مهمّة لودريان الأساسية خلال هذه الزيارة تتفرع إلى 3 أجزاء...

للمرّة الرابعة على التوالي يحضر الموفد الرئاسي الفرنسي المكلف بمتابعة الملف الرئاسي جان إيف لودريان إلى بيروت، ورغم تحريك هذه الزيارة للحياة السياسية الراكدة في لبنان، إلّا أنّها لا تحظى بنفس الحرارة التي تميزت بها الزيارات السابقة ولأسباب كثيرة أوّلها ما حصل يوم 7 تشرين الأول الفائت (عملية طوفان الأقصى) وما تبعها من أحداث أرخت بظلالها على الأوضاع اللبنانية والموقف الفرنسي المتزامن منها والذي بدأ داعماً ومناصراً لإسرائيل، رغم محاولة تلطيفه لاحقاً واعطائه أبعاداً إنسانية. 

وتجمع المصادر المواكبة لحركة الموفد الفرنسي بأن لا جديد رئاسياً في جعبته، فالموقف الفرنسي على حاله وهو حضّ الأفرقاء اللبنانيين على التلاقي والحوار، ومن ثمّ التوافق على اسم ليشغل منصب رئاسة الجمهورية، من دون إرساء أية مفاعيل جدية لذلك الحوار أو التلاقي الذي سيسبق التفاهم المفترض، وقد جاء ذلك الموقف بعد سلسلة اجتماعات للجنة الدولية الخماسية المعنية في بحث الملف الرئاسي اللبناني (أميركا، فرنسا، السعودية، قطر، مصر).

فرنسا تتفقد خسائرها السياسية على الساحة الداخلية اللبنانية

كذلك، تشير المصادر نفسها إلى أنّ مهمّة لودريان الأساسية خلال هذه الزيارة تتفرع إلى 3 أجزاء:

   - أولاً إثارة مسألة تطبيق القرار الدولي رقم 1701 الصادر في 11 آب 2006 عقب حرب تموز والداعي إلى حلّ النزاع اللبناني الإسرائيلي، وإعطاء هذا القرار هالة إعلامية كبرى بطلب أميركي لتُعيد إلى إسرائيل شيئاً من الصورة التي انكسرت في 7 تشرين الأول الفائت وما تبعها من أحداث جنوباً، وإلّا فإنّ باريس تدرك أكثر من غيرها من أي جانب يُخرق القرار.

   - ثانياً، تصب هذه المهمة في إطار مساعٍ دولية كبرى تُنزل رئيس الوزراء الاسرئيلي بنيامين نتنياهو عن الشجرة التي صعد إليها من خلال التهديد والوعيد لكلّ من غزة ولبنان من دون تحقيقه أيّ إنجاز عسكري يُذكر، وليكون ذلك عبر قرارات دولية  تفرض واقعاً جديداً في المنطقة سيشكّل الأرضية التي ستبنى عليها سياسات الدول المحيطة بإسرائيل خلال السنوات المقبلة، ومن أجل التعامل مع لبنان كجزء من هذه المفاوضات لا ورقة ترمى من قبل الكبار على الطاولة. 

   - أما الفرع الثالث للمهمة فيكمن في تفقّد فرنسا خسائرها السياسية على الساحة الداخلية اللبنانية، خصوصاً في الشقّ المتعلق بالتواصل مع حزب الله ومحاولة ترميمه قدر الإمكان.

وبدأ لودريان جولته صباحاً، بلقاء رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في السراي الحكومي، إذ شدّد الموفد الفرنسي على أنّ "زيارته لبنان تهدف الى تجديد تأكيد موقف "اللجنة الخماسية" بدعوة اللبنانيين الى توحيد الموقف والإسراع في إنجاز الانتخابات الرئاسية، وابداء الاستعداد لمساعدتهم في هذا الاطار".

كذلك، أكّد أنّه "سيجري لقاءات واجتماعات عدّة تهدف الى تأمين التوافق اللبناني حيال الاستحقاقات الراهنة".

وبعدها تنقّل لودريان بين مقرّ الرئاسة الثانية في عين التينة للقاء رئيس مجلس النواب نبيه، واليرزة للقاء قائد الجيش العماد جوزف عون، وبكركي حيث التقى البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، إذ وضعه الموفد الفرنسي في أجواء نتائج اتصالاته ولقاءاته خلال زيارته الراهنة إلى لبنان، واستمع من الراعي إلى وجهة نظره حول آليّات تحريك الملف الرئاسي الجامد.

ومن جهته كرّر البطريرك الراعي مواقفه المعلنة في شأن حرصه على ممارسة الديموقراطية واعتماد الدستور كآلية أساسية وطبيعية للحل، مؤكّداً أنّ "انتخاب رئيس للجمهورية هو المدخل الحصري لإنتظام عمل المؤسسات الدستورية وعودة الحياة السياسية إلى طبيعتها".

بعدها التقى الراعي السفيرة الأميركية دوروثي شيا التي أكّدت أنّ بلادها "لن تألو أيّ جهد من أجل دعم لبنان والمساهمة في الإسراع في إنتخاب رئيس للجمهورية لأنّ استمرار الوضع على ما هو عليه سيزيد الأمور تعقيداً وخطورة على المستويات كافة".

كذلك شمل اليوم الأول لزيارة لودريان زيارة لمعراب حيث التقى رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، وبعدها توجه للقاء رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، بينما ميّز لقائه بالرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ورئيس اللقاء الديموقراطي تيمور جنبلاط، بدعوتهما إلى مائدة غداء في مقر السفارة الفرنسية. 

الاستحقاق الرئاسي اللبناني سيتم على أساس مُستجد جديد (طوفان الأقصى) 

الرادرات الاشتراكية والتي دائماً ما تكون سبّاقةً في التقاط الأحداث الإقليمية والمتغيّرات الكبرى، ترى مصادرها في حديث لـ"الصفا نيوز"، أنّ الاستحقاق الرئاسي اللبناني سيتمّ على أساس مُستجد جديد (عملية طوفان الاقصى وما تبعها)، مشددةً على أهمية إرساء المناخ الملائم لانتخاب رئيس للجمهورية وتأليف حكومة جديدة قبل البحث بالأسماء، مجددةً في الوقت نفسه الترحيب بتضافر الجهود الداخلية والخارجية في هذا الإتجاه 

وتقول المصادر، رداً على سؤال حول ما إذا كان الموفد القطري جاسم بن فهد الذي يُجرى جولات محدودة ومحاطة بالسرية قد التقى جنبلاط في الأيام القليلة الفائتة: "لازم يكون صار في لقاء، والاتجاه القطري الرئاسي ما يزال على حاله داعماً لقائد الجيش العماد جوزيف عون من دون أي جدل أو نقاش". 

وتضيف: "مما لا شك فيه أنّ الإستياء اللبناني كان عارماً حيال موقف الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون من الحرب في غزّة وقد حاول الأخير "تجليس" موقفه خلال الفترة السابقة"، نافية أن يكون جنبلاط قد أثار هذا الموضوع تحديداً خلال الاجتماع لأنّ لودريان اليوم هو مندوب فرنسا واللجنة الخماسية والتعاطي معه يتم على هذا الأساس وفق تعبيرها.