تلتهب الجغرافيا المحيطة بـ"إسرائيل" على طول الحدود اللبنانية - السورية مع فلسطين المحتلة والتي ربما تكون هي الخشية الاسرائيلية الكبرى، حيث تفشل كلّ المساعي غير المعلنة في كبح جماح فصائل المقاومة وخصوصاً حزب الله عن التدخل في ما يحصل، فالميدان خارج حسابات السياسة والوساطة حتى هذه اللحظة.

‎على بعد 5 أيام من الهجوم الفلسطيني على "اسرائيل"، ونظراً للتطوّرات المتسارعة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط منذ فجر يوم السبت الفائت، تتشابك الأولويات في عرض الأحداث وقراءة ما بين سطورها أو ما يدور داخل الغرف المغلقة من واشنطن إلى تل ابيب مروراً ببعض دول الإتحاد الأوربي من جهة، وصولاً إلى أصحاب القرار العسكري في الدول المحيطة بفلسطين الذين تخلّوا عن حيادهم وانخرطوا ولو بشكل محدود في المعركة الدائرة كردّ فعل على وحشية ما تقوم به آلة التدمير الاسرائيلية بحثاً عن ما يبرد جروحها ويخفي عميق فشلها التقني والامني والاستخباري فكان خيارها تكثيف الغارات وتضييق الخناق على قطاع غزة واستهداف المدنين.

‎تلتهب الجغرافيا المحيطة بـ"إسرائيل" على طول الحدود اللبنانية - السورية مع فلسطين المحتلة والتي ربما تكون هي الخشية الاسرائيلية الكبرى، حيث تفشل كلّ المساعي غير المعلنة في كبح جماح فصائل المقاومة وخصوصاً حزب الله عن التدخل في ما يحصل، فالميدان خارج حسابات السياسة والوساطة حتى هذه اللحظة، والحزب الذي يكتفي باستلام الرسائل عن طريق الـ"وشوشة" يرد عليها بالاستهداف والقصف وتحريك الجبهة الجنوبية منذ صباح يوم الأحد الفائت، علها تنفّس عن غزة شيئاً من وحشية القصف الاسرائيلي من جهة، وتبعث برسالة إلى واشنطن بأنّ أيّ تدخل عسكري لها لاحقاً لدعم اسرائيل لن يبقي الجبهة اللبنانية - الاسرائيلية في حال هدوء وربما يدحرج المنطقة كلها إلى حرب كبرى.

‎وقد نشر حزب الله في ساعات متأخرة من ليل أمس مقطع فيديو لعملية استهداف ملالة إسرائيلية من نوع زيلدا عند مستعمرة أفيفيم بصاروخين موجّهين رداً على الإعتداءات الإسرائيلية التي إستهدفت عدداً من نقاط المراقبة التابعة للمقاومة ‏أمس الأول وراح ضحيتها 3 من عناصر الحزب مقابل جنديين اسرائيليين، فيما سُجل اطلاق قذائف هاون من الجانب السوري نحو مرتفاعات الجولان.

‎كذلك، تبنّت كتائب القسام - الجناح العسكري لحركة حماس، القصف الصاروخي الذي استهدف الأراضي المحتلة من لبنان يوم أمس.

‎نتنياهو المأزوم يسعى إلى توزيع المسؤولية والخسائر على الأحزاب الإسرائيلية

‎من جهته، يسعى رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتيناهو الذي يعتريه الشعور بالخيبة والهزيمة إلى تقسيم الفشل العسكري والاستخباري على الأحزاب الإسرائيلية، إذ دعا زعيم حزب الوحدة الوطنية الإسرائيلي المعارض بيني غانتس للاجتماع ليل أمس للدفع باتجاه تشكيل حكومة طوارئ علّه بذلك يُنزل شيئاً من عبء المسؤولية عن كاهل حزبه (الليكود الاسرائيلي) لينفّس احتقان الشارع الاسرائيلي.

