من السراي الحكومي مقرّ الرئاسة الثالثة بدأ لودريان جولته حيث أصغى مليّاً لرئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الذي شكى بشكل مسهب ممّا آلت إليه الأوضاع في لبنان بسبب الفراغ الرئاسي. أمّا في عين التينة فقد كان الأمر مختلفاً بعض الشيء إذ أكّد رئيس المجلس النيابي نبيه بري بعد لقائه الضيف الفرنسي أنّ "وجهات النظر متطابقة مع الموفد الرئاسي الفرنسي بأن لا سبيل إلّا الحوار ثم الحوار ثم الحوار للخروج من الأزمة الراهنة وإنجاز الإستحقاق الرئاسي وهذا ما هو متاح حالياً لمن يريد".

يعود الزّخم السياسي إلى الأفق الداخلي اللبناني المسدود بالحسابات الضيّقة مع عودة الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان، فيدور الأخير على أقطاب السياسة مستمعاً، مناقشاً وباحثاً عن ثغرة تخرق جدار الأزمة الكبرى المتمثّلة بالفراغ الرئاسي المعطوف على سلسلة أزمات اقتصادية وأمنية، تبدأ من اشتباكات عين الحلوة ولا تنتهي بتسلّل آلاف النازحين السوريين على طول الحدود مع سوريا. ففي جولة لودريان الثالثة والتي يأمل أن تكون ثابتة في تعبيد الطريق للرئيس المقبل من ساحة النجمة حيث البرلمان مقر انتخاب الرئيس وتلاوته للقسم الدستوري وصولاً إلى كرسي بعبدا، فإذا ما استعار المبعوث الفرنسي منظار المواطن سيدرك حجم المعجزة التي يتوجّب عليه اجتراحها لتكون خطوة أولى على درب الألف ميل المليء بالعثرات.

من السراي الحكومي مقرّ الرئاسة الثالثة بدأ لودريان جولته حيث أصغى مليّاً لرئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الذي شكى بشكل مسهب ممّا آلت إليه الأوضاع في لبنان بسبب الفراغ الرئاسي. أمّا في عين التينة فقد كان الأمر مختلفاً بعض الشيء إذ أكّد رئيس المجلس النيابي نبيه بري بعد لقائه الضيف الفرنسي أنّ "وجهات النظر متطابقة مع الموفد الرئاسي الفرنسي بأن لا سبيل إلّا الحوار ثم الحوار ثم الحوار للخروج من الأزمة الراهنة وإنجاز الإستحقاق الرئاسي وهذا ما هو متاح حالياً لمن يريد".

وفي وقت لاحق، قال بري في حديث لصحيفة "الوفاق" الايرانية: "أمّا بالنسبة لأفق الأزمة والخروج منها، وكما عبّرت في أكثر من مناسبة أننا نرحب بأي جهد من الدول الصديقة لمساعدة لبنان على إنجاز انتخاب رئيس للجمهورية يختاره اللبنانيون، وأعود وأؤكد من خلالكم على أن هذا الاستحقاق ونظراً للواقع البرلماني القائم حالياً، والذي لا يعطي لأيّ طرف القدرة على حسم هذا الاستحقاق بمفرده لا يمكن إنجازه إلاّ بالحوار والتوافق، وأيّ كلام آخر هو عبث وإطالة لأمد الفراغ لأهمّ موقع دستوري. طرحنا مبادرة في ذكرى الإمام الصدر، تقوم على حوار تحت قبّة البرلمان لمدّة أقصاها 7 أيام، يليها جلسات متتالية ومفتوحة لانتخاب رئيس للجمهورية، نأمل أن تستجيب كافّة القوى والكتل البرلمانية لهذه الدعوة. وبالرغم من الأصوات الرافضة للحوار، وبالرغم من أنّ أسباب ومبررات الرفض غير مقنعة على الإطلاق ولا تفسر إلاّ على وجه واحد، وهو أنّ أحداً في لبنان لا يريد انتخاب رئيس للجمهورية، إلاّ أنّ غالبية الكتل تنظر إليها بإيجابية ومرحّبة، وأعود وأكرر ننتظر صحوة الضمير الوطني لدى بعض المكابرين، لكن بصراحة لن ننتظرهم إلى ما لا نهاية وسنبني على الشيء مقتضاه الوطني. لن نيأس كلنا ثقة بأنّ لبنان في نهاية المطاف سوف ينجز هذا الاستحقاق عاجلاً وليس آجلاً".

