رغم حراك السفير السعودي وليد البخاري واجتماعاته مع القوى السياسية ولقائه المرشح للرئاسة وحليف الثنائي الشيعي سليمان فرنجية فإنّ الأجواء الإيجابية لم ترشح بعد في ما يتصل بملفّ انتخاب رئيس للجمهورية.
لا يزال ملفّ رئاسة الجمهورية في لبنان يتأرجح بين كفّتي التشاؤم والتفاؤل. كلّ طرف يتحرّك خلف كواليسه وينشط، وقد بات لبنان أمام فريقين: واحد يسعى جهده لإنتخاب المرشّح سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية وثانٍ يسعى جهده لعرقلة إنتخابه.
رغم حراك السفير السعودي وليد البخاري واجتماعاته مع القوى السياسية ولقائه المرشح للرئاسة وحليف الثنائي الشيعي سليمان فرنجية فإنّ الأجواء الإيجابية لم ترشح بعد في ما يتصل بملفّ انتخاب رئيس للجمهورية. الرؤية ليست واضحة تماماً بعد، مجرّد تكهّنات وتحليلات لا تركن إلى وقائع ملموسة تغذّيها مواقف البخاري التي صعّبت الخروج باستنتاجات واضحة حيال الموقف السعودي من الاستحقاق الرئاسي. ثمّة رأي يقول أنّ المباحثات انتهت بانتظار تظهيرها في سياق تسوية، وآخر يؤكّد غياب الوضوح.
عقب زيارة فرنجية للبخاري تنفّس الثنائي وحلفائه الصعداء، واطمأنّوا إلى مستقبل حليفهم، بينما وقعت المعارضة في حيرة جعلتها غير قادرة على تبرير الموقف أو قراءة أبعاده.
عقب زيارة فرنجية للبخاري تنفّس الثنائي وحلفائه الصعداء، واطمأنّوا إلى مستقبل حليفهم
لا تعزل مصادر ديبلوماسية الملفّ الرئاسي اللبناني عن سياق الحراك الذي تشهده المنطقة. تتوقّف عند زيارة الرئيس الإيراني إلى سوريا وتتحدث عن سببين أساسيين لهذه الزيارة:
-تكريس الإنتصارات التي حصلت وكانت بسبب التنسيق الإيراني السوري وهذا ما يفترض تقويته.
-الموقف الأميركي الذي تقرأه إيران وحلفاؤها على أنّه موقف ضعيف مقابل الحضور الروسي، ما يعزّز دور وحضور إيران في المنطقة.
-التّأكيد على أنّ الاتفاق الإيراني السّعودي لن يشمل أي دولة أخرى، بل هو اتفاق بين دولتين ويقتصر عليهما، وهو لا يفتح بازاراً ليشمل ساحات أخرى، وبالتالي فقد أرادت إيران تطمين سوريا أن لا اتفاق على حسابها، ولذا كان هدف وزير الخارجية الإيرانية حسين عبد اللهيان تطمين السوريين كما لبنان أن لا اتفاق على حسابهما وأنّ وحدة الساحات المقصود فيه وحدة الجبهة في مواجهة إسرائيل.
لكنّ هذا لا يعني أنّ انعكاسات الاتفاق لن تشمل ملفّات عدّة في المنطقة، من بينها ملفّ تهريب الكابتغون والنازحين ورئاسة الجمهورية في لبنان.
وتشير المصادر الديبلوماسية إلى أنّ مساع ستبذل بهدف تزخيم الاتفاق وانعكاساته على الملف الرئاسي اللبناني، ولذا بات واضحاً تجنّب الوزير الإيراني استفزاز السّعودي بالموضوع الرئاسي اللبناني، بينما لم يتجاوز الايراني سقف حليفه المستجدّ وكلاهما أكّد على التوافق بين اللبنانيين على انتخاب الرئيس.