‎وهذا ما يفسر عدم تخلف ضباط وعناصر الاحتياط في الجيش الاسرائيلي من تحمل المسؤولية، ليس رغبةً في خوض غمار الحرب بل خوفاً من المساءلة لاحقاً وتحميلهم المسؤولية في الشارع، بينما تبقى أهم الانجازات العسكرية التي تحققت خلال الساعات الفائتة هي الـ"بطش". أما عن التدخل البرّي الذي لطالما لوّحت به القوات الاسرائيلية، فله حسابات من نوع آخر، وربما الوقت الراهن لا يسمح خصوصاً اذا لم يلق ذلك اسناداً مباشراً من واشنطن في ظل ما تعانيه إسرائيل حالياً من تحطّم لمنظومة الأمن القومي على محاور كثيرة، بدءاً من فشل الجدران والتحصينات التي عجزت عن صد مقاتلي حماس، وهذا ما يظهر الحاجة المُلحة إلى ترميم الردع الاسرائيلي الذي لا يحصل بين ليلة وضحاها بالتوازي مع انهيار معنويات الجيش القتالية.

‎تزامناً، شهد يوم أمس قصف إسرائيلي مكثف على قطاع غزة أوقع دماراً كبيراً وحصد مزيداً من أرواح الأبرياء في مناطق عجزت أحياناً سيارات الإسعاف من الوصول إليها، وفيما سجلت الحصيلة الأخيرة بعد منتصف الليل لأعداد الضحايا نحو 900 شهيد بينهم أكثر من 600 طفل وإمرأة وأكثر من 4500 مصاب، كثفت المقاومة الفلسطينية من ضرباتها الصاروخية في مناطق مختلفة من "إسرائيل"، خصوصاً في مدينة عسقلان المجاورة للقطاع بعد إمهال سكانها بالمغادرة.

‎في المقابل، أفادت وسائل إعلام اسرائيلية بأن أعداد الذين سقطوا منذ بدء الهجوم الفلسطيني تجاوز الـ 1000 قتيل و3000 مصاب بينهم حالات حرجة، وبأن جنديين إسرائيليين قتلا في الاشتباكات مع مسلحين أمس الأول الاثنين على الحدود مع لبنان.

‎واشنطن: لماذا لم تنتبه الحكومة الإسرائيلية للهجوم قبل وقوعه؟

‎في المواقف، بدا لافتاً تصريح مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان، والذي جاء مغايراً لما صدر عن لسان الرئيس الاميركي جو بايدن حول مقاربة التطورات في غزة، إذ لفت سوليفان أن القوات الأميركية لم تحرك حاملة طائراتها نحو البحر المتوسط لمواجهة حماس بل لمنع التصعيد، من دون التنكر للعمل مع "الكونغرس" لتقديم الدعم لإسرائيل عبر تعزيز القبة الحديدية، وطرق أخرى لم يوضحها.

‎وقال في تصريح صحافي من البيت الأبيض: "إنَّ هناك عمل لمنع التصعيد، ونتشاور مع حلفائنا وشركائنا لوقفه. ننسق مع الحكومة الإسرائيلية وحلفائنا لحل أزمة الرهائن، وأولويتنا سلامة مواطنينا"، مضيفاً: "لا خطط لدينا لنشر قوات على الأرض، وسنناقش لاحقاً إرسال خبراء بالتنسيق مع إسرائيل".

‎وختم: سوليفان: "إيران تدعم حماس، لكن لا دليل لدينا على أنها وراء الهجوم الأخير"، سائلاً: "لا ندري لماذا لم تنتبه الحكومة الإسرائيلية للهجوم قبل وقوعه؟".

