مئة ويومين اثنين على اليوم الذي هزَّ العالم (7 تشرين الأول 2023 - عملية طوفان الأقصى)، وخلط الأوراق الدولية حتى بات لارتداداته التأثير الرئيس في سير انتخابات "أميركا العظمى" كما غيرها من الانتخابات، ولبنان ليس ببعيد عنها. هو اليوم نفسه الذي عرّى زيف الديموقراطيات الكبرى والشرائع الدولية التي لم تتوانَ إسرائيل عن انتهاكها كلّها دفعة واحدة بلا خوف أو خجل.

ولأنّ الأقربين جغرافياً أكثر تأثيراً وتأثّراً، فعلى مدى الأيام الـ101 الفائتة (8 تشرين الأول 2023 يوم قرّر حزب الله مساندة غزة وفتح جبهة الجنوب)، تكاد الحرب تنفلت من كلّ قيودها تارة، لتعود تارة أخرى وتنضبط في مدى جغرافي محدّد على إيقاع تخبّط مجلس الحرب الإسرائيلي حول جدوى مواصلة أو وقف العمليات العسكرية في قطاع غزّة المحاصر واستمرار المعارك من دون تحقيق أيّ هدف من الأهداف المعلنة للحرب، إلا إن كانت المجازر وحجم الدمار هما الإنجاز، فإن إسرائيل تخشى من "اليوم التالي"، فيما إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن بدأت وبحسب ما تشير المعطيات بخطّ الكلمات الأولى لإعلان وقف الحرب الإسرائيلية على غزّة بطريقة أو بأخرى.

بعدها يصبح تأييد المختارة تحصيلاً حاصلاً

وتبقى حركة الموفدين الدوليين إلى لبنان بلا بركة، لأنها، ببساطة، تحمل من التهديد والوعيد ما لا يخيف من بيده قرار الحلّ والرّبط هنا ردّاً على خشية الموفدين ومحاذرتهم الطلب من الجانب الإسرائيلي وقف حربه المجنونة، وتالياً فالجواب الذي كان بانتظار الموفدين على اختلاف جنسياتهم كان أنّه قبل أن تتوقّف الحرب على غزّة، لن تتوقّف العمليات القتالية من العراق حتّى البحر الأحمر، أكان ضدّ أهداف أميركية - بريطانية أم إسرائيلية.

وعلى الصعيد اللبناني الضيق، كان الرّئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط وعقيلته السيدة نورا جنبلاط يستضيفان إلى مائدة العشاء في كليمنصو، رئيس "تيار المردة" سليمان فرنجية وعقيلته السيدة ريما فرنجية، والنائب طوني فرنجية وعقيلته السيدة لين زيدان، بحضور رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب تيمور جنبلاط وعقيلته السيدة ديانا جنبلاط، والسيد جوي الضاهر وعقيلته السيدة داليا جنبلاط، وعضو كتلة "اللقاء الديمقراطي" النائب وائل أبو فاعور وعقيلته السيدة زينة حمادة، و"كان بحث في مختلف الشؤون العامة" بحسب بيان للتقدمي.

وبحسب مصادر مواكبة للعشاء فقد طغت عليه الأجواء العائلية، إذ إنّ موقف الطرفين من الاستحقاق الرئاسي بات معلوماً، وخصوصاً أنّ جنبلاط ألمح في أكثر من مناسبة إلى أنّه لن يسير بما يعاكس الإرادة المسيحية في اختيار رئيس للجمهورية، إذ تتمثّل هذه الإرادة اليوم بسير فريق مسيحي كبير على الأقل (التيار الوطني الحر أو القوات اللبنانية) بخيار فرنجية المدعوم من قبل الثنائي الشيعي وبعدها يصبح تأييد المختارة تحصيلاً حاصلاً.

هل تعاد واقعة صوت كمال جنبلاط الذي مكّن فرنجية الجد من الفوز بالرئاسة؟

وتضع المصادر نفسها لقاء الأمس في إطار الاتّصالات التي يقوم بها الاشتراكي، عبر جنبلاط الأب والابن والرامية إلى تحصين الساحة اللبنانية وإرساء نوع من الاستقرار في ظلّ ما تشهده المنطقة من توتّرات. في مشهد يعيد إلى أذهان كبار الساسة الذين عايشوا حقبة رئيس الجمهورية الراحل سليمان فرنجية عام 1970 - 1976، واقعة صوت الزعيم الراحل كمال جنبلاط، الذي مكّن فرنجية الجد من الفوز بالرئاسة بفارق صوت واحد (50 مقابل 49) بمواجهة المرشح إلياس سركيس.