لكنّ هذا التوافق لم تتوافر شروطه بعد. تفشل المعارضة رغم سعيها الحثيث في توحيد موقفها والاتفاق على مرشّح رئاسي، وتهدّد بمقاطعة جلسة الانتخاب في حال الإصرار على انتخاب فرنجية، ومثلها يفعل النّواب السنّة السّاعين إلى تشكيل تكتّل نيابي يشكّل الكفّة المرجّحة انتخابياً، وكلاهما لم يصلا إلى نتيجة. في المقابل لم يتأمّن للثنائي الأصوات التي تصبّ لصالح انتخاب مرشحهما في مجلس النواب.
أضف إلى ذلك ما رشح عن لقاءات البخاري الأخيرة. فالسّفير الذي اكتفى بوصف لقائه مع فرنجية بالإيجابي أعطى انطباعا للنواب الذين التقاهم بعد ذلك، أنّ موقف بلاده لا يزال على حاله، وأن لا فيتو على أيّ مرشّح، وأنّ المجتمع الدولي لن ينوب عن اللبنانيين في انتخاب رئيسهم، وعلى اللبنانيين انتخاب الرئيس بأسرع وقت ممكن، وإلّا فالمجتمع الدّولي سيكون له موقف من الموضوع. ويأتي مثل هذا الكلام عشيّة اجتماع اللجنة الخماسية المزمع عقده في قطر الإثنين المقبل، وإن كان من غير المعروف بعد مستوى الحضور، سواء على مستوى مستشارين أو وزراء الخارجية.
وفي كلا الحالين فانعقاد مثل هذا الاجتماع إن حصل في قطر، من شأنه أن يقلب الأوراق بالنظر إلى حماسة قطر ومعها أميركا ومصر لانتخاب قائد الجيش العماد جوزف عون رئيساً للجمهورية.
في رأي مصادر واسعة الاطلاع أنّ الجميع بما فيهم أصحاب المبادرات الصادقة يلعب في الوقت الضائع، بإنتظار تصاعد الدّخان الأبيض في أعقاب قمّة الرئيس السوري بشار الأسد وولي العهد السعودي محمد بن سلمان. في رأيها أنّ السعودية التي أعادت سوريا إلى الجامعة العربية لن تنغمس بالملفّ اللبناني، ولديها شروطها وهي لغاية اليوم لم تقدّم أية إشارة تشي بتورّطها في الملفّ اللبناني، والسبب يعود بحسب المصادر إلى أنّ المملكة وفي إطار التطوّر السّريع في علاقتها مع سوريا والتي تدرّجت وصولاً إلى فتح السفارات، اختبرت السوريين مؤخّراً بعملية الكابتغون الأخيرة، وباتت على يقين أنّها في لبنان لن تحاور أطرافاً محلّيين، وهي التي تسعى إلى الحدّ من حضور إيران في سوريا بموافقة ضمنية من إيران ذاتها . ولا يمكن لها أن تحاور إيران في الملعب اللبناني، بعبارة أخرى لن تخرجها من باب دمشق لتدخلها نافذة لبنان.
لم يبق إلّا طريق واحد أمام الملفّ الرئاسي، وهو أن ترى شريكاً عربياً يستطيع أن يكون محاوراً لها في الملفّ اللبناني، سواء بموضوع الرئاسة أو النازحين أو الكابتغون. تنتظر السعودية من عودة سوريا عودة كاملة في الملفّ اللبناني وفي التواصل مع القوى اللبنانية ومع قسم من المسيحيين، لنكون أمام عودة جديدة وتحت مسمّى جديد، ويصبح اجتماع الأسد بن سلمان هو الموعد الذي سيخرج منه الدخان الأبيض إيذاناً بفتح الملفّ الرئاسي بالتفاهم مع سوريا.
ربما تكون وقائع أو أمنيات. لكنّ الحقيقة تقول إنّ انتخاب الرّئيس بات قريباً لكن السؤال لمصلحة سليمان أم ضدّه؟ الأوراق لم تكشف كاملة بعد وعنصر المفاجآت ليس ببعيد.