في لحظة فارقة في تاريخ الكنيسة الكاثوليكية، اعتلى الكاردينال الأميركي روبرت فرنسيس بريفوست، مساء الخميس 8 أيار عند الساعة السادسة، السدة البابوية، ليصبح الحبر الأعظم الجديد خلفاً للبابا فرنسيس، متخذاً اسم ليو الرابع عشر. وقد أُعلن انتخابه من شرفة كاتدرائية القديس بطرس في الفاتيكان، حيث صدح صوت الكاردينال دومينيك مامبيرتي قائلاً: "ها قد أصبح لنا بابا". وفي مشهد رمزي ينتظره الملايين حول العالم، ارتفع الدخان الأبيض من مدخنة كنيسة سيستينا، مُعلناً انتخاب البابا رقم 267 في تاريخ الكنيسة.

ولد البابا الجديد في شيكاغو في 14 أيلول 1955، من أب فرنسي وأم إيطالية. درس الرياضيات قبل أن ينضم إلى رهبنة القديس أوغسطين ويُرسم كاهناً في عام 1982. أُرسل في مهمة تبشيرية إلى البيرو، ثم عاد إلى شيكاغو لنيل دكتوراه في القانون الكنسي، قبل أن يتولى قيادة إكليريكية في البيرو لعقد من الزمن. وفي عام 1999، انتُخب رئيساً عاماً للرهبنة الأوغسطينية في العالم، وهو المنصب الذي شغله حتى عام 2013.

في عام 2014، عيّنه البابا فرنسيس أسقفاً لأبرشية شيكلايو في البيرو. وفي عام 2023، تولّى منصب رئيس مجمع الأساقفة في الفاتيكان، الهيئة المسؤولة عن تعيين الأساقفة حول العالم، كما رُقي إلى رتبة كاردينال في العام نفسه.

يُعرف البابا ليو الرابع عشر بقربه من سلفه البابا فرنسيس، ويُنظر إليه في الفاتيكان على أنه شخصية متزنة، متواضعة، وصاحبة خبرة واسعة. يُشيد الكثيرون بقدرته على الحوار وتوحيد وجهات النظر المختلفة. ويتقن عدة لغات من بينها الإنكليزية، الإسبانية، الإيطالية، الفرنسية، والبرتغالية. وعند سنّ 69 عاماً، يُعتبر أصغر بابا يُنتخب منذ يوحنا بولس الثاني.

في أول إطلالة علنية له، خاطب البابا الجديد الحشود قائلاً: "السلام معكم جميعاً". وأضاف: "الشر لن ينتصر"، داعياً الكنيسة إلى بناء جسور عبر الحوار، وشاكراً البابا فرنسيس ومجمع الكرادلة على ثقتهم.

ردود فعل دولية

أثار انتخاب ليو الرابع عشر موجة من ردود الفعل حول العالم:

الولايات المتحدة: دونالد ترامب عبّر عن فخره واستعداده للقاء البابا الجديد.

إيطاليا: رئيسة الوزراء جورجيا ميلوني أشادت بـ"دعوة قوية للسلام والأخوّة".

إسبانيا وفرنسا وألمانيا: القادة عبّروا عن أملهم في أن يُدافع البابا الجديد عن حقوق الإنسان والسلام والرجاء.

أوكرانيا: الرئيس زيلينسكي شكر الفاتيكان على دعمها في وجه العدوان الروسي.

روسيا: الرئيس فلاديمير بوتين أعرب عن أمله في استمرار الحوار البنّاء على أساس القيم المسيحية.

بولندا، هنغاريا، المملكة المتحدة: رسائل تهنئة أكدت على الروابط الروحية المتجددة.

أميركا اللاتينية: البيرو رحّبت بـ"ابنها بالتبني"، فيما عبّرت كل من المكسيك وكولومبيا والأرجنتين والبرازيل عن تطلعها لدعم البابا لقضايا السلام والمهاجرين والقيم الإنسانية.

الشرق الأوسط: لبنان أعرب عن أمله في تعزيز الحوار بين الأديان.

الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة: دعوات إلى مواصلة الالتزام بقيم السلام والتضامن والعدالة الاجتماعية.

جنوب أفريقيا: تحية لرسالة البابا السلمية واستمرارية إرث البابا فرنسيس.

يُنظر إلى انتخاب ليو الرابع عشر على نطاق واسع بوصفه حدثاً يحمل بارقة أمل في عالم تواق للوحدة والسلام.

وأعلن الفاتيكان أن البابا ليو الرابع عشر سيحتفل يوم الجمعة في تمام الساعة الحادية عشرة صباحاً (09:00 بتوقيت غرينتش) بقداس مع الكرادلة في كنيسة سيستينا، بعد يوم واحد من انتخابه.

كما سيقود صلاة "إفرحي يا ملكة السماء" من شرفة كاتدرائية القديس بطرس ظهر الأحد عند الساعة الثانية عشرة (10:00 بتوقيت غرينتش)، وسيلتقي الصحافيين صباح الإثنين في الفاتيكان، بحسب ما أفاد ماتيو بروني، مدير دار الصحافة التابعة للكرسي الرسولي.