من أوهم الفلسطنيين بأنّ خلف الجدار جيشاً لا يُقهر وأنّ دباباته لا تُدمر وأنّ المستوطنات حصوناً مشيّدةً لا تُهدم وأنّ الحقّ يموت بمرور الزمن، والجيل الجديد "جيل الانترنت" لا يُعوّل عليه... 

"عدّى السبت"... زمنياً فقط، وأحد منّا ما كانت لتسعفه مخيّلته في رسم سيناريو كالذي رسمه الفلسطينيون مع ساعات الصباح الأولى ليوم 7 تشرين الأول من العام الجاري. عنصر المفاجأة، وهو العنصر الذي يقال عنه " نصف الحرب" والذي أظهر ليس فقط هشاشة الجيش الإسرائيلي وأجهزته الاستخباراتية الداخلية والخارجية، بل أظهر انتصاراً للمقاومة الفلسطينية والذي حتماً سيغيّر وجه المنطقة.  من أوهم الفلسطنيين بأنّ خلف الجدار جيشاً لا يُقهر وأنّ دباباته لا تُدمر وأنّ المستوطنات حصوناً مشيّدةً لا تُهدم وأنّ الحقّ يموت بمرور الزمن، والجيل الجديد "جيل الانترنت" لا يُعوّل عليه، وإذ بِيافِعي هذا الجيل يهدمون الجدار ويعبرون إلى المستوطنات ويشتبكون وكأنّهم يلعبون "ألعاب الفيديو"، فقتلوا وأسروا وسرَحوا ومرحوا إلى حدّ السخرية من العدو، وإلّا كيف يمكن وصف مشهد مُدرّعة اسرائيلية تجوب الشوارع الفلسطينية ومن بداخلها "يُنادى" لشراء الخردة؟!

غزّة التي اقتحمت فلسطين واسترجعت جزءاً يسيراً من حقّ سُلِب على غفلة من الزمن لأكثر من 7 عقود بصباحاتها ومساءاتها، بل بكلّ ثانية، كان لا يرتدع الجيش الإسرائيلي عن القتل والتنكيل والتجزير وهدم البيوت على رؤوس النساء والأطفال على مرأى من العالم أجمع وبكلّ دم بارد، يومها كانت "حقوق الإنسان" نائمة كما كان نائماً التفوّق العسكري والتقني والاستخباراتي للجيش الاسرائيلي، ومن ثمّ استيقظ جنرالاته على صُور وأصوات اليافعين من أبناء غزة ومن لم يُؤسَر بثيابه الداخلية فقد حالفه الحظ للهروب بها، ليتحوّل لاحقاً إلى مجرّد "ناشط" عبر مواقع التواصل يسجّل مقاطع الفيديو بأفواه تتوعد لا أكثر، أمّا أكبر القرارات الحكومية الاسرائيلية السريعة جاءت على هيئة إعلان حال الحرب، وتسلّم حكومة الحرب مقاليد الأمور وأولى القرارات قصف عشوائي لغزة في جنح ظلام الأيام القليلة الفائتة وسط تخبّط كبير فضحه أبناء البيت الصهيوني الواحد من مستوطنين وصحافيين ومحلّلين.

اشتباك اسرائيلي - اسرائيلي في مستعمرة مقابلة لبلدة عيتا الشعب

تزامناً، أعاد الرّعب نصب الخيمة على الحدود الشمالية بين لبنان وفلسطين المحتلّة وحزب الله الذي لم يقف متفرّجاً أرسل تحيّة صباحية يوم أمس الأحد، لغزة عبر صلية من الصواريخ والقذائف على موقع الرادار وزبدين ورويسات العلم، ليردّ العدو على الهجوم بقصف مدفعي استهدف الأحراج التي انطلقت منها القذائف الصاروخية حفاظاً على ماء الوجه الذي "مُرّغ" بتراب غزة على مدى 3 أيام خلت. 

كذلك، أفادت صحيفة يديعوت أحرونوت أنّ الجيش الإسرائيلي قصف الخيمة التي كان حزب الله قد نصبها داخل أراض تسيطر عليها إسرائيل منذ شهرين، فيما أعاد الحزب لاحقاً نصب الخيمة وكأن شيئاً لم يكن. 

وفي وقت لاحق من ليل أمس، اشتبهت قوة إسرائيلية بمدني إسرائيلي كان يقود سيارة "بيك - أب" عند بوابة المستعمرة المقابلة لبلدة عيتا الشعب فبادروا بإطلاق النار عليه، وردّ عليهم باطلاق النار معتقداً انهم عناصر من حزب الله، وأقدم على دهس خمسة جنود من هذه القوّة.

من جهته، أكّد رئيس المجلس التنفيذي في "حزب الله" السيد هاشم صفي الدين، تعليقاً على عملية "طوفان الأقصى"، أنّ "الملاحم التي سطرها المجاهدون في فلسطين هي ملاحم العز والكبرياء، وهي البداية لمرحلة لجديدة"، قائلاً خلال الوقفة التضامنية مع فلسطين من الضاحية الجنوبية لبيروت، "إننا نعلم أن المقاومة في فلسطين شجاعة ومقدامة واثبتت ذلك في مختلف ميادين القتال، ولكن اقتحام السياج والحواجز والموانع وتراكم الخبرة العسكرية القتالية للمقاتلين يدل على خبرة عسكرية هائلة ومتقدمة في العمل المقاوم".

