على إيقاع مقترح هدنة باريس، تلتهب المنطقة من بغداد إلى صنعاء مروراً بجنوب لبنان وصولاً إلى رفح في قطاع غزّة المكتظّة بالنازحين، والتي يستعدّ جيش الاحتلال بتوجيه من رئيس وزرائه لتدوين مجزرة جديدة فيها تضاف إلى سجّله الدموي الحافل. وبين مسارين اثنين إمّا هدنة توقف العدوان وتُبعد شبح الحرب عن لبنان وتدخل المنطقة في حال من الهدوء الحذر، وإمّا توسّعة لقواعد الاشتباك في كلّ الساحات الإقليمية، تقف واشنطن عاجزة حتّى اللحظة عن كبح جماح بنيامين نتنياهو الهائج المتعنّت الرافض تجرّع كأس الهزيمة وفتح صفحة اليوم التالي رغم كلّ ما يحيط به من فشل.

رفض نتنياهو مطالب حماس، التي أوردتها ضمن ردّها على مقترح باريس، مؤكّداً عزمه القضاء الكامل على الحركة في غزّة.وقال في مؤتمر صحافي، أمس الأربعاء، إنّه "يجب أن تكون هناك مفاوضات عبر وسطاء، لكن ليس في ضوء ردّ حماس"، معتبراً أنّ "مواصلة الضغط العسكري شرط أساسي، وأنّ التعاطي مع مطالب الحركة لن يؤدّي إلى تحرير المختطفين وإنّما إلى مذبحة جديدة".

في ما يتعلّق باليوم التالي للحرب في غزة، قال نتنياهو: "اليوم التالي هو اليوم الذي بعد (القضاء على) حماس. كلّ حماس"، مشيراً إلى أنّه وجه جيشه إلى "رفح مع فتح ممرّ آمن للسكّان".

في المقابل، قال القيادي في حركة حماس أسامة حمدان إنَّ وفداً من الحركة سيصل إلى القاهرة، اليوم الخميس، لمتابعة النقاشات الجارية بشأن الإطار المقترح لوقف العدوان وتبادل الأسرى، لافتاً إلى أنّ حديث نتنياهو عن مواصلة الحرب ما هو إلا الدليل على نيّته إبادة الشعب الفلسطيني، وتهجيره قسراً.

وأضاف حمدان في مؤتمر صحافي من بيروت مساء أمس: "نتنياهو يتعالى على أزمته السياسية وإخفاقه العسكري"، وإنّ الحركة "ستمنعه من تحقيق أهدافه بالطرق السياسية والعسكرية".

بلينكن: حذّرت نتنياهو من أفعال إسرائيل والاتفاق لا يزال ممكناً

في غضون ذلك، اعتبر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، أنّه لا يزال هناك مكان لاتفاق بين إسرائيل وحركة حماس، لافتاً إلى أنّه حذّر نتنياهو من أفعال إسرائيل التي تؤجج التوتّرات.

وقال بلينكن في مؤتمر صحافي عقده في تل ابيب: "هناك أمور من الواضح أنّها غير مقبولة في رد حماس، ولكن هناك مساحة تساعد في الوصول إلى اتفاق ونحن نعمل على ذلك من دون كلل حتّى التوصل إليه"، داعياً إسرائيل إلى "أخذ المدنيين بالاعتبار أولاً في عملية رفح".

واشنطن تستهدف المسؤول عن ملف سوريا العسكري في كتائب حزب الله العراقي

توازياً، هزّت 4 انفجارات قوية في وقت متقدّم من ليل أمس أرجاء العاصمة العراقية بغداد، إثر غارة شنّتها طائرة مسيّرة على سيارة تابعة لكتائب حزب الله العراقي، إذ قُتل على أثرها ثلاثة أشخاص على الأقلّ، بينهم قيادي في الكتائب، بحسب مصدر أمني ومصدر في كتائب حزب الله.

ونقلت "فرانس برس" عن المصدر الأمني قوله إنَّ في عداد القتلى قيادياً بارزاً مسؤولاً عن "ملف سوريا العسكري" في كتائب حزب الله العراقي، في حين أكّد مصدر مسؤول في وزارة الداخلية العراقية مقتل قياديين من الفصيل.

وسرعان ما أعلن مسؤول أميركي أنّ الولايات المتحدة شنّت هجوماً في بغداد استهدف "هدفاً فردياً عالي القيمة".

جلسة الحكومة اليوم رهن تجمّع العسكريين المتقاعدين

لبنانياً، شهد جنوب لبنان تصعيداً نوعياً تمثّل في غارات واستهدافات حتّى ساعات متقدّمة من ليل أمس، في حين عُلم أنّ السبب الكامن وراء إرجاء زيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري إلى بيروت، التي كانت مقررة، أمس، هو استضافة القاهرة، اليوم الخميس، جولة مفاوضات تناقش مقترح باريس للهدنة.

وعشية انعقاد جلسة مجلس الوزراء، أجرى رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي سلسلة لقاءات وزارية عُرضت خلالها مسألة الزيادات على رواتب القطاع العام، في حين أكّد تجمّع العسكريين المتقاعدين قراره السابق "بالتجمّع والتظاهر وإقفال مداخل مجلس الوزراء ومنعه من الانعقاد حتى إشعار آخر وإلى أن تتحقق العدالة والمساواة".