وأعرف أن الإنسان يشقى بتفكيره إذا هو لم يلقَ جواباً مقنعاً على كلّ سؤال يطرحه على نفسه. 

أيكون أنّ الفكر مصيبة ابتلي بها الإنسان دون سائر الكائنات؟ أيكون أنّ الذي لا يفكّر خير من الذي يفكّر؟ أيكون الحيوان أسعد حظاً في حياته من الإنسان؟ 

إنّي لأشفق على من يمرّ ببيدر مفروش بالسنابل فلا يبصر عليه غير سنابل.

أو بيدر يدور عليه نورج يجرّه ثوران فلا يرى غير نورج يجرّه ثوران.

أو بيدر عليه كومة من الحَبّ والتبن وقد راحت المذرة تلقّمها الهواء، فلا يبصر غير كومة من تبن وحبّ ومذراة تنهبها صعوداً وهبوطاً.

فللبيادر ظاهر وباطن مثلما لكلّ شيء. ومن فاته التمتّع بما تبطّنت عنه البيادر فاتته متعات للروح أين من نعومتها خشونة الظواهر. 

ميخائيل نعيمة ( 1889-1988) ، أديب وفيلسوف لبناني ، أحد شعراء الرابطة القلمية، يشتهر بكتاباته الروحية ، منها كتاب مرداد. ويُعتبر على نطاق واسع أحد أهم الشخصيات في الأدب العربي الحديث وواحد من أهم الكتاب الروحيين في القرن العشرين. ترك خلفه العديد من المؤلّفات باللغات العربية والإنكليزية والروسية، وترجمت كتبه إلى العديد من اللغات الأخرى.