وعصر يوم أمس استقبل رئيس "تيار المردة" سليمان فرنجيه، في منزل نجله النائب طوني فرنجية في بيروت، لودريان يرافقه السفير الفرنسي الجديد هيرفي ماغرو، وقد أشار بيان لـ"المردة" إلى أنّ "اللقاء عقد بحضور النائب طوني فرنجية والوزير السابق روني عريجي. وخلال اللقاء، تمّ البحث في الوضع السياسي الراهن وسبل إتمام الانتخابات الرئاسية، في ظلّ كلّ الأزمات الضاغطة والملحّة. كما تمّ تأكيد أهمّيّة الحوار كمدخل أساسي وضروري لإنجاز الاستحقاق الرئاسي في أسرع وقت".

وختم الموفد الفرنسي جولته أمس بلقاء رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل في ميرنا الشالوحي من دون أن يصدر أي بيان حول اللقاء وما تم البحث فيه. 


لودريان لن يبدي رأيه قبل استكمال جولته

وفي حين شدّد لودريان على أنّه جاء لاكمال مهمته، وأنه لن يُبدي رأيه قبل استكمال الاتصالات واللقاءات التي سيقوم بها، وزعت السفارة الفرنسية في بيروت بياناً عن الزيارة، واشارت فيه الى انّ "السيد لودريان يجري زيارة إلى لبنان للمرة الثالثة وتستمر حتى 15 الحالي، في إطار مهمته المتمثّلة في المساعي الحميدة التي استهلت في شهر تموز الماضي بالتنسيق مع الولايات المتحدة الأميركية والمملكة العربية السعودية وقطر ومصر.

وسيجري محادثات جديدة تندرج في سياق المباحثات التي أجراها خلال مهمتيه السابقتين، مع جميع الجهات الفاعلة السياسية الممثلة في البرلمان والتي انتخبها اللبنانيون والتي تتحمل مسؤولية انتخاب رئيس الجمهورية، فيما سيؤكّد ضرورة الخروج من الأفق السياسي المسدود حالياً، وسيتطرق مع جميع الجهات الفاعلة، إلى المشاريع ذات الأولوية التي ينبغي لرئيس الجمهورية الجديد أن يعالجها بغية تيسير بلورة حلّ توافقي في البرلمان وسد الفراغ المؤسسي.

وتعتزم فرنسا، كما ذكر رئيس الجمهورية الفرنسية ووزيرة أوروبا والشؤون الخارجية خلال مؤتمر السفراء، العمل من أجل سيادة لبنان واستقراره، وهذا البلد بحد ذاته، لم تتخلّ عنه فرنسا. ويمثل انتخاب رئيس للجمهورية اليوم ضرورة ملحة وخطوة أولى في سبيل إعادة تحريك المؤسسات السياسية".

السعوديون كانوا يقصدون فرنجية تحديداً

على صعيد متصل بالملف الرئاسي يقول فريق من السياسيين المعنيين أنّ ما يؤرق الفريق المعارض لترشيح فرنجية، هو أنّ توقعات هذه الأيام تشير الى احتمال حصول اتّفاق سعودي ـ حوثي بوساطة إيرانية ـ حزب اللهية يمكن أن تحصل في لحظة ما بين السعوديين والحوثيين، وتفضي حتماً إلى اتّفاق بين الجانبين يقفل ملف حرب اليمن إلى غير رجعة.

