تعرضت مروحية الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي لحادث مؤسف في شمال غربي البلاد أمس الأحد، بعد عودته برفقة وزير خارجيته حسين أمير عبد اللهيان وشخصين آخريْن هما محمد علي الهاشم (إمام تبريز) ومالك رحمتي (حاكم أذربيجان الشرقية)، من الحدود الأذربيجانية، حيث افتتح َسدّي قيز قلاسي وخودافارين.

وبعد ساعات طويلة من البحث نعت وسائل إعلام إيرانية صباح اليوم الإثنين، رئيسي والوفد المرافق له بعيد إعلان السلطات العثور على المروحيّة التي كانت تقلّهم.

ودعا المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي الإيرانيين إلى "عدم القلق" على البلاد مع تواصل عمليات البحث عن المروحية، قائلاً: "لا ينبغي للشعب الإيراني أن يقلق، فلن يكون هناك أي خلل في عمل البلاد"، مضيفاً "ندعو الله عز وجل أن يعيد رئيسنا العزيز ورفاقه بكامل صحتهم إلى أحضان الأمة".

محطات سياسية بارزة في حياة رئيسي السياسية

واتسمت حياة رئيسي السياسية بمحطات بارزة خصوصاً في فترة توليه سدة الرئاسة منذ الرابع من آب 2021، فهو أحد أكثر المقربين من المرشد السيد علي خامنئي، وكثيراً ما كان يشار إليه كخليفة له، نظراً إلى العلاقة الوثيقة التي استطاع أن ينسجها على مدى سنوات طوال مع الأجهزة الأمنية والمؤسسات الدينية في الجمهورية الإسلامية، بعيداً من الأضواء إذ كان يعمل في السلك القضائي قبل الرئاسة.

ولعل المفاجأة الكبرى التي قدمها رئيسي بعد توليه الرئاسة، مخالفة كل التوقعات التي كانت تعتبر وصوله تهديداً للاتفاق النووي الذي أطلق أيام الرئيس السابق حسن روحاني، والذي تزامن حينذاك مع محاولة إنعاش الاقتصاد وتحسين العلاقات مع الولايات المتحدة وتحفيز الاستثمار الأجنبي المباشر في البلاد بعد عقود من العزلة، إذ أولى رئيسي منذ تولية رئاسة الجمهورية السياسة الخارجية والعلاقات مع دول الجوار اهتماماً كبيراً، وقد تجلى ذلك في اتفاق سعودي - إيراني برعاية صينية في آذار 2023 بعد توتر استمر 7 أعوام بين الدولتين الجارتين.

كذلك، استطاع رئيسي فرض الاستقرار الأمني المحلي عقب الأحداث الأمنية المتعلقة بوفاة الشابة مهسا أميني في ايلول 2022، إذ شهدت على اثرها البلاد الكثير من التظاهرات. أما عسكرياً فلعل أبرز ما طبع فترة ولاية رئيسي هو الرد الإيراني على استهداف مبنى القنصلية الإيرانية في سوريا في نيسان الفائت من قبل القوات الاسرائيلية إذ جاء الرد بمئات المسيرات والصواريخ الباليستية. ورغم التهديد والوعيد اللذين أطلقتهما إسرائيل عقب ذلك، بقيت عاجزة عن أي رد على الرد.

وحتى اللحظة الأخيرة، وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الأذربيجاني إلهام علييف أمس الأحد، أعرب رئيسي عن دعمه للفلسطينيين في الحرب في قطاع غزة بين حماس وإسرائيل، قائلاً "نؤمن بأنّ فلسطين هي القضية الأولى للعالم الإسلامي، ونحن على اقتناع بأن شعبي إيران وأذربيجان يدعمان دائماً شعب فلسطين وغزة ويكرهان النظام الصهيوني".

وسعى رئيسي إلى تحسين الوضع الاقتصادي لإيران، وقد نجح في فرض نوع من الاستقرار الاقتصادي النسبي في البلاد من خلال تعزيز العلاقات الاقتصادية مع الدول المجاورة مثل الصين وروسيا.

كذلك، انتخب عام 2006 عضواً في "مجلس خبراء القيادة" الذي يتولى مهمة تعيين المرشد الأعلى للثورة أو عزله. وبعد ذلك بعامين تولى منصب النائب الأول لرئيس السلطة القضائية.

وُلد رئيسي في تشرين الثاني 1960 في مدينة مشهد المقدّسة واسمه مدرج على اللائحة الأميركية السوداء للمسؤولين الإيرانيين المتّهمين بـ"انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان"، وهي اتهامات رفضتها السلطات في طهران باعتبارها ملغاة وباطلة.

مخبر سيتولى الرئاسة مؤقتاً

وبالتزامن مع التساؤلات التي تطرح حول آلية سد الفراغ الرئاسي في إيران عند غياب رئيس الجمهورية، تنص المادة 131 من دستور الجمهورية الإسلامية على أنه إذا توفي الرئيس وهو في منصبه، يتولى نائبه الأول محمد مخبر المنصب، بتأكيد من المرشد الأعلى، الذي له الكلمة الفصل في كل شؤون الدولة.

ويتولى مجلس يتألف من النائب الأول لرئيس الجمهورية ورئيس البرلمان ورئيس السلطة القضائية ترتيب انتخاب رئيس جديد خلال مدة أقصاها 50 يوماً.

ومخبر هو سياسي ومعاون أول للرئيس الإيراني، وعضو في مجمع تشخيص مصلحة النظام، يبلغ من العمر 68 عاماً، ولا ينتمي إلى حزب سياسي، وحائز شهادة دكتوراه في القانون الدولي وشهادة دكتوراه في الإدارة.

وتسلم سابقاً منصب رئاسة اللجنة التنفيذية لأوامر المرشد، ومنصب معاون تسويقي لإدارة النقل في مؤسسة المستضعفين، ورئاسة هيئة إدارية لمصرف سينا الإيراني، ومنصب معاون محافظ خوزستان جنوب إيران.

وفرضت الخزانة الأميركية عقوبات عليه في العام 2021 على خلفية الأحداث الأمنية المتعلقة بوفاة الشابة مهسا أميني.