سعودياً بدت الرسالة جليّة من خلال لقاء اليرزة لغالبية النوّاب السنّة: تلبية الدعوة لجلسة انتخاب الرئيس بعد حوار مختصر لنقاش خيار ثالث

في عشاء اقتصر على المقرّبين أبلغ الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان الحضور ارتياحه للموقف السعودي، وقال إنّ ترشيح سليمان فرنجية لم يعد ممكناً كما ترشيح جهاد أزعور، وإنّ غاية الحوار البحث عن اسم ثالث.

سعودياً بدت الرسالة جليّة من خلال لقاء اليرزة لغالبية النوّاب السنّة: تلبية الدعوة لجلسة انتخاب الرئيس بعد حوار مختصر لنقاش خيار ثالث. وإنّ حضور المملكة قائم في كتلة نيابية وازنة في البرلمان.

من جانب الثنائي الشيعي، اختلفت الصّورة بين رئيس مجلس النوّاب المرتاح لزيارة لودريان الدّاعم لدعوة حواره، وبين حزب الله الذي لم يدفعه استنتاج الموفد الفرنسي تجاه مرشحه إلى سحب الدعم له. ويعتبر نفسه غير معنيّ بكلّ الكلام عن تعثّر حظوظ فرنجية، فالموافقة على المشاركة في حوار غير مشروط لا تعني التخلّي عن رئيس تيار المرده.

جاءت زيارة رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد إلى دارة سليمان فرنجية وكأنّها تعويض معنوي عن خسارة، وحمّالة أوجه. قيل أنّ هدفها التّوضيح أنّ لقاء رعد مع قائد الجيش جوزف عون لم يتناول الشأن الرئاسي بالعمق، وليس بالطريقة التي تمّ تظهيرها، كما فهم أنّ الهدف منها وضعه وفي ضوء حديث لودريان، في سياق التمهيد لفرنجية عن بداية التحوّل باتجاه مرشّح آخر. يرجح مصدر سياسي الفرضية الأخيرة ويقول إنّ فرنسا ومن خلال زيارة لودريان إنّما تسعى إلى مساعدة الثنائي على التراجع عن خياره. تدعم حوار برّي بعدما أبلغته صعوبة الإتفاق على فرنجية، يبدأ البحث عن اسم مرشّح ثالث ربما يتمّ التوافق بشأنه على طاولة حوار، أو بالاتفاق بين حزب الله والتيار الوطني الحر.

بزيارته إلى لبنان أسقط الموفد الرئاسي الفرنسي خيار فرنجية من المعادلة الرئاسية

بزيارته إلى لبنان أسقط الموفد الرئاسي الفرنسي خيار فرنجية من المعادلة الرئاسية. قالها بصريح العبارة في حارة حريك، وكرّرها في أكثر من محطّة من محطات اللقاءات التي تواصلت على امتداد أربعة أيام متتالية. كان الأهمّ من بينها زيارة الصرح البطريركي من حيث معنوية الموقع، لقاءه في منزل السفير السعودي في اليرزة مع 22 نائباً سنياً بحضور مفتي الجمهورية الشيخ محمد عبد اللطيف دريان. في الإجتماع رسالة كما في المضمون، ناهيك عن حضور مفتي الجمهورية غداة التمديد لولايته على رأس دار إفتاء الجمهورية اللبنانية.

في هذا اللقاء أعاد البخاري الحديث عن مواصفات رئيس الجمهورية، مذكّراً بمقرّرات اللجنة الخماسية وضرورة الإلتزام بها. تلك المقرّرات التي تتحدّث عن التزام الدستور في عملية انتخاب الرئيس. ليسأل في سياق مداخلته ألم يحن الوقت للحديث عن خيار ثالث. وهنا لبّ الموضوع.

