بالتعاون مع بريطانيا وبدعم من أستراليا والبحرين وكندا وهولندا، شنّت الولايات المتحدة، فجر اليوم الجمعة، ضربات على أهداف للحوثيين في اليمن، بعد استهدافهم على مدار أسابيع سفناً تجارية في البحر الأحمر تضامناً مع قطاع غزة الذي يشهد حرباً مع إسرائيل.

وبدوره، أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن أنّ الولايات المتحدة وبريطانيا وجّهتا "بنجاح" ضربات للمتمرّدين المدعومين من إيران، ردًّا على هجماتهم على سفن في البحر الأحمر، فيما أكد رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك أنّ الضربات كانت "ضروريّة" و"متناسبة".

وأكَّد الحوثيون بدورهم أن "لا مبرر" للضربات متعهّدين مواصلة الهجمات على السفن المرتبطة بإسرائيل.

وقالت قناة "المسيرة" التابعة للحوثيين عبر موقعها الإلكتروني إنَّ "عدواناً أميركياً بمشاركة بريطانية" يستهدف مواقع في العاصمة صنعاء ومدن أخرى.

وأشارت القناة إلى أنّ الضربات طالت "قاعدة الديلمي الجوية" الواقعة في جوار مطار العاصمة صنعاء، و"محيط مطار الحديدة، مناطق في مديرية زبيد، معسكر كهلان شرقي مدينة صعدة، مطار تعز، معسكر اللواء 22 بمديرية التعزية، والمطار في مديرية عبس".

وأفاد مراسلون لـ"وكالة فرانس برس" في صنعاء والحديدة بسماع دوي ضربات متتالية وتحليق للطيران، تبعته أصوات سيارات إسعاف، في حين أظهرت مقاطع مصوّرة تمّ تداولها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، انفجارات تضيء السماء وأصوات دويّ قوي وهدير طائرات.


السعودية تدعو إلى ضبط النفس 

وأصدر الرئيس الأميركي بياناً جاء فيه: "بتوجيه منّي، نفّذت القوّات العسكريّة الأميركيّة - بالتعاون مع المملكة المتحدة وبدعم من أستراليا والبحرين وكندا وهولندا - ضربات ناجحة ضدّ عدد من الأهداف في اليمن التي يستخدمها المتمرّدون الحوثيّون لتعريض حرّية الملاحة للخطر في أحد الممرّات المائيّة الأكثر حيويّة في العالم".

ووصف الضربات بأنّها "ردّ مباشر" على ما مجموعه "27 هجوماً" شنّها الحوثيون على سفن وشملت "استخدام صواريخ بالستيّة مضادّة للسفن للمرّة الأولى في التاريخ".

وتابع بايدن "هذه الضربات المُحدّدة الأهداف هي رسالة واضحة مفادها أنّ الولايات المتحدة وشركاءنا لن يتسامحوا مع الهجمات".

في بيان مشترك، أعلنت الولايات المتحدة وأستراليا والبحرين وكندا والدنمارك وألمانيا وهولندا ونيوزيلندا وكوريا الجنوبيّة والمملكة المتّحدة، أنّ "هدفنا يبقى متمثّلا في تهدئة التوتّر واستعادة الاستقرار في البحر الأحمر".

كذلك، اعتبر وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن أنّ الضربات استهدفت أجهزة رادار وبنى تحتيّة لمسيّرات وصواريخ، مشيراً إلى أنَّ الهدف يتمثل في "تعطيل وإضعاف قدرة الحوثيّين على تعريض البحّارة للخطر وتهديد التجارة الدوليّة".

من جهته، اعتبر رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك في بيان "رغم التحذيرات المتكرّرة للمجتمع الدولي، واصل الحوثيّون تنفيذ هجمات في البحر الأحمر، مرّة أخرى هذا الأسبوع ضدّ سفن حربية بريطانيّة وأميركيّة"، مضيفاً "هذا لا يمكن أن يستمرّ لذا اتّخذنا إجراءات محدودة وضروريّة ومتناسبة دفاعاً عن النفس".

وفي أول ردّ فعل عربي على الضربات الغربية، أعربت المملكة العربية السعودية عن "قلق بالغ" في أعقاب الضربات التي شنّتها الولايات المتحدة وبريطانيا على مواقع عدّة في اليمن، داعيةً إلى "ضبط النفس" ومشدّدة في الوقت نفسه على "أهمّية الاستقرار" في منطقة البحر الأحمر.

الحوثيون يتوعّدون بالرد 

وإثر الضربات، توعّد نائب وزير الخارجيّة في حكومة الحوثيّين حسين العزي بالردّ، قائلاً "تعرّضت بلادنا لهجوم عدوانيّ واسع من سفن وغوّاصات وطائرات حربيّة أميركيّة وبريطانيّة يتعيّن على أميركا وبريطانيا الاستعداد لدفع الثمن باهظا".

وقبل ساعات من هذه الضربات، أكّد زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي أنّ أيّ هجوم أميركي "لن يكون أبداً من دون ردّ".

وقال المتحدث باسم الحوثيين محمد عبد السلام في منشور على منصة "إكس" لاحقاً "نؤكّد أنّه لا مبرر أبدا لهذا العدوان على اليمن، فلم يكن من خطر على الملاحة الدولية في البحر الأحمر والعربي، والاستهداف كان وسيبقى يطال السفن الإسرائيلية أو تلك المتّجهة إلى موانئ فلسطين المحتلة".

ويأتي ذلك بعد أسبوع على تحذير وجّهته 12 دولة بقيادة الولايات المتحدة للحوثيين من أنّهم سيواجهون عواقب في حال مواصلة استهداف السفن التجارية في البحر الأحمر، أحد أهم الممرّات المائيّة للتجارة العالميّة.

وخلال الأسابيع الماضية، شنّ الحوثيّون أكثر من 25 عمليّة استهداف لسفن تجاريّة يشتبهون في أنّها مرتبطة بإسرائيل أو متّجهة إلى موانئ إسرائيلية، قرب مضيق باب المندب الاستراتيجي عند الطرف الجنوبي للبحر الأحمر، تضامناً مع الفلسطينيين.

وكان آخرها استهداف الحوثيين "سفينة أميركية كانت تقدّم الدعم لإسرائيل"، مستخدمين أكثر من 20 طائرة مسيّرة وصاروخاً فوق البحر الأحمر، أسقطتها القوات الأميركية والبريطانية، في ما وصفته لندن بأنّه "أكبر هجوم" ينفّذه الحوثيون منذ بدء حرب غزة.

وتسبّبت الهجمات المكثّفة في تحويل شركات الشحن مسار سفنها للالتفاف حول رأس الرجاء الصالح في جنوب إفريقيا، ما أثار مخاوف من تضرّر الاقتصاد العالمي.