"بهدف التّثقيف"، وبكثير من اللامبالاة وفق ما أظهر الإعلام الأميركي، سَرَّب الجندي في الحرس الوطني الجوّي الأميركي جاك تيكسيرا، معلومات سرّية للغاية من داخل وزارة الدفاع الأميركية-البنتاغون.

وترسم الوثائق المسرّبة و"السرّية للغاية"، صورة مفصّلة للحرب في أوكرانيا، كما تقدّم أيضاً معلومات تتعلق بالصّين وحلفاء الولايات المتحدة. إذ تشير واحدة منها، إلى وجود عدد صغير من القوات الخاصّة الغربية العاملة داخل أوكرانيا، من دون تحديد أنشطتها. وتحتفظ المملكة المتحدة بأكبر وحدة، تليها لاتفيا وفرنسا والولايات المتحدة وهولندا.

وتحدّد وثائق أخرى الموعد الذي ستكون فيه مجموعة من الألوية الأوكرانية الجديدة  التي يتمّ تحضيرها جاهزة لشنّ هجوم في غضون أسابيع . وتكشف بتفاصيل دقيقة عن عدد الدبّابات والآليات المدرّعة وقطع المدفعية التي يتم تزويدها من قبل الحلفاء الغربيين لأوكرانيا.

وتحتوي إحدى الخرائط على جدول زمني يقيّم الظروف الأرضيّة في عموم شرقي أوكرانيا مع حلول الربيع.

من جهتها، نشرت صحيفة الـ"واشنطن بوست" بعض المعلومات عن  تيكسيرا، الذي يشتبه بتسريبه الوثائق  لأهداف تثقيفية وفق ما نقل عنه.

وأفادت الصحيفة في تقريرها بأن تيكسيرا (21 عاماً) أكمل دراسته في جامعة علوم التكنولوجيا، وانضمّ بعدها إلى الجيش كما العديد من أفرد عائلته. وكُلَّف بإدارة واستكشاف أجهزة الكمبيوتر وأنظمة الاتصالات لجناح المخابرات رقم 102 في قاعدة أوتيس الجوية للحرس الوطني، لافتةً إلى أنَّ المحققين يعتقدون الآن أن هناك جانباً متهوراً لـ"تيكسيرا" - و"التداعيات لا تزال في بدايتها".

كذلك، نقلت الصحيفة عن أشخاص مطّلعين على القضية، قولهم: "إنَّ تيكسيرا استخدم أسماء مستعارة Jackthedripper وExcalibureffect، ونشر الصور على Discord، وهي منصة دردشة شائعة لدى اللاعبين عبر الإنترنت.

وعرض بعض أعضاء Discord على صحيفة "واشنطن بوست" مقطع فيديو لـ"تيكسيرا"، وهو يصرخ بشتائم عنصرية ومعادية للسامية قبل إطلاق النار من بندقيته. وذكرت الصحيفة أن صُور الوثائق السرّيّة التي نشرت، تضمنت عدداً من الأدلة، مثل قبعة لفريق  Boston Red Soxوبعض مجلات الصيد.

في غضون ذلك، قال مسؤول أميركي إنه بينما كان تيكسيرا قليل الخبرة نسبياً في الجيش، كانت لديه إمكانية الوصول إلى معلومات استخبارية عسكرية شديدة السرّيّة من خلال شبكة كمبيوتر مرتبطة بوزارة الدفاع تعرف باسم نظام الاتصالات الاستخبارية المشتركة العالمية. إذ إن النظام نفسه يسمح لتيكسيرا بقراءة المستندات السرّيّة وربما طباعتها، على الرغم من وجود إرشادات للتعامل مع تلك المستندات وفقاً للقانون.

ووصِفَ تيكسيرا من قبل أحد أصدقائه بأنه وطني وكاثوليكي متديّن وليبرالي مهتم بالأسلحة ويشكّك في مستقبل أميركا، مبيناً أنه التقى بالمشتبه به قبل عام 2020 على منصة  Discord، وأنهما ترابطا بشكل أساسي بسبب اهتمامهما بالأسلحة منها مسدسات "غلوك" والسياسات التحرريّة والديانة الكاثوليكية.

وفي وقت لاحق، انضم الصديق إلى خادم Discord الجديد، بدأه تيكسيرا تحت اسم  Thug Shaker Central، والذي أصبح مَوطناً لمجموعة من عشرين شخصاً، بما في ذلك العديد من المراهقين.

وقال الصديق الذي التقى تيكسيرا شخصياً إنَّ الأخير كان "رجلاً عادياً جداً" خارج الخادم، كان لديه "طباع حادة"، وكان "مرشداً أكثر من كونه قائداً"، مبيّناً أن تيكسيرا بدأ في مشاركة المستندات السرية على خادم Discord في شباط 2022، في بداية الحرب مع أوكرانيا، والتي اعتبرها معركة "محبطة بين دولتين يجب أن يكون بينهما أشياء مشتركة أكثر من إبعادهما عن بعضهما البعض".

وأشار الصديق إلى إن مشاركة الوثائق السرية كان الهدف منها "تثقيف" الأشخاص الذين يعتقد أنهم أصدقاؤه ويمكن الوثوق بهم". وقد وافق الأشخاص الموجودون على الخادم على عدم مشاركة المستندات أبداً خارج المنصة، لأنها قد تضر بمصالح الولايات المتحدة.

وأضاف: "كان رأيي أن بعض هؤلاء الأطفال كانوا عُرضةً للتحدث عن الوثائق لأنها بقيت لمدة طويلة على الإنترنت، لكن تم تجاهلي. وقد حاولت الابتعاد عن مثل هذه المناقشات"، معتبراً أنه "كان أمراً بغيضاً للغاية أن ترى الأطفال الذين نشأوا في الضواحي يتجادلون حول صراع على بُعد محيط".

كذلك، أكَّد الصديق أن نحو نصف أعضاء الخادم كانوا "أطفالاً يجلسون في أقبية منازلهم يلعبون ألعاب الفيديو، بينما كان النصف الآخر من عشاق الأسلحة"، مشدداً على أنَّ "الادعاءات الأخيرة من قبل آخرين كانوا على الخادم كان بعض أعضائه روسيون وأوكرانيون كانت محض افتراء. وأحد الأعضاء الذي تظاهر بأنه ضابط في البحرية الروسية كان يعيش في كنتاكي، وتم طرده من المجموعة".

وجدد الصديق التشديد على أن تيكسيرا لم يسعَ إلى تقويض الأمن القومي، ولكنه كان يأمل في تعليم الأعضاء الأصغر سناً على "رؤية أفضل للقضية بالطريقة الوحيدة التي يعرفها"، قائلاً: "لقد أحبّ أميركا ولكنه ببساطة لم يشعر بالثقة في مستقبلها".

وختمت الصحيفة تقريرها مشيرة إلى أن عضواً آخر من الخادم، قام بمشاركة المستندات على خادم آخر، ما أدى إلى انتشارها عبر الإنترنت.