طغت عودة رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري على المشهد اللبناني، فعلى الرّغم من أنّها ثانية الزيارات منذ إعلان الرجل تعليقه العمل السياسي، فإنّها لا تشبه سابقتها، أقلّه من حيث الشكل، في حين يبقى المضمون رهن اللقاءات المقبلة والكلمة التي سيلقيها غداً في ذكرى 14 شباط، والتي ستضع حداً للتكهنات المُفرطة التي سبقت الزيارة بأيام.

ومن حيث الشكل أيضاً، افتتح الحريري لقاءاته الرسمية أمس، بزيارة السراي الحكومي وقد ترجمها البعض على أنّها رسالة واضحة أراد من خلالها الحريري التشديد على أهمّية موقع الرئاسة الثالثة في الحياة العامة اللبنانية، وأنّ الأثر الذي تركه غياب مكوّن أساسي كتيار المستقبل على الحياة السياسية لأكثر من عامين، أحدث خللاً لمسته جميع المكونات خصوماً وحلفاء.

حراك روسي لافت نحو لبنان

وفي حراك روسي لافت نحو الداخل اللبناني، تسلّم الحريري دعوة خاصة إلى زيارة موسكو، سيُعيّن موعدها في ‏الوقت المناسب، إذ قال المبعوث الخاص للحريري إلى روسيا ‏جورج شعبان: "نحن على تواصل دائم مع القيادة ‏الروسية وعلى تشاور دائم حول الأوضاع في المنطقة ‏والإقليم مع القيادة الروسية، ولم تنقطع هذه الاتصالات ‏منذ اعتكاف الرئيس الحريري".‏

وتأتي دعوة الحريري بالتزامن مع إنهاء رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي السابق وليد جنبلاط زيارة مماثلة إلى موسكو نهاية الأسبوع الفائت، التقى خلالها وزير الخارجية سيرغي لافروف، ما رسم الكثير من علامات الاستفهام حول دور روسي محتمل وأكثر فعالية على الساحة الداخلية اللبنانية، تفرضه المتغيّرات التي شهدتها المنطقة عقب أحداث 7 تشرين الأول الفائت.

جنوباً، تشتدّ الوتيرة التصاعدية للمواجهات العسكرية والمتوقّعة من قبل محور المقاومة، إذ إنّ زيارة وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبدالله الاخيرة إلى لبنان حملت تحذيرات بهذا الخصوص، وقد أفادت بأنّ العدو سيُمعن في رفع سقف المواجهات العسكرية لأيام قليلة علَّه ينجح بذلك في جرّ الحزب إلى ما هو أوسع من مواجهات جنوبية، كما حملت الزيارة من التمنيات ما يكفي للالتزام بقواعد الاشتباك وعدم الانزلاق نحو تحقيق مبتغى نتنياهو.

من جهته، أعلن الدفاع المدني سقوط 4 شهداء جراء قصف إسرائيلي على منزل في مارون الراس، في حين استهدفت مسيرة إسرائيليّة سيارة بالقرب من مستشفى بنت جبيل الحكومي في غارة أدّت إلى وقوع إصابات، بينما أعلن جيش العدو استهدافه "بغارة سيارة في داخلها عناصر من حزب الله".

وفي حين أفيد بأنّ المستهدف مسؤول منطقة مارون الرأس بحزب الله محمد علوي بالغارة على بنت جبيل، شنّ العدو غارة على بلدة طيرحرفا استهدفت منزلاً في وسط البلدة، ما أدّى إلى إصابة شخصين بجروح بالغة الخطورة، في حين تمكّن عناصر جمعية "الإسعاف الصحي" من إجلاء ثلاثة مواطنين كانوا محتجزين في منزلهم جراء القصف إلى منطقة آمنة.

كذلك، تسبّبت الغارة بأضرار في عدد من المنازل، وعملت فرق الإنقاذ في الدفاع المدني على رفع الأنقاض وسط تحليق مكثّف للطيران المعادي في الأجواء. وكانت الأحراج في منطقة اللبّونة في شرق الناقورة وبلدة الضهيرة تعرّضت لقصف مدفعي متقطّع، كما استهدف الطيران الإسرائيلي بلدة الجبين والخيام وتلة العويضة بين كفركلا والعديسة قضاء مرجعيون.

في المقابل، أعلنت المقاومة استهدافها مبنى في مستعمرة افيفيم يتموضع فيه جنود ‏‏العدو، وآخر في مستعمرة يرؤون وثكنة زرعيت وتجهيزات تجسسية في موقع الرادار وثكنة ‏برانيت وموقع زبدين في مزارع شبعا بالأسلحة الصاروخية وقد حققت فيها إصابات مباشرة.

كذلك، نعت المقاومة الشهيدين محمد باقر حسان بسام من بلدة عيناثا، وعلي أحمد مهنّا من بلدة مارون الراس في جنوب لبنان.

ضوء أخضر أميركي والعين على رفح

على المقلب الفلسطيني، تتجه الأنظار نحو مدينة رفح جنوب قطاع غزة، حيث يعتزم الجيش الإسرائيلي تنفيذ خطة عسكرية برية فيها، من دون أن يكترث للواقع الإنساني الكارثي الذي فرضه على المدينة بعدما أجبر نحو 1.4 مليون نازح فلسطيني من شمال ووسط للقطاع للنزوح نحوها في خيم نصبت غالبيتها على الحدود مع مصر.

وبما يشبه الضوء الأخضر، أكَّد الرئيس الأميركي جو بايدن، في اتصال هاتفي مع رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، أمس، أنّ العملية العسكرية في رفح لا ينبغي لها أن تستمرّ من دون خطّة موثوق بها وقابلة للتنفيذ، في حين يعلّق الأخير آخر آماله الكبيرة على أن يحقّق ما عجز عن تحقيقه طوال أشهر أربعة، قائلاً: "إنَّ عدم الدخول إلى رفح سيؤدّي إلى خسارة الحرب والإبقاء على حماس”.

وجاء ذلك بعدما نفّذ العدو، فجر أمس الإثنين، عملية عسكرية تمكّن خلالها من تحرير أسيرين اثنين، بالتزامن مع القصف الجوي المتقطّع الذي يشمل المدينة وأطرافها، والذي أودى بحياة نحو 100 فلسطيني.

في سياق متصل، أعلنت حركة حماس، مقتل ثلاثة أسرى إسرائيليين في غزّة، من بين ثمانية أصيبوا بجروح بالغة عقب ضربات جوية إسرائيلية.