‎بايدن: الولايات المتحدة ستظل سنداً لإسرائيل

‎وفي وقت سابق جرى اتصال هاتفي بين نتنياهو وبايدن، وقد أكد خلاله الأخير أهمية أن يكون الرد الاسرائيلي حاسماً، معرباً عن "وقوف واشنطن إلى جانب تل ابيب، وبأن الولايات المتحدة الأميركية ستلبي كل الاحتياجات اللازمة لإسرائيل التي لها كامل الحق في الرد على هجمات حماس".

‎وأضاف بايدن في تصريح صحافي من البيت الابيض: "قلت لنتنياهو إنَّنا سنوفر الذخائر والصواريخ للقبة الحديدية للتأكد من بقاء إسرائيل قادرة على الدفاع عن مواطنيها، حيث  وجّهت حاملة الطائرات جيرالد فورد لتدعم وجودنا البحري في المنطقة، والولايات المتحدة ستظل سنداً لإسرائيل".

‎حاملات الطائرات لا تقلق دول المحور فقط

‎في غضون ذلك، تعتبر مصادر مواكبة للأحداث في المنطقة أن تحرك حاملات الطائرات إلى البحر المتوسط لا يثير حفيظة وقلق حزب الله وايران فقط انما تُرسم حولها روسيا وبعض الدول الاسيوية الكبرى علامات استفهام قد تكون واشنطن مضطرةً لإيضاحها أكثر خلال الساعات المقبلة.

‎بيان مشترك لفرنسا واميركا والمانيا وبريطانيا وايطاليا: سندعم إسرائيل

‎كتبت وزارة الخارجية الاميركية عبر منصة "اكس"”: "صدر البيان المشترك التالي اليوم عن كل من قادة فرنسا وألمانيا وإيطاليا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الأميركية، وذلك عقب الاتصال الذي أجروه في ما بينهم.

‎نحن الرئيس الفرنسي ماكرون والمستشار الألماني شولتز ورئيس وزراء إيطاليا ميلوني ورئيس وزراء المملكة المتحدة سوناك والرئيس الأمريكي بايدن، نعرب عن دعمنا الثابت والموحّد لدولة إسرائيل والإدانة القاطعة لحركة حماس وأعمالها الإرهابية المروعة، نوضح أن لا مبرر أو شرعية للأعمال الإرهابية التي تقوم بها حماس ويجب إدانتها عالميا. لا مبرر للإرهاب على الإطلاق، وقد رأى العالم بهلع إرهابيي حماس وهم يذبحون عائلات في منازلها ويذبحون أكثر من مئتين من الشباب الذين كانوا يستمتعون بمهرجان موسيقي ويختطفون نساء مسنات وأطفال وأسر بأكملها ويحتجزونهم الآن كرهائن. ستدعم دولنا إسرائيل في جهودها للدفاع عن نفسها وشعبها ضد الفظائع المماثلة، ونؤكد أيضا على أن هذه الفترة غير مناسبة لتستغلها أي جهة معادية لإسرائيل لتحقيق مكاسب. نقر جميعنا بالتطلعات المشروعة للشعب الفلسطيني وندعم اتخاذ تدابير متساوية من العدالة والحرية للإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء، ولكن لا يخطئن أحد، فحماس لا تمثل هذه التطلعات وهي لا تقدم للشعب الفلسطيني شيئا سوى المزيد من الإرهاب وسفك الدماء. سنبقى متحدين ونواصل التنسيق كحلفاء وكأصدقاء مشتركين لإسرائيل في خلال الأيام المقبلة، وذلك لضمان أن تتمتع إسرائيل بقدرة الدفاع عن نفسها ولتهيئة الظروف للمزيد من السلام والتكامل في منطقة الشرق الأوسط في نهاية المطاف.

‎الاتحاد الأوروبي يرفض فرض إسرائيل حصاراً مطبقاً على غزة

‎من جهته، قال مسؤول السياسات الخارجية بالاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، إن الاتحاد يرفض فرض إسرائيل حصاراً مطبقاً على قطاع غزة ضمن إجراءاتها رداً على عملية "طوفان الأقصى".