وأضاف صفي الدين: "على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن يعلم بأنّ هذه المعركة ليست معركة غزة فحسب. المسؤولية تحتم على كل أبناء أمتنا ألا يقفوا على حياد ونحن لسنا على حياد"، مشدداً على أنّ "المقاومة أرسلت صباحاً رسالة في كفرشوبا، لتقول إنّ من حقنا استهداف العدو الذي لازال يحتل أرضنا، وهذه رسالة يجب أن يتمعّن بها الإسرائيلي جيداً. هناك رسالة للأميركي والإسرائيلي بأنّ ما حصل في غزّة له خلاصة بأن حماقاتكم المتمادية واستخفافكم أوصل إلى طوفان الأقصى وإذا تماديتم اليوم سوف تشهدون طوفان الأمة الذي سيُغرق كل الكيان".

أكثر من 1000 قتيل اسرائيلي ونحو 150 أسيراً 

هو فشل تبيعه إسرائيل اليوم بالجملة والفاتورة طويلة وباهظة، والتفاصيل الحصرية عن بدء عملية "طوفان الأقصى" والخسائر حتّى الساعة في صفوف الاسرائيليين غير مسبوقة، وسط تواصل الاشتباكات بين القوات الإسرائيلية ومقاومين فلسطينيين بمواقع داخل إسرائيل، وذلك خلال اليوم الثالث من عملية طوفان الأقصى التي أطلقتها كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، في حين واصلت إسرائيل شنّ غارات على مناطق مختلفة في قطاع غزة، ما أسفر عن سقوط مدنيين وتدمير منازل.

وارتفع عدد قتلى الجنود الإسرائيليين إلى 73 بينهم 5 من لواء النخبة غولاني، وقالت مصادر إسرائيلية إنّ عدد قتلى العمليّة وصل حتّى الآن إلى أكثر من 1000 إسرائيلي على الأقل وأكثر من 2200 مصاباً، بالإضافة إلى نحو 150 أسير. وأعلن نتنياهو تعيين العميد غال هيرش مسؤولاً عن ملف المختطفين والمفقودين، وقال إنّ إسرائيل في "حالة حرب وستنتصر فيها"، وفق تعبيره.

436 شهيداً فلسطينياً بينهم 120 طفلاً

وفي غزة أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية استشهاد نحو 436 شخصاً بينهم أكثر من 120 طفلاً وإصابة 2300 فلسطيني اثر الغارات الإسرائيلية على قطاع غزّة.

وفي السياق، أكّد مسؤولون أمنيون إسرائيليون أنّ نحو 1000 من مقاتلي النّخبة في كتائب القسام تسلّلوا إلى إسرائيل عبر 7 ثغرات في السياج الحدودي، فيما وقع معظم ضباط قيادة المنطقة الجنوبية في إسرائيل بالأسر، ومن بينهم قائد فرقة غزة الجنرال الذي انتشرت صور أسره عبر منصات مواقع التواصل الاجتماعي.

وتوقعت مصادر مواكبة للأحداث الفلسطينية ألّا تستغرق أيّ عملية تفاوض بهذا الصدد وقتا طويلاً، نظراً لحجم الرتب العسكرية التي يحملها بعض الأسرى الإسرائيليون.

البنتاغون يأمر حاملة الطائرات "جيرالد آر. فورد" بالإبحار لمساعدة "إسرائيل"

في السياق، أمر "البنتاغون" الأميركي المجموعة الهجومية لحاملة الطائرات "جيرالد آر. فورد" بالإبحار إلى شرق البحر الأبيض المتوسط لتكون جاهزة لمساعدة "إسرائيل".

وقال وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن: "إنَّ الولايات المتّحدة ستنقل مجموعة حاملة طائرات هجومية قرب إسرائيل والتي تضم حاملة الطائرات فورد والسفن التي تدعمها، وسترافق السفينة يو إس إس جيرالد آر فورد وما يقرب من 5000 من عناصر البحرية الأميركية في استعراض للقوة يهدف إلى الاستعداد للردّ على أيّ شيء".

وأضاف أوستن "إنّ الولايات المتّحدة ستقدّم ذخائر لإسرائيل وأنّ مساعدتها الأمنية ستبدأ بالتحرّك اليوم كما سترسل وزارة الدفاع طائرات مقاتلة إلى المنطقة".

من جهته، توجّه الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط إلى موسكو أمس الأحد، لإجراء محادثات مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بخصوص الوضع في غزة.

ونقلت عن متحدث باسم جامعة الدول العربية إن أبو الغيط سيناقش "التصعيد الجاري في قطاع غزة". 

التخبط يطال الأسواق المالية الإسرائيلية 

على خط آخر، هبط الشيكل الإسرائيلي إلى أدنى مستوى له منذ 8 أعوام تقريباً مقابل الدولار، مع تصاعد حدة المعارك بين المقاومة الفلسطينية والقوات الإسرائيلية.

وقالت وكالة رويترز إن الشيكل انخفض في أحدث التعاملات الآسيوية أكثر من 3 في المئة مقابل الدولار، أي إلى 3.9581، فيما تراجعت بورصة تل أبيب بنسبة 8 في المئة بإغلاق تعاملات أمس الأحد، وهو أول أيام التداول بعد انطلاق عملية "طوفان الأقصى".