تشهد بطولة لبنان لكرة السلّة هذا الموسم، مفاجآت مدوّية وسيناريوهات غير مسبوقة. فللمرّة الأولى منذ عقود، لا يمكن التكهّن بأيّ نتيجة للمباريات والبرهان أنّه في أسبوع واحد، سقط فريق الشانفيل أمام صاحب المركز الأخير فريق الـ"أن أس إي" ليحقّق الأخير انتصاره الأوّل في البطولة، ومن ثمّ عاد الشانفيل وفاز بعد ظهر أمس الأحد على فريق بيروت متصدّر البطولة وقلب الطاولة على الجميع.

فهذه العيّنة هي ظاهرة تحدث في كلّ مرحلة في بطولة لبنان هذا الموسم، حيث كاد الهوبس المغمور يسقط أمام الحكمة في غزير، عندما تقدّم عليه في منتصف الأسبوع الماضي بفارق 15 نقطة ليعود الأخير بسحر ساحر ويفوز في الشوط الإضافيّ بعد انتهاء المباراة بالتعادل. وكان الهوبس أيضًا حقّق قبل أيّام قليلة انتصارًا على بيروت الّذي كان بدوره أسقط الحكمة في غزير والرياضي في المنارة.

فهذا السيناريو إن دلّ على شيء، فهو أنّ رهان الاتّحاد في السماح للفرق الّتي لا تضمّ في صفوفها أكثر من لاعب ضمن لائحة النخبة المحلّيّين بأن تستعين بثلاثة لاعبين أجانب على أرض الملعب، بينما الفرق ذات الميزانيّات العالية والّتي لديها الإمكانات الكبيرة لا يمكنها سوى الدفع بلاعبين أجنبيّين على أرض الملعب.

ويأتي هذا السيناريو ليعطي الإمكانيّة لأيّ فريق في بطولة لبنان للتفوّق على الفرق الأخرى، مهما كانت كبيرة، فتكون البطولة المحلّيّة الأكثر حماسًا منذ أعوام عدّة.

فهل سيكون هذا السيناريو شاهدًا على تغيير جذريّ في ترتيب البطولة للمرّة الأولى أيضًا؟ يأتي الجواب بأنّ هذا السيناريو قد يعطي الفرصة للفرق ذات الميزانيّات والإمكانات الضعيفة من إحداث مفاجأة ما في إحدى المباريات، ولكن من الصعب جدًّا أن تكون لها الإمكانيّة بالفوز على الفرق الرنّانة بسلسلة من المواجهات وبالتالي تكون عندها المفاجآت مستحيلة في مرحلة النهائيّات أي الـ"بلاي أوفس" الّتي تعتمد نظام سلسلة الأفضل في خمس مواجهات.

تبقى الإشارة إلى أنّ نادي الرياضي بيروت يبقى خارج كلّ تلك السيناريوهات، كونه يملك تماسكًا وأفضليّة في كلّ المراكز تجعله بمكان مختلف عن الآخرين، إذ إنّ أبناء المنارة لديهم إمكانيّة الفوز على كلّ الفرق الأخرى عند اعتماد نظام السلسلة في المواجهات حتّى ولو اعتمد على تشكيلته الكاملة من اللاعبين المحلّيّين، إذ إنّ لاعبيه اللبنانيّين هم بمستوى اللاعبين الأجانب، ولديهم قائد فريق هو وائل عرقجي تعتبر من أفضل اللاعبين في آسيا إن لم يكن الأفضل.

فالاستقرار الموجود في إدارة الرياضي وجهازه الفنّيّ وتشكيلته الّتي تضمّ منذ سنوات اللاعبين نفسهم أي وائل عرقجي وأمير سعود وعلي منصور وكريم زينون وهايك قيوكجيان واسماعيل أحمد، يجعل الرياضي متفوّقًا على كلّ الفرق الأخرى، مهما كانت ميزانيّاتها عالية ومهما تمكّنت من دعم صفوفها بلاعبين أجانب مميّزين.

يبقى انتظار نهاية مرحلة إياب من بطولة لبنان لكرة السلّة وانطلاق مرحلة النهائيّات الـ"بلاي أوفس" لمعرفة اتّجاه الأمور، ولكنّ الأكيد أنّه إن لم يحدث ما ليس في الحسبان فإنّ الرياضي سيحتفظ منطقيًّا بلقب بطل لبنان لكرة السلّة.