سؤال يشغل بال المستثمرين حول العالم: هل ما زال الوقت مناسباً لشراء الذهب، أم أن الأسعار باتت قريبة من الذروة؟

الواقع أن الذهب حقق ارتفاعًا قويًا منذ بداية عام 2025، إذ قفز بنحو 14% خلال أشهر قليلة فقط، متجاوزًا كل التوقعات.

في الحقيقة، لم تكن البنوك الاستثمارية تتوقع أن يصل سعر الذهب إلى 3,000 دولار في وقت مبكر من هذا العام. بل كان هذا الرقم يُعتبر هدفًا لنهاية 2025، لا لبدايته. هذا يدفعنا إلى ضرورة النظر في الصورة الأشمل قبل اتخاذ أي قرار استثماري.

أولاً: السياق التاريخي لحركة الذهب

تُظهر البيانات التاريخية أن الذهب، في كل مرة يُسجل فيها رقمًا قياسيًا جديدًا، يتبعه غالبًا نوع من التصحيح السعري.

ففي عام 2011، بعد الأزمة المالية العالمية، بلغ الذهب 1,920 دولارًا للأونصة، لكنه فقد نحو 45% من قيمته خلال السنوات الأربع التالية.

وفي ذروة جائحة كورونا عام 2020، وصل السعر إلى 2,072 دولارًا، قبل أن يتراجع بنسبة 19% خلال فترة لاحقة.

ما الدرس المستفاد؟

الارتفاعات الكبيرة تُقابل عادةً بحركات تصحيح، غير أن توقيت هذه التصحيحات وحجمها يبقيان مجهولين. لذا من الحكمة أن نُبقي هذا الأمر في الحسبان.

ثانيًا: آفاق الأسعار المستقبلية

مع بلوغ الذهب مستوى 3,000 دولار، عدلت كبرى المؤسسات المالية توقعاتها لتشير إلى أن السعر قد يتجه نحو 3,500 دولار بنهاية 2025.

ويُعزى هذا التوجه إلى عوامل عدة، أبرزها التوترات الاقتصادية العالمية واحتمال عودة دونالد ترامب إلى رئاسة الولايات المتحدة، ما يعزز من جاذبية الذهب كملاذ آمن للمستثمرين.

وبحسب العديد من الخبراء، فإن هذه العوامل الجيوسياسية والمالية قد تستمر في دعم أسعار الذهب على المدى القصير والمتوسط.

ما القرار الأمثل؟

بدلاً من المخاطرة بشراء الذهب بشكل كامل عند مستويات مرتفعة، ينصح الخبراء باتباع استراتيجية الشراء المتدرج. أي تخصيص جزء صغير من الدخل للاستثمار في الذهب شهريًا، وبالتالي تقليل تأثير التذبذبات المفاجئة في السوق، والاستفادة من متوسطات الشراء في المدى الطويل.

كما يشير التحليل الفني إلى أن منطقة الدعم الأقوى للذهب حالياً تقع ما بين 2,832 و2,930 دولاراً، وهي مستويات يُتوقع أن يتراجع إليها الذهب قبل أن يعاود صعوده مجددًا نحو قمة جديدة.

الذهب ما يزال أصلًا جاذبًا، لكنه يقترب من مستويات مرتفعة للغاية. التسرع في الشراء قد يكون مكلفًا، لذا يبقى الخيار الأمثل هو التحرك بحكمة، واستغلال الفرص عند كل تراجع مدروس، بدلاً من اتخاذ قرارات سريعة عند قمم السوق.