أثار ما يُعرف بـ"تحدي الباراسيتامول" موجة من الهلع في الأوساط الجزائرية بعد رصده على نطاق واسع عبر تطبيق تيك توك، حيث أقدم بعض المراهقين على تناول جرعات كبيرة من هذا الدواء دون إشراف طبي، في سلوك استعراضي يعكس أحد أخطر الاتجاهات الحديثة على منصات التواصل الاجتماعي.
من التسلية إلى المستشفى
بدأت القصة عندما أُعلن عن إصابة تلميذ في ولاية المدية بأعراض التسمم بعد استهلاك مفرط للباراسيتامول، نُقل على إثرها إلى المستشفى، ما دفع الجهات الرسمية إلى دق ناقوس الخطر وإصدار تحذيرات عاجلة.
وتقوم فكرة التحدي على تناول كميات مفرطة من دواء الباراسيتامول – المعروف كمُسكن شائع وخافض للحرارة – بهدف الحصول على تفاعل أو محتوى "فيروسي"، من دون أي إدراك للمخاطر الصحية الجسيمة التي قد تترتب على ذلك.
تسمم وأمراض مميتة
حذّرت "الجمعية الوطنية للصيادلة" في الجزائر من أن التناول العشوائي للباراسيتامول قد يؤدي إلى تسمم حاد في الكبد، وفشل كلوي وبنكرياسي، بل وقد يصل إلى الوفاة خلال ساعات، خاصة عند تعاطي جرعات سامة تتجاوز قدرة الجسم على التحمل، والتي تختلف حسب الوزن والحالة الصحية.
وفي هذا السياق، أشار الدكتور محمد كواش، المختص في الصحة العمومية، إلى أن التسمم يبدأ من تناول ما بين 7 إلى 10 غرامات من الدواء. وقال إن الأعراض تبدأ بعد 24 ساعة وتشمل القيء، الغثيان، اضطراب التوازن، التهاب الكبد، أمراض القلب، الطفح الجلدي، والنزيف المعوي.
المدارس في حالة استنفار
وزارة التربية الجزائرية أعربت عن قلقها من وصول هذه الظاهرة إلى المدارس، داعية الإدارات التعليمية إلى تنظيم حملات توعية للطلبة وأوليائهم، لمنع تفشي هذا السلوك الخطير.
وفي خطوة داعمة، طالبت "المنظمة الجزائرية لحماية المستهلك" بتشديد الرقابة على بيع الباراسيتامول، ومنع وصوله إلى من هم دون السن القانونية، ووصفته بأنه "ظاهرة دخيلة وغريبة عن المجتمع الجزائري".
ولبنان ليس بمنأى عن الظاهرة
في لبنان، وعلى الرغم من الأزمات السياسية والاقتصادية التي تشغل الرأي العام، لم تكن البلاد بمنأى عن خطر التحديات الرقمية. فقد سجّلت بعض المدارس والمنظمات الأهلية حالات تأثر سلبي لتلاميذ ومراهقين بعد متابعتهم لتحديات خطرة على تيك توك، بينها محاولات لتجربة تحدي "خنق النفس" و"الحوت الأزرق"، ما استدعى تدخلات سريعة من الهيئات التعليمية ومبادرات شبابية للتوعية.
لكن رغم تلك المبادرات، لا يزال غياب التشريعات الرقمية الصارمة وضعف الرقابة على المحتوى، خاصة الموجّه إلى الفئات العمرية الصغيرة، يشكلان ثغرة خطيرة. كما تفتقر المدارس الرسمية والخاصة في كثير من المناطق إلى برامج التثقيف الرقمي، مما يترك المراهقين عرضة للتأثر بسهولة بالتحديات السامة التي تنتشر على السوشيال ميديا.
وفي هذا السياق، دعت جمعيات لبنانية مثل "حماية" و"كفى" إلى ضرورة إدراج التربية الإعلامية والرقمية ضمن المناهج، وتكثيف الدورات التدريبية للمعلمين وأولياء الأمور حول كيفية التعامل مع هذا النوع من المخاطر الإلكترونية.
تحديات رقمية خطرة أخرى
لا يُعد تحدي الباراسيتامول الأول من نوعه، بل يأتي ضمن سلسلة من التحديات الرقمية الخطيرة التي اجتاحت منصات مثل تيك توك ويوتيوب، مثل:
تحدي خنق النفس (Blackout Challenge): تسبب في وفيات بين الأطفال والمراهقين حول العالم، من خلال محاولة حبس النفس للحصول على "نشوة مؤقتة".
تحدي الحوت الأزرق: الذي دفع مراهقين للانتحار بعد سلسلة من المهام النفسية المدمّرة.
تحدي القفز من السيارة (Jumping Out of Moving Cars): والذي تسبب في إصابات جسدية خطيرة.
تحدي تناول المنظفات (Tide Pods Challenge): حيث قام مراهقون بابتلاع كبسولات تنظيف ما أدى إلى حالات تسمم شديدة.
إجراءات عاجلة لمواجهة الظاهرة
أعلنت السلطات الجزائرية عن خطة شاملة لمواجهة هذا التحدي، تضمنت:
فرض رقابة صارمة على بيع الأدوية.
ملاحقة الحسابات التي تروّج للتحدي.
إطلاق حملات توعوية في المدارس والمراكز الشبابية.
توعية أولياء الأمور بضرورة مراقبة النشاط الرقمي لأبنائهم.
دعوة منصات مثل "تيك توك" إلى إزالة المحتوى الخطر.
في هذا السياق، يقول الدكتور نبيل شرشال، خبير في الإعلام الرقمي والصحة النفسية، "ما نراه اليوم هو نتائج مباشرة لتأثير الخوارزميات التي تكافئ المحتوى الصادم والخطر بالانتشار السريع، وهو ما يجعل المراهقين يسعون للتميز الرقمي بأي ثمن، حتى على حساب صحتهم. الحل لا يكمن فقط في حذف التحديات، بل في بناء وعي رقمي حقيقي، وتربية الجيل الجديد على التفكير النقدي، والمخاطرة الآمنة، وإشراك الأهل والمدارس في هذه المهمة المصيرية."
تحدي الباراسيتامول ليس مجرد لعبة عابرة على "تيك توك"، بل هو جرس إنذار جديد حول خطورة التحديات الرقمية، التي يمكن أن تتحول إلى تهديد مباشر لحياة الشباب. المطلوب اليوم تضافر جهود الأسرة، المدرسة، السلطات الصحية، والمنصات التقنية لوقف هذا النزيف غير المرئي.
ما هو التحدي؟
تناول جرعات كبيرة من دواء الباراسيتامول بهدف "المشاركة في التحدي" دون إشراف طبي!
الأضرار الصحية:
تسمم حاد في الكبد
فشل كلوي وبنكرياسي
نزيف داخلي والتهاب كبدي
احتمال الوفاة خلال ساعات
حالة خطيرة في الجزائر دفعت إلى:
إطلاق تحذيرات من وزارتي الصحة والتربية
حملات توعية في المدارس
مطالبات بتشديد بيع الدواء ومراقبة المحتوى على السوشيال ميديا
وفي لبنان:
رُصدت تحديات مشابهة مثل "الحوت الأزرق" و"خنق النفس"، وسط غياب واضح للتوعية الرقمية داخل المدارس.
دعوات إلى:
إدراج التثقيف الرقمي في المناهج
مراقبة الأهل لسلوك أبنائهم على الإنترنت
تدخل سريع من منصات مثل تيك توك لحذف المحتوى الخطير