في خطوة قضائية هامة، نجحت حملة مناصرة لإنقاذ محمية شاطئ صور من تهديدات مشروع بناء في المنطقة العازلة لها، وذلك بفضل الجهود الجماعية المبذولة من صحافيين استقصائيين، وجمعية الأرض لبنان، وعدد من الجمعيات البيئية في منطقة صور، والمجموعات الأهلية المحلية. الحملة التي حملت أهدافًا بيئية وتاريخية، كانت دافعًا أساسيًا في إيقاف الأعمال الجارية في المنطقة التي تمتد على أرض غنية بالآثار وتعدّ جزءًا من التراث اللبناني.

ما القصة؟

بحسب المعلومات التي استحصل عليها موقع "الصفا نيوز" فانه ومن خلال توثيق المخالفات البيئية فضحت جمعية الأرض لبنان الأنشطة غير القانونية، حيث قامت بزيارات ميدانية متكررة لتوثيق الأضرار التي لحقت بالمحمية. هذه الجهود لم تقتصر على الكشف عن المخالفات فحسب، بل استمرت في تقديم الدعم القانوني من خلال جمعية لبنانية للحفاظ على صور التي تقدمت بدعوى أمام قاضي الأمور المستعجلة في صور.

في 2 نيسان 2025، أصدر القاضي قرارًا قضائيًا هاما، حيث تم وقف الأعمال الجارية على العقارات التي تشمل الأراضي رقم 150، 450، 1517، 1521، 1522، 1523، 1524، 1525، 1526، 1527، 1528، 1570، 1571، 1572، 1573، 1574، و1575. كما تم فرض غرامة يومية قدرها مئة مليون ليرة لبنانية عن كل يوم تُخالف فيه القرارات القضائية. بالإضافة إلى ذلك، تم تعيين خبير مختص لتقييم الأضرار البيئية والأثرية الناتجة عن المخالفات.

يعتبر هذا القرار إنجازًا جماعيًا غير مسبوق في مجال حماية البيئة والتراث، حيث يُجسد قوة العمل المشترك بين الجمعيات البيئية والمجتمع المحلي. ويُعد هذا الحكم تأكيدًا على قدرة الجهود القانونية والمدنية في التصدي للتهديدات التي تواجه المحمية الطبيعية ومدينة صور التاريخية.

فيما يتابع المجتمع المدني والمؤسسات البيئية متابعة تنفيذ هذا القرار، تظل حماية محمية شاطئ صور وآثار مدينة صور التاريخية من أولويات الحملة المستمرة لضمان عدم المساس بهذه المنطقة الحساسة.

عدد المحميات الطبيعية في لبنان وأهميتها

يعد لبنان من البلدان التي تضم العديد من المحميات الطبيعية التي تعتبر من أبرز كنوزها البيئية. في لبنان، يوجد حاليًا 15 محمية طبيعية موزعة على مختلف المناطق الجغرافية. من أبرز هذه المحميات: محمية أرز الشوف، محمية اليرزة، محمية جزين، محمية جبل موسى، محمية حوف، وغيرها. تتميز هذه المحميات بتنوع بيئي كبير، يضم العديد من النباتات والحيوانات النادرة التي تعكس ثراء الطبيعة اللبنانية.

أهمية المحميات الطبيعية

في هذا الإطار تلفت الناشطة الاجتماعية والبيئية، د. جوزفين زغيب، في حديثها لموقع "الصفا نيوز" إلى أنّه "تلعب المحميات الطبيعية دورًا أساسيًا على الصعيد البيئي، حيث تعد أماكن حفظ للتنوع البيولوجي وحماية للأنواع المهددة بالانقراض. كما تساهم هذه المحميات في حماية النظم البيئية التي تُعد حيوية للحفاظ على توازن الطبيعة، مثل الغابات، والمناطق الرطبة، والسواحل".

وتتابع زغيب "على الصعيد السياحي، تعتبر المحميات الطبيعية وجهات سياحية هامة تشجع على السياحة البيئية التي تساهم في جذب الزوار المحليين والدوليين. فزيارة هذه المحميات توفر للزوار فرصة للاستمتاع بجمال الطبيعة والتعرف على التراث البيئي والثقافي للمنطقة".

أما من الناحية الاقتصادية، تقول زغيب إن "المحميات الطبيعية تشكل مصدرًا هامًا للعائدات المالية عبر السياحة البيئية، والزراعة المستدامة، والأنشطة البيئية المدعومة من الجهات الحكومية والمنظمات الدولية. كما تساهم المحميات في تعزيز التنمية المستدامة التي توازن بين الحفاظ على البيئة وتحقيق الفوائد الاقتصادية للمجتمعات المحلية".

ما المطلوب لحماية المحميات الطبيعية؟

لحماية المحميات الطبيعية في لبنان، يقول الخبير البيئي وائل حميدان، في حديث خاص لموقع "الصفا نيوز" إنه "لا بد من تعزيز القوانين والتشريعات البيئية لتوفير حماية قانونية فعالة لهذه المناطق. يجب أن تشمل هذه الإجراءات تشديد الرقابة على الأنشطة البشرية في محيط المحميات، ومنع أي تعديات قد تضر بالبيئة أو الموارد الطبيعية".

ويضيف "كما يتطلب الأمر تفعيل دور المجتمع المدني في التوعية بمخاطر تدمير البيئة وتشجيع المواطنين على المشاركة في جهود الحفاظ على المحميات. دور الجمعيات البيئية والمحلية أساسي في رصد المخالفات، وتوثيقها، والعمل مع السلطات المعنية لفرض القوانين بشكل صارم".

ويختم "يجب أيضًا تشجيع السياحة البيئية المستدامة التي تحترم البيئة والمحميات الطبيعية، وتساهم في توفير دخل مستدام للمجتمعات المحلية. من خلال هذه الجهود المشتركة، يمكن ضمان حماية هذه المحميات للأجيال القادمة، والاستفادة من فوائدها البيئية، السياحية، والاقتصادية".