لا يختلف اثنان في العالم على أنّ أبرز بطولة في كرة القدم هي بطولة الدوري الإنكليزيّ الـ"بريمير ليغ" لألف سبب وسبب.
ففي إنكلترا، كرة القدم هي كلّ شيء وبطولتها هي الأكثر متابعة بين عشّاق الرياضة على مساحة الكرة الأرضيّة إن كان لعراقتها وتاريخ أنديتها أو لكونها الأكثر منافسة، إذ إن بإمكان أضعف فرقها الفوز في أيّ لحظة على الأقوى، أضف أنّ المنافسة على لقبها يدخل فيها أكثر من خمسة أندية في كلّ موسم، ولذلك فإنّ إيرادات مداخيلها هي الاعلى في أوروبا بحيث تتعدّى ثمانية مليارات دولار في الموسم الواحد أي أكثر من ضعف أقرب بطولة أخرى وهي بطولة البوندسليغا في ألمانيا وخلفها بطولة الليغا في إسبانيا.
ولكن ما لا يعرفه سوى القلّة أنّ بطولة الدوري الإنكليزيّ اليوم تختلف كثيرًا عمّا كانت عليه في السابق، مع غياب النجوم البريطانيّين عنها وفي شكل خاصّ اللاعبين الإنكليز. كما أنّ معظم أنديتها وفي شكل خاصّ فرق الصدارة منها لم يعد يتّكل على لاعبيها المحلّيّين بل على اللاعبين الأجانب من أوروبّا أو من خارج القارّة الأوروبّيّة، ومن بينها فرق لم يعد في تشكيلتها الرئيسيّة أي لاعب إنكليزيّ أو حتّى بريطانيّ.
ففريق ليفربول (حامل اللقب)على سبيل المثال هو أحد أبرز تلك الفرق، فهو الّذي كان يتغنّى في الماضي بأنّ مدرسة إعداد اللاعبين فيه تنتج أبرز نجوم اللعبة في العالم، وفي مقدّمتهم القائد التاريخيّ للريدز ولإنكلترا كيفن كيغن نجم الأسود الثلاثة وكرة القدم الأوروبّيّة من منتصف السبعينيّات وحتّى عام 1982، ليخلفه مباشرة في الريدز كيني دالغليش أفضل لاعب عرفته اسكتلندا والّذي يعتبر من أفضل صنّاع الالعاب في الثمانينات وهو الّذي قاد ليفربول إلى السيطرة على الدوري الإنكليزي والبطولات الأوروبّيّة قبل أن يسّلم مهمّة القيادة لصديقه مهاجم إمارة ويلز إيان راش الهدّاف التاريخيّ لليفربول ومن ثمّ في الماضي القريب الكابتن التاريخيّ ستيفن جيرار .
كلّ ذلك، ليظهر لنا كم اختلف ليفربول اليوم عن الماضي، إذ إنّ تشكيلته الرئيسيّة اليوم لم يعد فيها وجود لأيّ لاعب انكليزيّ خصوصًا مع هجرة المدافع الدوليّ ترانت ألكسندر عنه هذا الموسم إلى ريال مدريد، فأصبح جميع نجومه هم من خارج الجزيرة البريطانية وهم ثلاثة لاعبين هولنديين فيرجيل فان دايك وريان غرافنبورغ وكودي غاكبو، ولاعبان من فرنسا هما ابراهيما كوناتي وهوغو إيكيتيكي ولاعبان من المجر هما دومينيك سوبوسلاي وميلوس كيركيز، إضافة لبقية نجوم الفريق وفي مقدّمتهم الفرعون المصريّ محمّد صلاح والحارس البرازيليّ أليسون بيكر، والأرجنتينيّ ألكسي ماك ألكستر، و القادم الجديد مهاجم الـ150 مليون باوند السويديّ ألكسندر إيزاك.
