تؤكد قاعدة بيانات الصحة لمنظمة الصحة العالمية على أهمية تعزيز الترابط الاجتماعي كاستراتيجية للصحة العامة تهدف إلى خفض معدلات الانتحار. كما خلصت دراسة طويلة الأمد استمرت لأكثر من 80 عامًا بجامعة هارفارد إلى أن الأشخاص الأكثر ارتباطًا اجتماعيًا يعيشون لفترة أطول ويتمتعون بسعادة أكبر. إذ تساعد العلاقات الاجتماعية في إدارة التوتر، بينما يؤدي العزل إلى ضغوط مزمنة ترفع مستويات هرمونات التوتر وتزيد من التهابات الجسم.
العثور على الدعم في الفضاءات الرقميّة
وجدت دراسة بحثية أجريت على طلاب الجامعات أن وسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن تكون مصدرًا للدعم الاجتماعي خلال أوقات التوتر. وكشفت النتائج أن المشاركين كانوا أكثر ميلًا للجوء إلى وسائل التواصل الاجتماعي بدلاً من الآباء أو المختصين النفسيين للحصول على الدعم، وفضلوا الانضمام إلى مجتمعات متشابهة في الاهتمامات مثل مجتمعات المعجبين.
بالنسبة إلى الكثيرين، خصوصًا الذين يعانون من إعاقات جسدية، توفر المجتمعات الافتراضية وسيلة فعالة لتقليل العزلة الاجتماعية وتعزيز الشعور بالانتماء. كما وجدت الدراسات أن الأفراد الذين يشاركون في هذه المجتمعات يشعرون بالدعم الاجتماعي، ما يعزز من رفاهيتهم وعلاقاتهم الإيجابية مع الآخرين.
مجتمعات المعجبين الافتراضية
يشعر المعجبون غالباً بالانتماء عند التفاعل مع أفراد يشاركونهم نفس الشغف. أظهرت دراسة حديثة واسعة النطاق أن حضور الأحداث الرياضية الحية يحسن الرفاهية ويقلل الشعور بالوحدة، حتى لو كان الشخص مجرد متفرج. تعزز المشاركة في هذه الأحداث، سواء كانت مباريات رياضية أو حفلات موسيقية أو عروض تلفزيونية، مشاعر الانتماء من خلال إطلاق النواقل العصبية مثل الدوبامين والإندورفين، ما يزيد من الشعور بالسعادة.
حتى عند متابعة المباريات أو العروض عن بُعد، يوفر التفاعل عبر الإنترنت شعورًا بالانتماء للمجموعة، مما يقلل الشعور بالوحدة ويساعد الأفراد على التعامل مع تحديات الحياة. كلما زاد ارتباط المعجبين بفرقهم أو فنّانيهم المفضلين، زاد تأثير الدعم الاجتماعي الذي يحصلون عليه.
قوة الاتصال النشط
كما هو الحال مع العديد من جوانب الحياة، يمكن أن تكون وسائل التواصل الاجتماعي سلاحًا ذا حدين. فقد وجدت دراسة جامعة هارفارد أن الاستخدام النشط لوسائل التواصل الاجتماعي للتفاعل مع الآخرين يعزز الرفاهية، بينما يؤدي الاستخدام السلبي بغرض الاستهلاك فقط إلى تأثير معاكس. ولأن مجتمعات المعجبين تميل إلى تعزيز الإبداع والتفاعل، فإنها غالباً ما تساهم في بناء روابط اجتماعية إيجابية.
في النهاية، يعد التواصل الاجتماعي والعاطفي واحدًا من أقوى الوسائل لمكافحة التوتر والاكتئاب، ويزيد من المرونة النفسية. سواء أكان التواصل وجهًا لوجه أم من خلال المجتمعات الافتراضية، فإنّ الشعور بالانتماء والدعم المتبادل يمثلان عنصرين أساسيين في تحقيق الصحة النفسية والاجتماعية.