في ردّه على رافضي فكرة الحوار أعاد لودريان تصويب البوصلة، سحب مصطلح الحوار منعاً لحساسيته، وقال أنّ المطلوب نقاش حول الرئاسة وليس حواراً، في محاولة لتهدئة روع الرافضين والمنتقدين معاً، على أساس أنّ هذا "النقاش" هو بوّابة التلاقي للتفاهم حول الموضوع الرئاسي. وتابع إنّ المرشحين الحاليين سليمان فرنجية وجهاد أزعور خرجا من حلبة المنافسة ولم يعد لهما أيّ حظوظ رئاسية، ويتوجّب على اللبنانيين التفاهم على اسم بديل.

خلال مداخلته تقصّد المفتي دريان الوضوح أمام الضيف الفرنسي فقالها بصريح العبارة "إنّ علينا تطبيق الدستور في عملية انتخاب رئيس الجمهورية". ما فسّره بعض من الحضور على أنّه رفض ضمني لمنطق الحوار المشجّع عليه لودريان. بدا واضحاً لهم أنّ السعودية وفرنسا ليستا على الموجة ذاتها رئاسياً. يدعو لودريان إلى الحوار بينما تؤيّد السعودية العودة إلى مقرّرات اللجنة الخماسية التي لم تقارب الحوار أو تؤيد الدعوة إليه.

خلال الجلسة لم يكن النوّاب السنّة على الموجة ذاتها. توزعوا بين مؤيد للحوار الذي دعا إليه برّي بدعم فرنسي، وداعم لحوار مشروط ومعارض للفكرة من أساسها ويؤكّد على التزام الدستور في الدعوة إلى جلسات انتخاب رئيس للجمهورية.

سيل من الأسئلة انهار على لودريان حول فكرة الحوار وموضوعاته وأهميته، بينما هناك من يصرّ على فرض خياراته، فكانت مقاربته مبنية على سوء الأوضاع الإقتصادية والمالية والحاجة الملحّة للخروج من المراوحة واللجوء إلى النقاش حول الرئيس المقبل والإتفاق على اسمه، قائلاً إنّ وصول أيّ مرشّح من دون توافق لن يحلّ الأزمة، لأنّه لن يكون قادراً على الحكم وتنفيذ الإصلاحات اللازمة.

يقول مصدر نيابي شارك في اللقاء أنّ أيّ طرف لا يمكن له أن يجمع النوّاب السنّة إلّا السفارة السعودية. كان واضحاً أنّ المملكة أرادت إيصال رسالة للفرنسيين بضرورة الإلتزام بمقرّرات اللجنة الخماسية وتقول لحزب الله أنّ السنّة في البرلمان تحت خيمتها وقد قال نوابها كلمتهم برفض فرنجية.

مصدر آخر ينقل أنّ البحث خلال اللقاء كان أشبه بلقاءات بداية البحث الرئاسية وأنّ فحوى اللقاء تمحور حول انتفاء حظوظ فرنجية لصعوبة وصوله، ثمّ كان حديثاً في العموميات حول الدستور والرئاسة من دون الغوص بالأسماء. وفي بداية اللقاء سأل أحد الحضور لودريان عن أجواء الإنتخابات الرئاسية فردّ ممازحاً "عن أيّ بلد تتحدث" لكأنّه يلمّح إلى صعوبة اجرائها في لبنان في الوقت الراهن. انتهى اللقاء، وصلت الرسالة إلى أصحابها وهي انعدام الإتفاق بشأن فرنجية، والبحث عن خيار ثالث.

كلّ حراك لودريان ومضمون تصريحاته المعلنة والتي قالها خلف الكواليس جعلت حزب الله يقول أن لا انتخابات رئاسية قريبة ولا جلسة حوار، وأنّ الأوضاع مرهونة بإجتماع اللجنة الخماسية المقرر عقده على هامش اجتماعات نيويورك. وأن فكرة الحوار رُحِّلت إلى أواخر أيلول، وربما يُعقد بمن حضر بمشاركة لودريان الذي وعد بالعودة، وهو الذي يستعدّ أواخر الشهر الجاري لتسلّم مهامه كرئيس لوكالة التنمية الفرنسية في العلا، المسؤولة عن التعاون مع السلطات السعودية لتطوير السياحة والثقافة في المنطقة. لودريان أكّد أنّ ملفّ لبنان سيبقى مدرجاً في سياق متابعاته.