وكما ليفربول، كذلك أبرز الفرق الأخرى وفي مقدّمتها مانشستر سيتي الّذي يعتمد في تشكيلته الرئيسيّة على لاعب إنكليزيّ وحيد هو فيل فودن، بينما قوّته الضاربة هي من جنسيّات مختلفة وأبرزها الثنائيّ الإسبانيّ رودري ونيكو غونزاليس، والثنائيّ البرتغاليّ برناردو سيلفا ونونيز والكرواتيّ ماتيو كوفاسيش والأرجنتينيّ جوليان ألفاريز والنرويجيّ أيرلينغ هالاند.
وليس بعيدًا عن السيتي، فإنّ نجوم مانشستر يونايتد هم أيضًا بأكثريّتهم من خارج بريطانيا وأبرزهم البرتغاليّان ديوغو دالو وبرونو فيرنانديز، والبرازيليّان كاسيميرو وماتيوس كونا، والسلوفينيّ بنجامن سيسكو والحارس البلجيكيّ سين لامنس والأيفوريّ ديالو و زميله اللاعب المغربيّ الدوليّ نصير مزراوي والمهاجم الكاميرونيّ بريان مبومو. أمّا أبرز لاعبيه المحليّين فهو المدافع لوك شوو ومواطنه مايسون ماونت واللذان يكونان غالبًا اللاعبان الإنكليزيّان في التشكيلة الرئيسيّة لمدرّب الشياطين الحمر البرتغاليّ أموريم.
وكما فريقا مانشستر، ظهر فريق تشلسي في تشكيلته الرئيسيّة الّتي أسقطت البطل ليفربول 2-1 بلاعبين من إنكلترا فقط هما كابتن الفريق ريس جايمس وجوش أكيامبونغ بينما بقيّة التشكيلة، وخصوصاً لاعبي خط الوسط والهجوم هم الأرجنتينيّان أليخاندرو غرناشو و وإينزو فيرنانديز والبرتغاليّ بيدرو نيتو والبرازيليّ جواو بيدرو.
ويبقى الاستثناء الأبرز، ولو بهامش بسيط، بين فرق الطليعة في إنكلترا، هو لفريق الأرسنال العريق الّذي يدفع في تشكيلته الرئيسيّة بثلاثة لاعبين إنكليز على الأقلّ وهم ديكلان رايس وبوكايو ساكا وإيبيرتشي إيز، وهم من أبرز وجوه الفريق ولو أنّ بقيّة اللاعبين هم من خارج بريطانيا وهم الحارس الإسبانيّ دافيد رايا ولمدافع الإيطاليّ ريكاردو كالافيوري وكابتن الفريق النرويجيّ مارتن أوودغارد والفرنسيّ (من أصول لبنانيّة) ويليام صليبا قائد خطّ الدفاع وإلى جانبه البرازيليّ غبريال ماغاليس والهولّندي جاريين تيمبر، إضافة إلى المهاجمين البلجيكيّ لياندرو تروسار والسويديّ فيكتور غيوكيرس.
يبقى الاشارة الى أن قوانين بطولة البريمير ليغ تسمح لكل فريق في بطولتها بتسجيل 17 لاعب من خارج بريطانيا ضمن لائحة ال25 لاعب المقدمة منه الى رابطة الدوري الانكليزي .
كلّ تلك الغيابات للاعبي إنكلترا عن التشكيلات الرئيسيّة لأبرز فرق البطولة الإنكليزيّة الـ"بريمير ليغ" يؤكّد ما لم يكن في الحسبان سابقًا، عندما كان محبّو كرة القدم على مساحة الكرة الأرضيّة يتساءلون كيف للأندية الإنكليزيّة أن تكون الأقوى في المنافسة على الألقاب الأوروبّيّة؟ بينما في المقابل كيف أنّ الفوز الوحيد لمنتخب إنكلترا على صعيد كأس العالم يعود إلى عام 1966 أي إلى نحو 60 عامًا في بطولة جرت في انكلترا ،بينما لم يتمكّن من يومها منتخب الأسود الثلاثة من الفوز بأي بطولة لكأس العالم أو حتّى التأهّل ولو لمرّة واحدة إلى المباراة النهائيّة؟
يرجى مشاركة تعليقاتكم عبر البريد الإلكتروني:
[email protected]