وفي رأي هؤلاء السياسيين أنّه في حال حصول مثل هذا الاتفاق السعودي ـ الحوثي لا بدّ أن يكون مقابله ما يرفع من فرص فرنجية الرئاسية، وفي هذه الحال سيكون فريق المعارضين أمام خيارين: إمّا أن يسلّموا به، أو على الأقلّ لن يكون في استطاعتهم الوقوف في وجهه أو تعطيله، وإمّا الاستمرار في المعارضة والرفض والتعطيل، معتقدين أنّ في إمكانهم تغيير الأمر والدفع إلى خيار آخر. علماً أنّ السعوديين عندما أعلنوا أن ليس لديهم "فيتو" على أيّ مرشّح في المطلق، إنّما كانوا يقصدون فرنجية تحديداً، في هذا الإعلان الذي أعقبه لقاء بينه وبين السفير السعودي وليد البخاري الذي استضافه على ترويقة في مقرّ سكنه في اليرزة. وقيل أنّه كان يفترض أن يعقب هذا اللقاء زيارة يقوم بها فرنجية إلى الرياض بناءً على دعوة رسميّة، ولكن لم يعرف ما إذا كانت هذه الزيارة قد تمّت أم لا.

خطاب جعجع شديد اللهجة لم يكن لغير المعارضين

على أنّ البعض ربط بين ما يجري على خطّ الرياض ـ طهران ـ حزب الله وبين الخطاب الشديد اللهجة الأخير لرئيس حزب "القوات اللبنانية" الدكتور سمير جعجع من معراب، فهذا الخطاب ربما كان مقنعاً للمعارضة ومحاكياً لما يجول في خواطر أطرافها، ولكنّه لم يكن مقنعاً للآخرين من غير المعارضين، لأنّه لم يحمل أيّ أفكار جديدة خارج إطار مواجهة المشروع السياسي للفريق الآ خر، ورفض الدخول معه في تسوية أو تفاهم على إنجاز الاستحقاق الرئاسي، والعمل على تعاون جماعي لإخراج البلاد من أزمتها، ولذلك غلب على خطابه طابع الشعبوية من زاوية رفض التعايش مع الفريق الآخر، والتوعّد بمنعه من إيصال مرشحه إلى رئاسة الجمهورية.

لقاء رعد - عون مصادفة أثار حفيظة باسيل خشية حصول صفقة بين الطرفين

على أنّ الحدث الكبير على ساحة الاستحقاق الرئاسي كان لقاء المصادفة الذي حصل بين رئيس كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب محمد رعد وقائد الجيش العماد جوزف عون. ويعلق قطب سياسي على ما نشر وقيل عن اللقاء بالقول: "حمّلوه أكثر ممّا يحمل"... والبعض "عملوا من الحبّة قبّة"، فرعد التقى عون مصادفة، ولم يكن هناك أيّ اتّفاق مسبق على هذا اللقاء الذي تناول الحديث خلاله مجمل القضايا المطروحة من الاستحقاق الرئاسي إلى النزوح السوري وأحداث مخيم عين الحلوة والأوضاع العامة في البلاد ودور الجيش في حفظ الأمن، ولم يكن هناك أيّ موقف محدّد حول موضوع محدّد.

يقول أحد المطّلعين على ما دار في اللقاء أنّ تسريب خبر انعقاده لم يكن من جانب الحزب، وأنّ المسرّبين عما دار فيه من أحاديث دخلوا في مبالغات إلى درجة أثارت حفيظة كثيرين وخصوصاً رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل، الذي راح يجري اتصالات يميناً وشمالاً للوقوف على حقيقة ما جرى، خاشياً من حصول "صفقة" بين "الحزب" و"عون" على حسابه، خصوصاً وأنّه يعارض ترشيح قائد الجيش بشدّة معارضته لترشيح فرنجية، ولكنّه يعد بالقبول بالأخيرإن اتّفق مع الحزب على المواضيع والملفّات التي هي موضع الحوار الجاري بين الطرفين.

