا أسماءهم في تاريخ اللعبة.
ففي عصرنا الحاليّ، تأثّرت تلك الجائزة بجوانب غير فنّيّة دعائيّة واقتصادية وتسويقيّة، فجاءت نتيجة تلك العوامل ظالمة بالنسبة لأسماء كانت مراراً تستحقّ هذا التكريم.
ومع دخول نفوذ قطبي الألبسة الرياضيّة "أديداس و"نايكي" بشكل "غير مبطّن" كما كان يجري في السابق كطرف مؤثّر في التدخّل بانتقاء أسماء الفائز لأكثر من عقد كامل من الزمن بين كريستيانو رونالدو (الوجه الأبرز لـ "نايي") حامل الكرة الذهبيّة خمس مرّات والأرجنتينيّ ليونيل ميسي (الوجه الأبرز لـ "أديداس") وحامل الكرة الذهبيّة 8 مرّات، في صراع وجهه رياضيّ لكنّ حقيقته تجاريّة بين عملاقي الألبسة الرياضيّة على حساب أسماء كانت تستحقّ على الأقلّ ولو إحراز جائزة الكرة الذهبيّة لمرّة واحدة خلال مسيرتها الاحترافيّة.
من هنا، نستعرض أسماء كانت هي من تستحقّ التتويج وسط احتدام الصراع بين ميسي ورونالدو، وهم النجم الإسبانيّ أندريس إنييستا الّذي قاد في عام 2010 منتخب إسبانيا إلى إحراز لقب كأس العالم للمرّة الأولى والوحيدة في تاريخها مع فوزها في مونديال جنوب أفريقيا، بعدما قاد منتخب إسبانيا إلى شقّ طريقه إلى نهائيّ المسابقة وتسجيل هدف الفوز في النهائيّ أمام هولّندا. وهو كان قد تقاسم في العام نفسه مع الأرجنتينيّ ميسي كلّ الألقاب الّتي فاز فيها فريق برشلونة في البطولات الوطنيّة في إسبانيا وأوروبّا، ولكنّ الجائزة الذهبيّة ذهبت إلى ميسي والمركز الثاني اكتفى بها بطل العالم إنييستا.
هذا في عام 2010، أمّا في عامي 2020 و2021، فقد كان بارزاً أنّ هناك من يمنع اختيار لاعب آخر لإحراز الجائزة من خارج ثنائيّة ميسي ورونالدو .
فقد فاز البولّنديّ روبرت ليفاندوفسكي بكلّ الألقاب الممكنة وحوّل فريقه بايرن ميونيخ إلى قوّة ضاربة لم ترحم أحداً. وكان ليفاندوفسكي الأحقّ بلا جدل بالفوز بالكرة الذهبية في عام 2020، بعدما قدّم أداء غير مسبوق مع الفريق البافاريّ الّذي سجّل له 55 هدفًا وقاده إلى إحراز الخماسيّة التاريخيّة، فجمع في خزائن فريقه لقب البطولة والكأس ولقب دوري الأبطال "تشامبينز ليغ"، إضافة إلى كأس السوبر الأوروبيّ وكأس العالم للأندية. فجاء قرار المؤتمنين على الجائزة الذهبيّة بين مجلّة فرانس فوتبول والاتّحاد الأوروبيّ لكرة القدم بإلغاء جائزة البالون دور لعام 2020 بحجّة جائحة كورونا كي لا تتسبّب بكسر احتكار الثنائيّ ميسي ورونالدو للجائزة. وجاءت خيبة الأمل مضاعفة في العام التالي 2021، حين اكتفى ليفاندوفسكي بالمركز الثاني خلف الأرجنتينيّ ليونيل ميسي، على الرغم من أنّه سجّل 48 هدفاً في موسم 2020-2021، وواصل تألقه بتسجيل 25 هدفاً في الموسم الجديد. وحتّى اعتراف ميسي نفسه بأنّ ليفاندوفسكي كان يستحقّ جائزة 2020، لم يشفع ذلك للنجم البولّنديّ الّذي حصل فقط على جائزة "أفضل مهاجم في العالم"، لتبقى قصّته شاهدة على أنّ الكرة الذهبيّة لا تنصف دائماً من يستحقّها.
هذا دليل بالأرقام والإحصاءات من لائحة أسماء العديد من اللاعبين ممّن كانوا يستحقّون إحراز الكرة الذهبيّة مثل السويدي زلاتان إبراهيموفيتش والفرنسيّ فرانك ريبيري والحارس الإيطاليّ جيان لويجي بوفون وغيرهم في لائحة قد تطول وتطول للاعبين طبعوا تاريخ كرة القدم ولكن اللعبة لم تنصفهم ولو لمرّة واحدة.
فهل باتت كرة القدم في عصرنا هي صورة مصغّرة عمّا يعيشه العالم؟ أي أنّ الرياضة وكرة القدم تحديداً هي أبعد ما تكون اليوم عمّا كانت تتغنّى به سابقاً بأنّها لعبة الفقراء.
يرجى مشاركة تعليقاتكم عبر البريد الإلكتروني:
[email protected]
