الصفا

كلّما التقى مرشّح رئاسي بحزب الله وتباحث معه بشأن الانتخابات، عبّر عن رأيه بأنّ الأزمة الرئاسية في لبنان مستعصية، إلّا في حال التفاهم السعودي مع الحزب. في رأيهم أنّ مرحلة التفاهمات التي تشهدها المنطقة، لا بدّ أن تشهد مثل هذا الحوار لأهميته، خاصّة وأنّ حزب الله له الرّأي المرجّح في اختيار المرشح الرئاسي، وهو نفسه يقرّ بإستحالة انتخاب أي مرشّح من دون موافقة الرياض. طرفان أساسيان لا بدّ أن يلتقيا، طالما أنّ سبب تباعدهما وهو حرب اليمن قد انتفى عملياً، وفتح حوار مباشر بين السعودية وإيران أدّى بالمقابل إلى حوار سعودي مع الحوثيين. يبني أحد المرشحين للرئاسة على هذا الواقع للقول أنّ لا بد لمثل هذا الحوار أن يبصر النور.

وأبعد من الاستنتاج وبحسب معلومات توافرت لـ "الصفا نيوز"، فقد أبدى البعض رغبتهم في لعب دور على هذا المستوى، لكن دون أن يتحوّل الموضوع إلى خطوات ملموسة، أو أن يتم أي لقاء سياسي أو حتى أمني بين السعودية وحزب الله.

وفيما انشغلت بعض الأوساط بالحديث عن مواعيد تم تحديدها للقاءات بين الطرفين، نفت مصادر مطلعة أن يكون تم تحديد أي موعد حتى كتابة هذه السطور، مع التأكيد أن لا مانع يحول دون هذا الأمر حين تتوافر الأجواء المناسبة.

وينفي حزب الله وجود أي وساطة أو حوار مباشر أو غير مباشر مع الرياض، ولو أنّ مثل هذا الحوار الذي كان حتى الأمس القريب مستحيلاً فصار بفعل الاتفاق الإيراني السعودي ممكناً، لكن هذا لا يعني وجود أيّ مسعى في هذا الاتجاه بعد.

يعود آخر تواصل بين الحزب والمملكة إلى آخر زيارة قام بها وفد حزب الله برئاسة نائب الأمين العام الشيخ نعيم قاسم عام 2008. قبلها كانت علاقة سفراء المملكة مع حزب الله في لبنان ممتازة، ويحصل تبادل زيارات ولقاءات متواصلة حتى مع الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله. لم يسبق لحزب الله أن اختلف مع السعودية حول دورها في لبنان، بدأ الخلاف على خلفية الحرب في اليمن وتبادل الإتهامات حول دور كلاهما في المعارك. اتّهمت السعودية الحزب بدعم الحوثيين سياسياً وعسكرياً وحمّلته مسؤولية الحرب الدائرة، بينما اتّهم حزب الله السعودية بالضّلوع بدور أساسي في حرب اليمن.

بفضل الاتفاق السّعودي الإيراني صارت الحرب في اليمن على نهايتها، وفتح الحوار المباشر بين الأطراف وهناك خطوات عملية وإتفاقيات تتبلور سريعاً لطي هذه الصفحة. ومن يحاور الإيرانيين لن يصعب عليه الحوار مع حزب الله والعكس صحيح. رحّب حزب الله بالاتفاق الذي وقّع في بكين وكان انعكاسه على خطابه السياسي واضحاً وجلياً، وتمثّل بلهجة المهادنة في التعاطي، وهو الدّاعي منذ اندلاع الحرب في اليمن إلى الحوار الذي اعتبره حلاًّ مهما طال زمن الأزمة، كما هو الحلّ لكلّ أزمات المنطقة، وهو حوار لن يعارضه في حال طرح مع السعودية مباشرة.

في أدبيّاته السياسية ورداً على سؤال عمّا إذا كان يمكن لحزب الله أن يحاور السعودية، سيكون الجواب نعم بالتأكيد. ولكن هل حصل مثل هذا الحوار، فالجواب يكون بالنفي، لأن حزب الله وفي الوقت الحاضر لم يفاتح بمثل هذا الموضوع ولا طُرحت عليه مبادرات، بل هي استنتاجات للبعض ومحاولات خجولة للتقارب طرحت من دون أي تفاصيل أو خطوات عملية في الأفق.

وإذا كانت الفكرة لم تتبلور بعد لتتحوّل إلى خطوات عملية، فإن هذا لا ينفي احتمال حصول هذا الحوار وبشكل مباشر في أي لحظة خاصة، وأنّ هناك جهات إقليمية ودوليّة لمّحت إلى مثل هذا الحوار من بعيد لبعيد، وفي الطّليعة فرنسا التي تسعى بكل قوتها لإحداث تطوّر في الملف الرئاسي اللبناني، ولا توفّر جهداً في هذا الاتجاه، وهي تتمنى أن تسير المملكة على خطاها بفتح حوار مباشر مع حزب الله لأن طرح أيّ مرشح رئاسي من دون الحوار المباشر معه سيكون ضرباً من المستحيل.

مصادر متابعة للاتفاق الإيراني مع السعودية تتحدث عن قوة دفع دولية بهذا الاتجاه، مشيرة إلى وجود مساعٍ لجهات تطوّعت لفتح قنوات حوار غير مباشر، ولكن لا شيء رسمي بعد، ولو أنّ التفاهمات السعودية سواء مع إيران أو مع سوريا، والتقارب الذي قطع شوطاً مهمّاً قد يؤسّس لمثل هذا الاحتمال ولو بعد حين.