"عاد العرب إلى العرب" بهذه العبارة البسيطة يمكن تلخيص المشهد العربي في جدة، اليوم الجمعة، فالمصافحات الحارة بين الرئيس السوري بشار الأسد العائد الى القمة العربية بعد 12 عاماً من الغياب وجميع من التقى من ملوك وأمراء ورؤساء، لا بد أن تنعكس برداً وسلاماً على المنطقة بأسرها حيث السعودية اليوم أكثر حرصاً على ذلك وفق ما جاء على لسان ولي عهدها الأمير محمد بن سلمان.
بن سلمان مرحباً بالأسد: نتمنى أن تُسهم عودة سوريا للجامعة العربية في دعم أمنها
أكَّد ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، في مستهل كلمته بافتتاح القمة العربية الـ 32 في جدة، اليوم الجمعة، أن السعودية لن تسمح بأن تتحول المنطقة العربية ميداناً للصراعات.
وقال بن سلمان: "نؤكَّد لدول الجوار والأصدقاء في الغرب والشرق أننا ماضون للسلام والخير والتعاون والبناء، بما يحقق مصالح شعوبنا ويصون حقوق أمتنا، ومسيرة التنمية تأثرت نتيجة الصراعات التي عانت منها الشعوب خلال السنوات الفائتة".
ورحب ولي العهد السعودي بالرئيس السوري بشار الأسد، مضيفاً: "يسرُّنا اليوم حضور فخامة الرئيس بشار الأسد في هذه القمة، ونتمنى أن تُسهم عودة سوريا للجامعة العربية في دعم أمن سوريا وإنهاء الأزمة وتحقيق الرفاه لشعبها".
وفي الشأن اليمني، تابع: "نكرّس جهودنا لمساعدة الأطراف اليمنية لإيجاد حل للأزمة في بلادهم"، وفيما يخص السودان "نأمل أن تكون لغة الحوار هي الأساس للحفاظ على وحدة السودان وأمن شعبه ومقدراته".
الأسد صافح أمير قطر
في غضون ذلك، أفادت وكالة الأنباء السورية "سانا"، بأن الأسد صافح أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، وأجرى معه محادثة جانبية على هامش القمة العربية في مدينة جدة السعودية.
زيلينكسي في السعودية لحضور القمة
كذلك، بدا لافتاً حضور الرئيس الأوكراني، فلوديمير زيلينكسي، إلى السعودية ومشاركته في القمة إذ اعتبرت أوساط متابعة الزيارة بمثابة الرسائل إلى موسكو، لأن حليفها (الأسد) يحضر اليوم بعد غياب استمر 13 عاماً.
مسودة بيان القمّة
تناقلت وسائل إعلام عربية مسوّدة البيان الختامي للقمة العربية والذي تضمّن أكثر من 30 قضية ترتبط بشؤون العالم العربي، بدءاً من القضية الفلسطينية والأزمة السورية والوضع اللبناني، مروراً بالملف الإيراني وصولاً إلى قضايا البيئة والأمن السيبراني والملفات الاقتصادية والاجتماعية.
وحضّ البيان السلطات اللبنانية على مواصلة الجهود لانتخاب رئيس للبلاد وتشكيل حكومة بأسرع وقت ممكن، وإجراء إصلاحات اقتصادية للخروج من الأزمة الخانقة.
كذلك، أكدت الجامعة العربية في مشروع بيان القمّة، مركزية القضية الفلسطينية للأمة العربية جمعاء، والهوية العربية للقدس الشرقية المحتلة عاصمة دولة فلسطين، وحق دولة فلسطين في السيادة المطلقة على أرضها المحتلة عام 1967 كافة بما فيها القدس الشرقية، وأهمية تفعيل "مبادرة السلام العربية".
أما في الشأن السوري، فقد شددت مسوّدة البيان على تجديد الالتزام بالحفاظ على سيادة سوريا ووحدة أراضيها واستقرارها، وتكثيف الجهود لمساعدتها على الخروج من أزمتها، وإنهاء معاناة الشعب السوري.
وفي ما يرتبط بالسودان، تم تأكيد التضامن الكامل في الحفاظ على سيادة واستقلال البلاد ووحدة أراضيها، ورفض التدخل في شؤونه الداخلية باعتبار الأزمة شأناً داخلياً، والحفاظ على المؤسسات.
وضمن تطورات الوضع في ليبيا، شددت المسوّدة على الالتزام بوحدة وسيادة ليبيا وسلامة أراضيها، ورفض أنواع التدخل الخارجي كافة والامتناع عن التصعيد.
وعن اليمن، تحدثت المسوّدة عن الالتزام بوحدة وسيادة البلاد، وتأكيد استمرار دعم الحكومة اليمنية الشرعية بقيادة مجلس القيادة الرئاسي برئاسة رشاد محمد العليمي، وتعزيز دوره ودعمه.
ودعماً للصومال، دعا البيان إلى دعم جهود الحكومة الصومالية في حربها الشاملة ضد الإرهاب، لا سيما حركة "الشباب"؛ بهدف القضاء عليها، والإشادة بالجيش الوطني الصومالي.
كذلك، شددت مسوّدة البيان أيضاً على التأكيد المطلق على سيادة دولة الإمارات على جزرها الثلاث (طنب الكبرى، وطنب الصغرى، وأبو موسى).
وفيما يخص الملف الإيراني، رحّب البيان بالاتفاق الذي تم التوصل إليه بين المملكة العربية السعودية وإيران في بكين، الذي يتضمن استئناف العلاقات الدبلوماسية، وإعادة فتح بعثاتهما وتفعيل اتفاقية التعاون الأمني والاقتصادي بين البلدين.
أما عن تركيا، فقد أدان مشروع البيان توغل القوات التركية في الأراضي العراقية، مطالباً الحكومة التركية بسحب قواتها دون شروط.
وفي ما يخص مكافحة الإرهاب، أدانت المسوّدة كل أشكال العمليات الإجرامية التي شنتها المنظمات الإرهابية في الدول العربية والعالم، ودعت الدول العربية التي لم تصادق على الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب، إلى التصديق عليها.
وفي وقت سابق، رحب الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط بالرئيس السوري بشار الأسد في القمة وبعودة سوريا إلى الجامعة العربية، معتبرا أن "ثمة فرصة لا يجب تفويتها لمعالجة الأزمة سياسيا".
وفي كلمة له خلال اجتماع القمة العربية بدورتها الـ32، رحّب أبو الغيط أيضا بـ"الاتفاق بين السعودية وإيران"، معتبرا أن "المشهد الدولي يمر بأشد الفترات خطورة في العالم المعاصر ولا بد من التمسك بالمصالح العربية لمواجهة ضغوط الاستقطاب الدولي".
وأشار إلى أن "الممارسات الإسرائيلية الرعناء أدت لتصاعد كبير للعنف في الأراضي المحتلة"، مؤكدا "ضرورة مواجهة تصرفات حكومة الاحتلال الممعنة في التطرف والكراهية"، وفق روسيا "اليوم".