لم يعد الفرنسيون يتحمّلون زيادة الضرائب والرسوم والأعباء المالية المتزايدة، خاصّة مع تلاشي خدماتهم العامة. أظهر استطلاع للرأي أنّ 67% من الفرنسيين يؤيّدون فرض مساهمة أكبر على الأسر الأكثر ثراءً لتقليص العجز العام!
ماذا يمكن فعله لحلّ المعادلة الكارثية للوضع المالي بشكل مستدام؟ زيادة الضرائب تُقسّم الفرنسيين وتدفعهم إلى الغضب. فلماذا لا نطلق قرضًا وطنيًا كبيرًا؟ الاشتراك في مثل هذا القرض لن يكون بمثابة إعطاء شيك على بياض للحكومة التي لا تزال عاجزة عن الإصلاح! ولكن يمكن أن يكون هذا القرض نقطة انطلاق لتوحيد سكّان بلد متصدّع بشدة. يجب أن يوفر هذا القرض عائدًا أعلى من عائد حساب الادخار الحالي "Livret A"، الذي يبلغ حاليًا 3%. وهذا من شأنه أن يُشجع المدخرين الفرنسيين، الذين لم يوفّروا أبدًا بقدر ما يفعلون الآن، على البدء في الإنفاق! وصلت عائدات Livret A إلى مستويات قياسية، ويمثل التأمين على الحياة 1923 مليار يورو!
تاريخ المالية العامة الفرنسية مليء بإطلاق القروض، بعضها كان أكثر نجاحًا من الآخر. في عام 1983، هدّدت أزمة مالية خطيرة فرنسا، مما دفع الرئيس ميتران إلى تغيير سياسته الاقتصادية التي كانت تقود فرنسا إلى طريق مسدود. تم إتخاذ تدابير مثل السيطرة على التكاليف والتأميمات. تم إطلاق قرض "Mauroy"، وكان مفروضًا على دافعي الضرائب الخاضعين لضريبة الدخل وضريبة الثروة. تم جمع ما يقرب من 14 مليار فرنك من 7 ملايين مشترك قسري. واستفادوا من عائد سنوي سخي بنسبة 11%، على الرغم من أنّ التضخم كان آنذاك حوالي 10%!
تم إصدار قرض "Pinay" الشهير في عام 1952 من قبل رئيس الوزراء أنطوان بيناي، وكان مرتبطًا بالذهب وبفائدة 3.5%. أما قرض "Giscard" بنسبة 7% في عام 1973، أثناء الصدمة النفطية الأولى، وقد ثبت أنّه صعب على الخزينة. دفعت الدولة 55 مليار فرنك بدلاً من 6.5 مليار فرنك المتوقّعة، لأنّ هذا القرض المرتبط بالذهب أصبح حفرة مالية بسبب تقلّبات أسعار الذهب التي زادت التكاليف.
ولا ننسى قرض "Balladur"، الذي أطلق في 25 أيار 1993 من قبل رئيس الوزراء. تم جمع 40 مليار فرنك. في خضمّ أزمة الرهن العقاري الثانوية في الولايات المتحدة، أطلق الرئيس ساركوزي قرضًا في عام 2009، جمع 35 مليار يورو. ولكن تم استثماره في الأسواق المالية، وليس من الجمهور الفرنسي مباشرة.
فهل يمكن أن يكون هناك قرض وطني في المستقبل لإنقاذ المالية العامة؟ المخاطر السياسية في السياق الحالي مرتفعة. هناك شكوك كبيرة تجاه الطبقة السياسية. ولكن سيكون هذا أيضًا اختبارًا لمدى اهتمام الفرنسيين بمستقبل بلدهم.