على مرِّ السّنين، شهدتِ السّاحةُ الفنيّةُ العربيّةُ اعتزالَ العديدَ من الفنانين الذين اختاروا الابتعاد عن الأضواء بعدَ مسيرةٍ فنيّةٍ حافلةٍ. تعددتِ الأسباب وتنوّعتِ الدّوافع، فمنهم مَن اتجهَ للتديّن ومنهم مَن بحثَ عن حياةٍ أكثر هدوءاً بعيداً عن صخبِ الشّهرة. من بين هؤلاء الفنانين ربيع الخولي وكاتيا حرب ومحمد المازم ومؤخراً، رويدا عطية.

ربيع الخولي

كانَ ربيع الخولي أحد أبرز الأسماء في الساحة الفنيّة اللبنانيّة في ثمانينيات القرن الماضي. تميّز بصوته الدافئ وأغانيه الرومانسيّة التي لاقتْ رواجاً كبيراً. إلّا أنّ الخولي قررَّ فجأةً الاعتزال والتوجّه إلى الحياة الرهبانية. اعتزلَ الغناء وانضمَّ إلى الرهبنة المريمية بداية القرن الحالي، مفضّلاً حياة الهدوء والتعبّد على حياة الشّهرة والأضواء. يُعتبرُ الخولي من أوائلِ الفنانين الذين اتّخذوا هذا القرار، ممّا جعلَهُ قدوةً لفنانين آخرين، مثل كاتيا حرب وباسمة.

كاتيا حرب

كاتيا حرب، الفنانة اللبنانية المعروفة بصوتِها الجميل وأغنياتها المميّزة، اختارتْ أيضاً الاعتزال في أوَجِ نجاحِها. جاءتْ هذه الخطوة بعدَ تأمّلٍ طويلٍ في أمورها الشخصيّة والمهنيّة، حيثُ قررتِ التّركيز على حياتها الروحيّة والعائلية. لم تكنْ هذه الخطوة سهلةً، خاصة لجمهورها الذي أحبّها وانتظرَ جديدها بشغفٍ، إلّا أنّ حرب أكدتْ أنّ هذا القرار كانَ الأفضل بالنسبةِ لها.

محمد المازم

الفنان الإماراتي محمد المازم، الذي حقّقَ نجاحاً كبيراً في التسعينيات، فاجأَ جمهورَهُ بإعلانِهِ اعتزالَ الغناء عام 2007، ثمّ اتجهَ عبرَ أعمالٍ متفرّقة للإنشاد الدّيني والأغنيات "الهادفة". المازم أوضحَ أنّ قراره جاءَ بعد تفكيرٍ عميقٍ ورغبة في التّركيز على أمورٍ أخرى في حياته، من بينها العمل الخيري والتفرّغ لعائلته، رغم أنّ محبيه تمنوا عودتَهُ إلى الساحة الفنية.

رويدا عطية

رويدا عطية، الفنانة السوريّة التي بدأت مسيرتها الفنية من خلال برنامج "سوبر ستار"، حققت نجاحاً كبيراً بأغنياتها القويّة وأدائها الممّيز. إلّا أنّها في السنوات الأخيرة، قررتِ الابتعاد عن الأضواء والتفرّغ لحياتها الشخصيّة. عطية أوضحتْ أنّ هذا القرار نابع من رغبتها في البحث عن الهدوء والسلام الداخلي، بعيداً عن ضغوط الحياة الفنية.

لا شكّ أنّ اعتزال هؤلاء الفنانين وغيرهم، ترك فراغاً في الساحة الفنيّة العربية بالنّسبة لشريحة واسعة من محبيهم، خاصة وأنّ كلّاً منهم كانَ لهُ أسلوبه المميّز وجمهوره الخاص، إلّا أنّ الفن بطبيعته يتجددُ دائماً، ويستمرُ بفضل المواهب الجديدة التي تظهر باستمرار. تبقى أعمال هؤلاء الفنانين المعتزلين خالدة في ذاكرةِ محبيهم، تذكّرنا دائماً باللحظات الجميلة التي عاشوها على أنغام أغنياتهم، وقد يعدلُ البعض عن قرارِ الاعتزالِ في أيِّ لحظة!