والواقع، يضيف هذا المصدر، أنّ عون استفاد من التسريب عن اللقاء في ظلّ تنامي معطيات عن ارتفاع حظوظه في ضوء الاجتماع الخماسي الأخير في 26 تموز الماضي في الدوحة، و"حزب الله" استفاد من التسريب لتوجيه رسالة لباسيل بأنّ عليه أن يتوقّف عن "الزئبقية" في المواقف التي يمارسها تجاه الحزب داخل الحوار وخارجه، وحسم موقفه النهائي قبولاً بفرنجية أو رفضاً حتى يبنى الحزب على الشيء مقتضاه، خصوصاً وأنّ القاصي والداني بات يعرف أنّ المسألة بالنسبة إلى باسيل ليست اللامركزية الإدارية والمالية الموسّعة والصندوق الائتماني، اللذين لا يمكن الحزب والتيار التقرير في شأنهما وحدهما وإنّما هما ملفان كبيران ومصيريان يحتاجان إلى اتفاق وطني جامع على إقرارهما، وأنّ المسألة تتعلّق بموقع "التيار" في عهد فرنجية في حال انتخابه. فباسيل يرفع سقف المطالب والشروط حتى يتمكن في النهاية من تحقيق المكاسب التي ترضيه سياسياً وإدارياً خلال العهد المقبل، ليقال له في النهاية عبارة الرئيس رشيد كرامي الشهيرة في الرد على مداخلات كمال جنبلاط الطويلة في الجلسات النيابية: "قراها من تحت يا كمال بك"، إذ كان الأخير يُدرج ما يريد من مطالب للجبل وعلى المستوى الوطني في نهاية مداخلاته في الجلسات النيابية.

انجاز كبير جداً... أول موازنة تقرّ في مواعيدها منذ العام 2002

على خط أخر، رأس رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي جلسة لمجلس الوزراء في السرايا الحكومية تمّ خلالها اقرار مشروع قانون الموازنة العامة للعام 2024، وفي ختام الجلسة، قال ميقاتي في لقاء صحافي مباشر: "نحن اليوم أقرّينا موازنة العام 2024، وأودّ أن أقول بأنها أول موازنة منذ العام 2002 تقرّ في مواعيدها الدستورية قبل بدء الدورة الثانية لانعقاد مجلس النواب، وهذا انجاز كبير جداً."

عين الحلوة والهدوء الحذر

على خطّ عين الحلوة، خيَّم الهدوء الحذر في ساعات المساء على محاور الاقتتال داخل المخيم رغم الرشقات النارية التي كانت تسمع أصواتها من وقت إلى آخر، وبينما أفيد عن لقاء قيادي عقد بين حركتي "حماس" و"فتح"، في مقرّ السفارة الفلسطينية في بيروت للبحث في تثبيت وقف إطلاق النار، ترأس وفد "حماس" موسى أبو مرزوق وعزام الأحمد وفد "فتح".

وفي ضوء عدم استقرار الأوضاع الأمنية في مخيم عين الحلوة، مددت رئاسة الجامعة اللبنانية إغلاق كل فروعها في صيدا.

وكذلك تستمر سرايا صيدا في إقفال إداراتها الرسمية، بناء لتوجيهات المحافظ منصور ضو، فيما أعلن رئيس جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية في صيدا محمد فايز البزري، استئناف العمل الإداري في مكتب ومدارس الجمعية غدا الأربعاء، باستثناء مدرسة عائشة أم المؤمنين، والتي ستتابع إدارتها التحضير لبدء العام الدراسي من مكاتب الجمعية.

وفي وقت سابق أمس، اتسعت رقعة الاشتباكات في المخيم، فامتدت من حي الطيره، الراس الاحمر والبستان، إلى البركسات والطوارئ مع استعمال قذائف والقاء قنابل، فيما سجل سقوط قذيفة قرب ماكدونالدز - صيدا عند الطرف الجنوبي للمدينة، كما سقط رصاص بشكل كثيف على حي الجامعة اللبنانية.

الجيش يحبط محاولة تسلل نحو 1250 نازح سوري

على خط آخر، وفي إطار مكافحة تهريب الأشخاص والتسلل غير الشرعي عبر الحدود البريّة، أحبطت وحدات من الجيش اللبناني، بتواريخ مختلفة خلال الأسبوع الحالي، محاولة تسلل نحو 1250 سوري عند الحدود اللبنانية السورية.