وسط ترقّب الخصوم والحلفاء وبانتظار خرق جدار الصّمت بشأن الانتخابات الرئاسية في لبنان، زار السفير السعودي في بيروت وليد البخاري دار الفتوى، صباح اليوم، حيث استقبله مفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان. 

ما صدر عن الزيارة هو تغريدة يتيمة، جاءت عبر حساب البخاري على التويتر، وقد اقتصرت على العموميات حول استعراض آخر المستجدات المتعلقة بالشأن الرئاسي اللبناني فضلاً عن القضايا ذات الإهتمام المشترك وفق تعبير البخاري نفسه. 

ويتركّز الاهتمام بالموقف السعودي من الاستحقاق الرئاسي في لبنان نظراً لتأثر بعض الفرقاء المحلّيين بموقف المملكة من الأزمة اللبنانية ورؤيتها للحل وفق مواصفات حدّدتها في أكثر من مناسبة من دون الخوض في أسماء مرشحين. بالاضافة الى مشاركة الرياض في اجتماعات اللجنة الخماسية لمتابعة الشأن اللبناني وما حكي عن دور فرنسي داعم لترشيح الوزير السابق سليمان فرنجية لسدّة الرئاسة تقابله ممانعة سعودية وأميركية، تم الإيحاء بأن السعودية يمكن أن تعدّل موقفها في ضوء التفاهم مع إيران من جهة وسوريا من جهة أخرى. 

وما سبق زيارة البخاري للمفتي من أحداث لا بد من التوقف عندها وتشريحها لاستخراج ما هو أقرب إلى المنطق التحليلي للوقائع، ويأتي في مقدّمها جولات تقريب وجهات النظر التي بدأها نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب، بحثاً عن قواسم مشتركة للمنقسمين حول الملفّ الرئاسي.

بو صعب الذي يخوض مهمة "كريستوف كولومبوس" الإستكشافية، وصف لقاءه برئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع بالـ"مميّز"، وقد بدا تصريحه لافتاً من معراب بالأمس، إذ شدّد على أنّ "اللقاء كان جيّداً" وأنّه لمس انفتاحاً من "رئيس القوات"، كل ذلك جاء خلافاً لما أُشيع بعد مغادرته بكركي في مستهلّ جولته، حيث التقى البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي. 

ومن المتوقع أن يستكمل بو صعب جولته حتى إيجاد مساحة مشتركة بين الجميع، و"لكي لا يبقى الجميع لا يريد التحدث إلى الجميع" وفق تعبيره. 

من جهتها، ترى مصادر مراقبة أنّ جولة بو صعب تأتي في إطار دعوة قديمة - متجدّدة للحوار دعا إليها رئيس مجلس النواب نبيه بري عقب دخول البلاد فترة الشغور الرئاسي، ويتزامن ذلك مع ما أفاد به بري لصحيفة الجمهورية اليوم حول الملف الرئاسي، معتبراً أنّ مجرد عدم نفي السعودية وفرنسا لما جاء على لسانه منذ ترشيحه لرئيس تيار المردة سليمان فرنجية فهذا يعني أنّه يسلك الطريق القصيرة نحو بعبدا، كما حاول في حديثه استفزاز جعجع واصفاً إياه بـ"المتوتّر" وأنّ "إنكاره لا يغيّر الواقع"، إلّا أنّ الأخير لم يردّ، على خلاف عادته. 

في غضون ذلك، كان تصريح عضو كتلة اللقاء الديموقراطي النائب وائل أبو فاعور الأخير، لافتاً من حيث الشكل والتوقيت، في الشكل أكَّد أن "التقدمي الاشتراكي" مستعدّ للنظر في ترشيح أيّ شخصية لرئاسة الجمهوريّة تستوفي شروط التبنّي العربي وتحظى بموافقة الكتل المسيحية ولا تمثّل تحدّياً لأحد. أمّا في المضمون، فقد أوضح أنّ "المملكة تُعيد قراءة موقفها من ترشيح فرنجية لرئاسة الجمهورية"، وكأنّ كل ما ورد على لسانه بمثابة تحضير الأرضية للاستدارة الجنبلاطية نحو فرنجية، فلا يمكن لأبو فاعور إلّا أن ينضح بما في الإناء الجنبلاطي. 

وفيما الجميع منفتح على الجميع وفق تعبير الجميع، تبقى الأمور مرهونة بكلمة سر يحملها البخاري، ولكن يبدو حتّى اللحظة أنه ليس هنالك من إيعاز ملكي بالبوح، بانتظار تبلور الاتفاق السعودي - الايراني أكثر فأكثر، لتصبح الصورة أكثر وضوحأً حول مختلف ملفّات المنطقة ومنها لبنان.