كذلك يستبق العشاء اجتماع ممثّلي اللجنة الخماسية الدولية (أميركا، فرنسا، السعودية، مصر وقطر) نهاية الشهر الجاري للبحث في الملف الرئاسي اللبناني، وتقييم زيارة الموفد الفرنسي جان إيف لودريان الأخيرة إلى بيروت تمهيداً لزيارة الأخير المقبلة، علّه يحمل معه طرحاً رئاسياً جديداً بعد انجلاء غبار المعركة في غزة.

توازياً، تشير مصادر مطلعة لـ"الصفا نيوز" إلى أنّ القناة التي غمز منها رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل خلال إطلالته الأخيرة، قد لا تكون بحجم اتخاذه قراراً بدعم قائد الجيش العماد جوزيف عون رئاسياً، معتبرةً أنّ مجرد الطرح يضع على الطاولة الإقليمية البحث باتفاق بحجم اتفاق الدوحة وربما أكبر والذي أوصل بطريقة استثنائية الرئيس ميشال سيلمان إلى قصر بعبدا بعدما كان قائداً للجيش.

وتشدد المصادر على أنّ باسيل يدرك أكثر من غيره أنّ المرحلة اليوم هي لتمرير الوقت لا أكثر، بانتظار ما ستفضي إليه الظروف الإقليمية والدولية، وهو ما استدعى منه تمرير "باس" لعين التينة عندما عبّر عن محبّته لرئيس المجلس النيابي نبيه بري "بالشخصي"، حيث مقتضيات المرحلة تتطلب تهدئة داخلية مقرونة بإثبات وجود مسيحي – ماروني.

اسرائيل تعلن انتهاء الاجتياح البري بمرحلته الكثيفة على غزّة

على الصعيد الميداني، أعلن وزير الحرب الإسرائيلي يوآف غالانت رسمياً أمس "انتهاء الاجتياح البري بمرحلته الكثيفة الحالية شمال قطاع غزة"، وأشار خلال مؤتمر صحافي إلى أنّ "الاجتياح البري الإسرائيلي بمرحلته الكثيفة لشمال قطاع غزة انتهى، واقترب موعد انتهائه جنوبي القطاع".

وقال غالانت: "خلال 100 يوم انتقلنا من الحرب في المستوطنات إلى الحرب داخل قطاع غزة، ويجب أن ننتصر خلال هذه الحرب، ولن نقدّم تنازلات وليس هناك طريق آخر"، مضيفاً: "القوة العسكرية هي الكفيلة باستعادة المخطوفين وتحقيق أهداف الحرب، ونحن فككنا البنية القتالية لـ"حماس" في كلّ مناطق قطاع غزة".

وشدّد غالانت على أنّه "لن يكون هناك أيّ تهديد عسكري من غزّة عند انتهاء الحرب، المناورة في المناطق الشمالية لقطاع غزة انتهت وستنتهي قريباً في الجنوب، والسلطة المقبلة في غزّة يجب أن ترتكز على قوة غير معادية لإسرائيل".

أمّا عند الحدود اللبنانية الجنوبية، فقد استهدفت المقاومة، أمس الإثنين، وعلى فترات متلاحقة خلال النهار، عدداً من المواقع الاسرائيلية داخل الأراضي المحتلّة، فقصفت موقع بركة ريشا، موقع السماقة – مزارع شبعا اللبنانية، موقع ‏المالكية، والتجهيزات التجسّسية المستحدثة في محيط موقع المطلة بالأسلحة المناسبة وأصابتها إصابات مباشرة.

كذلك استهدفت 3 تجمّعات لجنود العدو، الأول في محيط ثكنة ميتات والثاني في ثكنة راميم والثالث في موقع حانيتا بالأسلحة الصاروخية وحققت إصابات مباشرة، بالإضافة إلى قصف موقع بركة ريشا بصواريخ من نوع بركان.

في المقابل، تعرّضت كل من تلة حمامص، سهل مرجعيون، أطراف الجبين، أم التوت، أطراف الضهيره، الجبين، شيحين، طيرحرفا، عيتا الشعب وحانين، جبل بلاط، علما الشعب ورب ثلاثين، لقصف مدفعي تزامن مع تمشيط لأطراف بلدة العديسة.

كذلك، سمع دويّ انفجار صاروخ اعتراضي فوق الغندورية وصريفا، فيما رفع جيش العدو الاسرائيلي منطاداً تجسسياً فوق موقع الضهيره مجهّز بكاميرات مراقبة وأجهزة رصد، وذلك بهدف تغطية منطقة الجليل الغربي بالمراقبة بعد الأضرار الجسيمة والفادحة التي لحقت بمنظومته التجسسيّة المنصوبة في المواقع المقابلة للمنطقة المذكورة جرّاء صواريخ المقاومة التي دمرتها.