دخل لبنان رسمياً عصراً جديداً من التكنولوجيا والاتصالات بعد إعلان وزير الاتصالات شارل الحاج إطلاق حقبة الجيل الخامس (5G)، في خطوة تُعدّ مفصلية في تاريخ قطاع الاتصالات اللبناني.
الوزير أعلن الخبر عبر منشور على منصة “إكس”، مؤكداً أن وزارة الاتصالات، بالتعاون مع الهيئة المنظمة التي فُعّلت حديثاً، وشركتي “ألفا” و”تاتش”، أطلقت مشروعاً يمتد على ثلاث سنوات لتحديث الشبكات في كل أنحاء لبنان، وإطلاق خدمة الجيل الخامس على مستوى وطني شامل.
ما الذي يميز الجيل الخامس؟
الجيل الخامس 5جي ليس مجرد تحسين في سرعة الإنترنت، بل ثورة رقمية متكاملة. هذه التقنية توفر سرعة فائقة تصل إلى 10 غيغابيت في الثانية، أي أسرع بعشرات المرات من شبكة الجيل الرابع (4جي)
يمكن عبرها تحميل فيلم عالي الجودة في ثوانٍ معدودة، أو مشاهدة فيديو بدقة 4ك دون أي تقطع.
كما تتميز بقدرتها على ربط ملايين الأجهزة في الوقت نفسه، وهو الأساس الذي تقوم عليه المدن الذكية، والمركبات ذاتية القيادة، والذكاء الاصطناعي المتقدّم.
إضافة إلى ذلك، تتميز بكفاءة طاقوية أعلى، وثبات أكبر في الاتصال حتى في المناطق المزدحمة مثل الملاعب والمهرجانات، ما يضمن تجربة اتصال مستقرة وسريعة.
أهمية هذه الخطوة للبنان
يمثّل دخول لبنان عصر الـ5جي نقلة نوعية في البنية التحتية الرقمية للبلاد، وفرصة لتعويض سنوات من التراجع في قطاع الاتصالات. فخدمة الإنترنت السريع أصبحت حاجة أساسية في حياة اللبنانيين اليومية، سواء للعمل أو التعليم أو الترفيه.
إلى جانب ذلك، من المتوقع أن تفتح هذه الخطوة الباب أمام فرص عمل جديدة في مجال التكنولوجيا، والبرمجة، والذكاء الاصطناعي، وأن تساهم في تنشيط الاقتصاد عبر دعم قطاعات ناشئة تعتمد على الاتصال السريع مثل الخدمات المالية الرقمية، التعليم الإلكتروني، والرعاية الصحية الذكية.
الفرص كبيرة… لكن التحديات حقيقية
يقول الخبير في التحوّل الرقمي الياس الأشقر في حديثه لموقع "الصفا نيوز" إن “إطلاق الجيل الخامس في لبنان خطوة جريئة تأخرت كثيراً، لكنها تشكّل بداية تحول حقيقي نحو الاقتصاد الرقمي”.
ويضيف أن “تحديات هذه المرحلة لا تقلّ أهمية عن الفرصة بحد ذاتها، إذ يتطلب الأمر استثمارات ضخمة لتحديث البنية التحتية، وتدريب الكوادر التقنية المحلية، وضمان استقرار الطاقة الكهربائية التي تشكل عصب الشبكات الحديثة”.
ويشير فرحات إلى ضرورة وجود “إطار تنظيمي واضح يضمن المنافسة العادلة بين الشركات ويحمي بيانات المستخدمين، إضافة إلى تشجيع الابتكار المحلي في مجالات تعتمد على الجيل الخامس مثل الأمن السيبراني، وإنترنت الأشياء، والروبوتات الذكية”.
بين التحديات والحلول
أبرز التحديات التي قد تواجه لبنان في هذه الخطوة تكمن في كلفة تطوير الشبكات، ضعف الكهرباء، وتأثير الأزمة الاقتصادية على التمويل. كما أن تأمين البنية التحتية اللازمة في المناطق النائية سيكون تحدياً إضافياً.
لكن الخبراء يرون أن التعاون بين القطاعين العام والخاص، والاستفادة من الشراكات الدولية، يمكن أن يختصر الزمن ويتيح للبنان دخول المنافسة الإقليمية في مجال الاتصالات الحديثة.
من الحلول الممكنة أيضاً تشجيع الشركات الناشئة اللبنانية على تطوير تطبيقات وخدمات تعتمد على 5G، ما يعزز الابتكار المحلي ويوفر وظائف نوعية للشباب.
نحو لبنان رقمي جديد
مع دخول لبنان عصر الجيل الخامس، تبدأ مرحلة جديدة من التحوّل الرقمي في بلد طالما شكّل مركزاً للريادة التكنولوجية في المنطقة. فهذه التقنية لا تعني مجرد إنترنت أسرع، بل تمهّد لاقتصاد أكثر ذكاءً، ومدن أكثر اتصالاً، وفرص مستقبلية قادرة على إعادة الثقة بقدرة لبنان على مواكبة التطور العالمي رغم كل التحديات.
يرجى مشاركة تعليقاتكم عبر البريد الإلكتروني:
[email protected]
