لم تعد بطولة العالم في الفورمولا وان مجرّد الحدث الأبرز في رياضة المحرّكات العالميّة. فقد أصبحت استثماراً كبيراً جدّاً على مساحة الكرة الأرضيّة تجاوز بشكل مطلق مجرّد المفهوم الرياضيّ نحو أفق جديد على صعيد الرعاية والإعلان والصناعة والسياحة، وصولاً إلى استعمال السباق كمنصّة لفرض السيطرة بين القوى العظمى على صناعة السيّارات والمحرّكات.
كلّ شيء كان قد انطلق كمجرّد حدث رياضي في عام 1950، منذ 75 عاماً، عندما أطلقت بريطانيا السباق الأوّل لما يعرف بسيّارات الفورمولا (السيّارات ذات الهيكل الرياضيّ بامتياز والمؤلّف من مقعد واحد) على حلبة سيلفرستون في إنكلترا.
وكون تلك السباقات جاءت مثيرة وحماسيّة، تحوّلت تلك السباقات سريعاً إلى أحد أبرز المحطّات الرياضيّة في العالم، فاستقطبت على مرّ السنوات الأضواء وتنافس على فرقها كبار المعلنين والداعمين لتتحوّل إلى صراع كبار الصانعين في العالم.
ومع دخول الابتكارات التكنولوجيّة والهندسيّة بين فرقها، بدأت فرق الفورمولا تتنافس على ابتكار أحدث التكنولوجيا والتصاميم الهندسيّة على هيكلها لتحقيق أقصى قدر من الأداء والسرعة. فأصبحت الفورمولا وان اليوم تتميّز بمحرّكات عالية الكفاءة والقدرة بالتوازي مع تكنولوجيا أنظمة الديناميكيّة الهوائيّة والإطارات المخصّصة لتتحمّل ظروفاً أقوى، فأضحت تلك الرياضة مرآة لصراع كبار الصانعين في العالم.
الفورمولا أكبر بكثير من مجرّد رياضة
وابتداء من عام 2003، وبعد قرار الاتّحاد الأوروبّيّ حجب كلّ الإعلانات من شركات التبغ وهي الراعي الأكبر آنذاك لكلّ الأحداث الرياضيّة وبشكل خاصّ الفورمولا وان، جاء قرار الاتّحاد الدوليّ للسيّارات بتسريع فتح أسواق جديدة خارج أوروبّا تكون بديلة لرعاية تلك الرياضة المكلفة، فدخلت على الخطّ الأسواق الخليجيّة وأسواق جديدة في شرق آسيا وبدأت الفورمولا وان تتحوّل إلى وعاء استثماريّ ضخم
اليوم انضمّت إلى روزنامة الفورمولا وان أبرز الدول في العالم من حيث القوّة الشرائيّة والاقتصاديّة، إذ امتدّت هذه البطولة إلى خارج أوروبّا، إلى أربع حلبات خليجيّة هي المملكة العربيّة السعوديّة وقطر والإمارات العربيّة المتّحدة والبحرين، وكذلك إلى قطبي شرق آسيا الصين واليابان وأغنى المدن في الولايات المتّحدة الأميركيّة، وهي ميامي ولاس فيغاس وأوستن في تكساش.
دخول الصانع الأميركيّ جنرال موتورز إلى البطولة في عام 2026
وبعدما تحوّلت الولايات المتّحدة الأميركيّة إلى أكبر وجهة لاستقبال مراحل من روزنامة بطولة العالم في الفورمولا وان، جاء قرار الصانع الأكبر في الولايات المتّحدة جنرال موتورز بدخوله في بطولة العالم في عام 2026 بفريق كاديلاك.
وسيستعين فريق كاديلاك في مرحلة انتقالية تستمر سنتين بفريق فيراري وسيعقد معه اتفاقية تعاون يستخدم خلالها الصانع الأميركي وحدة الطاقة وناقل الحركة من الصانع الإيطالي، على أن يعتمد محركه الخاص من صنع جنرال موتورز بالكامل.
وقد أكّد مارك رويس رئيس جنرال موتورز في هذا السياق أنّ "بطولة العالم للفورمولا وان في العام المقبل ستكون منصّة عالميّة لنا لاستعراض خبرة جنرال موتورز الهندسيّة وقوّتها وريادتها التكنولوجيّة على مستوى جديد بالكامل".
ويبقى الانتظار لاستكشاف أهداف الصانع الأميركيّ من مشاركته بين فرض وجوده على أبرز رياضة محرّكات في العالم أو فرض السيطرة المطلقة أيضاً للولايات المتّحدة الأميركيّة على الرياضة ككلّ وفي مقدّمتها الفورمولا وان.