تحطّمت الطائرة في منطقة شمال موسكو خلال رحلة بين العاصمة موسكو ومدينة سان بطرسبورغ، وكان على متنها عشرة أشخاص بينهم ثلاثة من أفراد الطاقم، وفق قائمة نشرتها هيئة الطيران الروسية، وأكّدت وزارة الطوارئ الروسية مقتل جميع من كان على متنها

لا تزال الظروف الدقيقة لوفاة زعيم مجموعة "فاغنر" يفغيني بريغوجين ضبابية، إلّا أنّ تحاليل الكثير من أجهزة الاستخبارات العالمية والمراقبين وسياسيي الدول الكبيرة، يوجهون إصبع الاتّهام إلى ضابط الاستخبارات "السوفياتي" الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

تداولت الكثير من التعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي وخاصة الروسية المعارضة منها، بالإضافة الى تحليلات غالبية الدول الغربية وأجهزتها الاستخباراتية، بأنّ قراراً اتخذ بقتل "طاهي بوتين" منذ 24 حزيران "اليوم الأول" على تمرّده المسلّح على "موسكو" ومن ثم احتلاله لمقرّ القيادة العسكرية في مدينة روستوف على الحدود الأوكرانية الذي تُدار منه العمليّات العسكريّة الرّوسية في أوكرانيا.

مهما تكن الأسباب..... فالموت واحد

لم تقدّم القيادة السياسيّة الروسيّة ولا القيادة العسكرية فرضيّة ما تشير لأسباب تحطّم الطائرة، سوى إعطائها أوامر للمباشرة بإجراء تحقيق لكشف الحقيقة، وهذا ما ولّد سيلاً من التكهنات والاتهامات والأسئلة،منها: هل انفجار الطائرة تم بصاروخ من فصيلة صواريخ "S"؟ أم بعبوة داخل الطائرة؟ أم داخل صندوق من النبيذ الفاخر؟ أم بماذا؟

بعد الانفجار مباشرة، وبعد التأكّد من مقتل قائد "فاغنر" والرّجل الثاني في المجموعة ديمتري أوتكين المسؤول عن تنظيم التشكيلات القتالية فيها، وفيتالي تشيكالوف، المسؤول عن تنظيم تحرّكات بريوجين. جاء الخبر عبر قناة "غراي زون" الموالية لمجموعة "فاغنر" "بطل من روسيا، يفغيني فيكتوروفيتش برغوجين، قُتل نتيجة قرار من خونة روسيا" كما نشرت القناة نفسها نقلاً عن شهود عيان رؤيتهم "لآثار خطوط بيضاء" لصاروخ أرض – جو، وفق شريط مصوّر قيل إنّه يظهر الطاّئرة أثناء سقوطها، وقد ظهرت صُوَر وفيديوهات الطائرة التي ورد اسم بريغوجين ومساعده على لائحة ركّابها، وهي تهوي من الجو بطريقة لولبية.

وتحطّمت الطائرة في منطقة شمال موسكو خلال رحلة بين العاصمة موسكو ومدينة سان بطرسبورغ، وكان على متنها عشرة أشخاص بينهم ثلاثة من أفراد الطاقم، وفق قائمة نشرتها هيئة الطيران الروسية، وأكّدت وزارة الطوارئ الروسية مقتل جميع من كان على متنها.

من جهته، ذكر المحلّل والمعلّق الجيوسياسي البريطاني والكاتب في الواشنطن بوست صاموئيل راماني بأنّ "بوتين" عادة ما يثأر بعد وقت طويل عندما يموت ضجيج وصخب أية قضية يريد أن يثأر لها، لكن ما هو السبب الذي جعل "بوتين" يثأر فقط بعد مرور شهرين؟ هل خوفاً من انقلاب ما؟ أو زعزعة لحكمه الفولاذي؟ مقتل بريغوجين أتى مبكراً.

كما طرح مدير معهد فريمان سبوغلي للدراسات الدولية في جامعة ستانفورد في ولاية كاليفورنيا، والسفير الأميركي السابق في موسكو (2012-2014) "مايكل ماك فاول" بعض الأسئلة عبر منصة "إكس"، منها:

- لماذا اختار بوتين قتل "بريغوجين" بهذه الطريقة الدرامية؟

- لماذا سمح له في الأساس بلقاء قادة أفارقة خلال قمة سانت بطرسبورغ في القمة الروسية – الأفريقية والتي عقدت بتاريخ 27 تموز الماضي؟

على الجهة المقابلة ونظراً لدوره في الحرب الأوكرانية ربطت مواقع إخبارية بين الحادثة وتاريخ وقوعها كونها تأتي عشية عيد استقلال أوكرانيا المصادف في 24 آب. وربطت بين هذا التاريخ وإمكانية أن تكون القوات الأوكرانية الخاصة هي من يقف خلف هذه العملية خصوصاً بعد ما قيل عن خسارة يفغيني لحماية موسكو.

قد يكون العقيد السابق في الجيش الروسي وأحد أبرز مؤسسي فاغنر المدعو أندريه تروشيف هو أحد أبرز المرشّحين لقيادة فاغنر

ولا تتوقف الروايات عند هذا الحد فهناك من ربط بين اغتيال بريغوجين ودور "فاغنر" المرتقب في إفريقيا حيث كان آخر ظهور له في فيلم فيديو رُجّح أن يكون في مالي. حيث كان من المفترض أن تنشّط فاغنر عملها في المنطقة الحدودية بين مالي والنيجر وبوركينا فاسو. وتشهد هذه المنطقة توتراً غير مسبوق أعقب الإنقلاب الذي حصل في النيجر مع التهديدات الغربية بالتدخل العسكري لإعادة الرئيس المخلوع إلى السلطة. فهل الاغتيال يتصل بالواقع الإفريقي؟

ولنظرية المؤامرة أيضا حصتها في ما جرى. وتنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي قصص تتحدّث عن أنّ بريغوجين لم يمت في الحادث، إنما هو على الأرجح في مكان ما بعيداً عن الأضواء، بعدما أصبح هدفاً للكثيرين ولدول عدّة. ويذهب أصحاب هذه النظرية إلى القول أنّ كلّ ما جرى منذ دخول فاغنر إلى مدينة روستوف وما بعدها كان بالتنسيق مع بوتين في محاولة لرصد الإنقلابيين والقضاء عليهم قبل أيّ تحرّك.

أيّا تكن الرواية الأصحّ تبقى النتيجة واحدة وهي أن ورقة برغوجين قد طويت والأنظار متجهة الآن إلى المجموعة ومستقبلها. وبحسب المتوافر من معلومات قد يكون العقيد السابق في الجيش الروسي وأحد أبرز مؤسسي فاغنر المدعو أندريه تروشيف هو أحد أبرز المرشّحين لقيادة فاغنر. وفي حال صحّت المعلومات فإنّ فاغنر مستمرّة بنشاطها الخارجي ولم يتغيّر الكثير في توجهاتها السابقة والمهام التي تلعبها. مات الملك عاش الملك.