لا يمكن حصر الأعمال التي تلقى انتقادات من شريحة واسعة مدافعة عن الحجاب، بمسلسل "ع أمل" للكاتبة نادين جابر وإخراج رامي حنا، فهناك أعمال كثيرة أيضاً انتُقدت فيها شخصيّة المرأة المحجّبة ووصِفَت بأنّها لصيقة لصور "الفقر والعوز والدّونيّة والجّهل وعدم الاقتناع بالحجاب والكآبة والبؤس"، وما إلى هنالك من أشياء. لكنّ المختلف في "ع أمل" أنّ "يسار" (ماغي بو غصن) تثور على واقعِها بخلعِ الحجاب وتحقّقُ حلمها في الإعلام بعيداً عنهُ، وباعتبار أنّ المسلسل يحقّقُ نسبة مشاهدة عاليّة في لبنان، تُصَبُ الانتقادات عليه. أمّا عن صورة المرأة المحجبة فيه، فكانَ ذلك واضحاً من خلال الفيديو الترويجي للمسلسل الذي أُطلق مع أغنية اليسا "أنا مش صوتَك".

لكن لا يمكن حصر الأمر بمسلسل بو غصن، فكذلك يُعرَضُ مسلسل "ولاد بديعة" (كتابة علي وجيه ويامن الحجلي)، وتظهر فيه الممثلة نادين خوري بدور المرأة المحجبة الفقيرة، وانتُقدت أعمال للممثلة الكبيرة منى زكي، كأنّها تلجأ لاكسسوار الحجاب كي تُظهر الجانب التراجيدي للشخصيّة (مسلسل تحت الوصاية وفيلم رحلة 404). والعام الماضي رأينا مشهدَ خلع الحجاب مع كاريس بشار في "النار بالنار" (كتابة رامي كوسا) وقد نالَ الانتقادات. الأمر نفسه إن عدنا في ذاكرتنا لأعمالٍ كثيرةٍ، مثل "ما ملكت أيمانكم" (شخضية سلافة معمار) و"تخت شرقي" (شخصية رنا شميص)، جميعها أدوار لمحجبات تعلقُ في الذّاكرة.

هل المطلوب مجاملة المحجبات؟

منى زكي - "تحت الوصاية"

دونَ شك فإنّ الحجاب باعتباره رمزاً دينياً لا يمكن نزعهُ عن أُطرهِ المختلفة، كما لا يجوز دوماً تصوير المرأة المحجبة التي تخلع غطاء الرأس أنّها تحرّرت من عاداتٍ وتقاليدٍ ونجتْ بنفسها نحوَ النّجاح. أمّا إن تمّ فرز الأدوار ومحاكمتها بين محجبة وغير محجبة، فمن حق غير المحجبات أيضاً محاسبة الكتّاب على تنميطهنَ إن أردنَ الغوص في تفاصيل الأدوار. المسألة ربّما تتعلّق بشيء أعمق وهو تناول صورة المرأة بشكلٍ عام، واعتبار "الاكسسوار" شيء أساسي لإظهار عمق الشخصيّة، فلا يمكن أن تمر بلا "اكسسوارات"، على عكس الرّجل، اكسسواراته الدراميّة أقل كما في الحياة! أمّا المرأة فيتم تنميطها درامياً: سيئة السمعة (شعرها أشقر وتتمايل بمشيتها)، الأم المضحيّة (كئيبة وحزينة)، لذا ربّما يتم التساهل بالتّعامل مع الحجاب وربط نزعه بالتحرّر والانفتاح!

نادين خوري - "ولاد بديعة"

لكن ألا يمكن أن يكون ذلك أيضاً جزءاً من الواقع في مجتمعات يُعد غطاء الرأس فيها "سترة" و"عادات وتقاليد" أكثر من اعتباره واجباً دينياً؟ وهل المطلوب أن يوازن الكتّاب في أعمالهم، فيرصدون مسلسلاً أو فيلماً فيه المحجبة مكتئبة وآخراً تكونُ فيه ناجحة، هل هذا هو دور الدراما والسينما؟ هل المطلوب هو "مجاملة" المحجبات؟!

أسئلة كثيرة تُطرح، أمامَ هول الانتقادات التي تُصب بعد عرض أي عمل فيه سيّدة محجّبة، على عكس الأفلام والمسلسلات قديماً، كادت تخلو من المحجبات.