في السنوات الأخيرة، اجتاحت منصة الألعاب الإلكترونية روبلوكس (Roblox) عالم الأطفال والمراهقين، لتصبح واحدة من أكثر التطبيقات استخداماً حول العالم. ومع هذا الانتشار الهائل، اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي بحملات انتقاد وتحذير، وصلت في بعض الدول إلى حد المطالبة بحظرها أو تقييد استخدامها، الأمر الذي انعكس على تراجع أسهم الشركة المطوّرة في البورصات العالمية. فما سر هذا الجدل؟ وأين تكمن المخاطر الحقيقية؟ وكيف يمكن حماية الأطفال؟

روبلوكس: مساحة للإبداع أم بوابة للمخاطر؟

تقدّم روبلوكس نفسها كمنصة إبداعية، تسمح للأطفال والمراهقين بتصميم ألعابهم الخاصة واستكشاف عوالم افتراضية غير محدودة. هذا الجانب التعليمي والترفيهي منحها جاذبية كبيرة، لكنه في الوقت نفسه فتح الباب أمام محتويات غير لائقة أو عنيفة قد لا تتناسب مع الفئة العمرية الصغيرة، إلى جانب خاصية المحادثات بين اللاعبين، والتي كشفت تقارير عدة عن استغلالها في التنمّر الإلكتروني أو محاولات استدراج الأطفال من قبل غرباء.

أبرز التهديدات: نفسية، اجتماعية ومالية

يرى الخبراء أن خطورة روبلوكس تكمن في مجموعة من المخاطر المتداخلة، أبرزها:

- التنمّر الإلكتروني والمقارنات المستمرة بين اللاعبين، ما يترك أثراً نفسياً سلبياً على ثقة الطفل بنفسه.

- الانعزال الاجتماعي بسبب قضاء ساعات طويلة في العالم الافتراضي، على حساب التواصل الواقعي.

- الاستغلال المالي الناتج عن شراء العملات الافتراضية دون وعي أو رقابة، ما قد يؤدي لخسائر مالية غير محسوبة.

كيف نحمي الأطفال؟

يؤكد الخبير الإلكتروني فادي المرّ في حديثه لـ"الصفا نيوز" أن الحل لا يكمن في المنع المطلق، بل في الرقابة الواعية والتوجيه المستمر. ويوصي بـ:

- تفعيل خصائص التحكم الأبوي الموجودة في المنصة.

- وضع جداول زمنية واضحة للاستخدام، لتجنّب الإدمان.

- توعية الأطفال بمخاطر التواصل مع الغرباء، وعدم مشاركة معلوماتهم الشخصية أو صورهم.

- مشاركة الأهل في تجربة اللعبة لفهم محتواها.

- تشجيع الأطفال على أنشطة رياضية وثقافية موازية لتأمين توازن صحي بين الواقع والافتراض.

الرقابة التفاعلية هي المفتاح

تشير المتخصصة في علم نفس الطفل الدكتورة نادين حرب في حديثها لموقع "الصفا نيوز" إلى أن "الأطفال يلجئون إلى منصات مثل روبلوكس بحثاً عن الترفيه والانتماء، لكن غياب التوجيه قد يحوّل هذه المساحة الإبداعية إلى بيئة ضاغطة نفسياً وخطرة سلوكياً." وتضيف: "الحل يكمن في الرقابة التفاعلية، أي أن يكون الأهل جزءاً من تجربة الطفل، لا مجرد مراقبين من بعيد."

الخلاصة، روبلوكس ليست شراً مطلقاً كما يروّج البعض، فهي قادرة على تطوير مهارات الإبداع والتفكير المنطقي عند الأطفال. لكنها في غياب الرقابة قد تتحول إلى بوابة لمخاطر نفسية واجتماعية ومالية. يبقى التحدي الحقيقي أمام الأهل هو تحقيق التوازن بين الحرية والحماية، وبين المتعة والتوجيه، ليكون العالم الافتراضي وسيلة للتعلم والنمو لا تهديداً خفياً.