داود ابراهيم

يستعد قطار الإنتخابات الرئاسية لترك محطة الانتظار باتجاه محطته المقبلة مع تسعير تذكرة الركاب بخمسين ألف ليرة لبنانية وهو ما بلغه سعر صرف الدولار الأميركي. وكانت صفارات القطار قد سمعت أمس في كليمنصو التي زارها في كانون الأول 2015 سليمان فرنجية لشكر رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط على كونه أول من رشحه. كليمنصو بالأمس كانت تستمع إلى كلام أمين عام حزب الله حسن نصرالله وهو يتحدث عن مواصفات رئيس الجمهورية الشجاع الذي لا يهتم بالتهديدات الأميركية.

عين التينة لم تكن بعيدة عما يحصل بين كليمنصو وحارة حريك من موقع المبارك والمرحب، وهو موقعها نفسه بين حزب الله والتيار الوطني الحر في مرحلة التباعد والطلاق. حزب الله الذي لم يسحب يده بعد من تفاهم مار مخايل وضع يده بيد الحزب التقدمي الاشتراكي أحد أشرس خصوم الأمس على الساحة المحلية.

لقاء كلمينصو الذي تم بترتيب من رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط وهو ما حرصت قناة المنار على ذكره دام لنحو ساعة وبحث الاستحقاق الرئاسي، حيث رأى الطرفان ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية في اسرع وقت واعتبر ان الحوار بين اللبنانيين يشكل احد المداخل الطبيعية والرئيسية للوصول الى ذلك.

وحضر اللقاء إلى جنبلاط المعاون السياسي للامين العام للحزب الحاج حسين الخليل، مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في الحزب وفيق صفا، النائب تيمور جنبلاط، الوزير السابق غازي العريضي، أمين السر العام في الحزب الاشتراكي ظافر ناصر ومستشار جنبلاط حسام حرب.

وفي ظل ما تعانيه البلاد من أزمات اقتصادية مالية ومعيشية، اشارت المصادر انه جرت مناقشة الوضع الاقتصادي وضرورة معالجته سريعا. وأن وفد حزب الله تطرق الى الحصار الاقتصادي المفروض والمنظم على لبنان من قبل الولايات المتحدة الاميركية حيث اكد ان الاميركيين متعمدين عدم السماح لبعض الدول بمساعدة لبنان- نبه الطرفان الى خطورة بعض الدعوات الى التقسيم. وتم الاتفاق على اهمية بدء عمل الشركات المستخرجة للنفط كما العمل على انشاء صندوق وطني سيادي مستقل. وجرى بحث العلاقات الثنائية بين الحزبين.

حزب الله الذي لم يعلن رسمياً ترشيح فرنجية، وإن كان الجميع يعلم أنه أول مرشحيه إن لم يكن أوحدهم، بالتوافق مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري ومباركته ودعمه، يزور أول من رشح فرنجية في الـ 2015 وحال حزب الله دون وصوله آنذاك عملاً بتفاهم سابق ووعد من نصرالله للعماد ميشال عون.

حين رفض رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل إعطاء موافقته على ترشيح حزب الله لفرنجية، تم تظهير هذا الموقف على أنه مجرد تباين في الآراء لا يضر بالعلاقة المتينة بين الطرفين. إلا أن العلاقة لم تكن بأحسن حالاتها قبل هذا الأمر خصوصاً أن فرنجية لم يكن في موقع المسهل أو المتعاون مع رئاسة عون للجمهورية. بل أن فرنجية ذهب في معارضته بعيداً فبلغ حد التشكيك بوجود النفط والغاز في المياه الإقليمية اللبنانية في محاولة للنيل من عون وباسيل. كما أن الحزب لم يستطع دعم عون أو تياره في أي ملف أو مشروع كان بري من المتصدين له، ويمكن الإسهاب في الأمثلة والمحطات والعناوين التي يقول التيار أن حزب الله ساير بري في عدم الخوض فيها، ما حرم عهد عون من تحقيق أي إنجاز ما خلال ملف ترسيم الحدود البحرية والتنقيب عن النفط والغاز والذي كاد ألا يتحقق أيضاً خلال ولاية عون نتيجة حراك كان بري خلفه.

إذا هو جنبلاط الذي يحضر اليوم ليكتمل المشهد الانتخابي في استعادة معدّلة لمشهد الاحتفال الذي دعت إليه السفارة السعودية في بيروت بالذكرى الـ 33 لتوقيع اتفاق الطائف حيث كان فرنجية في الصف الأول. جنبلاط الذي يقال عنه أن يرصد التطورات ويتنبأ بها رغم بعض الهفوات أو سوء التقدير، يبدو وكأنه يتوقع تقارباً سعودياً إيرانيا في ملفات المنطقة بعد "الإنحياز" السعودي إلى روسيا والتطورات على خط العلاقة التركية السورية ودور طهران في هذا المجال. مع علم جنبلاط بالمكانة الخاصة لفرنجية في المملكة يبدو أن حظوظ الأخير تتقدم على الآخرين.

حزب الله قرر ترجمة دعوته الفرقاء الداخليين إلى التوافق على رئيس وعدم انتظار الخارج وانطلق من مرشحه محاولاً توفير ظروف نجاحه في جلسة موعودة من دون تطيير النصاب. ومنذ الآن بدأ الحديث عما ستكون عليه المعارضة لعهد فرنجية المدعوم من حزب الله وحركة امل وجنبلاط مع عدم ممانعة خارجية. هل ترى القوات اللبنانية مصلحتها في دعم فرنجية أو في الالتقاء مع التيار لتشكيل العامود الفقري للمعارضة التي لن يكون حزب الكتائب ولا التيار التغييري بعيدين عنها.