بالتزامن مع الجهود الداخلية، تحرّك الرئيس جوزاف عون نحو العالم العربي في إطار حملة دبلوماسية على مراحل شملت المملكة العربية السعودية وقطر ودولة الإمارات والكويت ومصر، ونُسِّقت بعناية بهدف استعادة لبنان مكانته، وتأمين الدعم الاقتصادي له، وبناء توافق إقليمي على ضرورة إعادة سيادة الدولة اللبنانية، وضبط سلاح المجموعات المسلحة الخارجة على إطار الشرعية اللبنانية، محلية كانت أم غير محلية، بما فيها "حزب الله".

تمكّن عون من استعادة العلاقات الثنائية مع السعودية بعد سنوات من التوتر. وأسفرت زيارته عن تجديد الآمال في تعافي الاقتصاد اللبناني واستقرار الوضع السياسي وسط الأزمة المالية المستمرة. وقع عون 22 اتفاقية شملت التجارة والزراعة والنقل والمالية والتعليم والتبادل الثقافي والدفاع ومكافحة الإرهاب. ويُعتبَر الدعم السعودي مفتاحاً لباب الاستثمارات وإعادة بناء الاقتصاد اللبناني المتضرّر.

في قطر، حصل عون على دعم لتعافي لبنان ما بعد الحرب، وهو يشدد على أهمية تعزيز مؤسسات الدولة. وقد أظهر الدور القطري أهمية الدوحة كوسيط إقليمي وشريك اقتصادي لاستعادة الاستقرار وجذب المساعدات والاستثمارات الدولية.

أمّا زيارة الإمارات فتميّزت برفع حظر سفر الإماراتيين إلى لبنان بعد تورُّط "حزب الله" في صراعات إقليمية. واتفق البلدان على تشكيل مجلس أعمال ثنائي لاستكشاف فرص الاستثمار، فيما يخطط صندوق أبو ظبي للتنمية لتقييم المشاريع المشتركة. وعرض مكتب تبادل المعرفة الإماراتي أيضاً دعمه لإصلاحات الحكومة اللبنانية.

وفي الكويت التي تترأس حالياً مجلس التعاون الخليجي توافق البلدان على تأكيد العلاقات التاريخية. وركّزت النقاشات على تفعيل الوجود القوي للانتشار اللبناني في الكويت كجسر تواصل متجدد وعلى تعزيز الاتفاقات الثنائية والعمل المشترك في مواجهة التحديات الإقليمية.

وفي مصر ناقش عون مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي التعاون العسكري والاقتصادي ودعم مصر لتعزيز الجيش اللبناني واستعدادها للمساعدة في مشاريع إعادة الإعمار والطاقة بما يجعل القاهرة شريكاً حيوياً في جهود استقرار لبنان.

زيارات عون العربية أثمرت مواقف عربية علنية تؤكّد استعادة الثقة والدعم العربي، والترحيب بعودة لبنان إلى الحاضنة العربية بعد سنوات من العزلة الدبلوماسية بسبب تأثير "حزب الله" والأزمات السياسية التي نتجت من هذا التأثير. إلا أن الدول العربية المعنية شرطت دعمها بالتزام لبنان بالإصلاحات وبحصر السلاح في يد الدولة اللبنانية على جميع الأراضي اللبنانية.

أكد عون باستمرار التزام لبنان بالاحتكار الحصري للسلاح ووضع جميع الميليشيات تحت سيطرة الدولة، بما في ذلك الفصائل الفلسطينية و"حزب الله". ومع الاعتراف بالتحديات الكامنة، شدد على الحوار والتعاون مع الشركاء الإقليميين، بما في ذلك السلطة الفلسطينية.

تزامناً مع هذه المبادرات الإقليمية، شكلت زيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى بيروت علامة فارقة. أعلن عباس وعون معاً أن عصر السلاح خارج سيطرة الدولة اللبنانية يجب أن ينتهي، وتعهدت منظمة التحرير الفلسطينية بعدم استخدام لبنان كمنطلق للهجمات. الفصائل الأخرى وافقت مبدئياً على وضع السلاح تحت سلطة الحكومة اللبنانية، لكنها طلبت أن تنسّق الحكومة اللبنانية معها أيضاً.

خطوة ضبط السلاح اختبار حاسم: إذا نجحت الدولة في السيطرة على السلاح الفلسطيني، فسيشكل ذلك سابقة ويعزز الشرعية لمواجهة المهمة الأصعب المتمثلة في سلاح "حزب الله".

في الوقت نفسه، عرضت نائبة المبعوث الأميركي للشرق الأوسط مورغان أُرتاغس "خطة كبيرة" لتعافي لبنان الاقتصادي، رهناً بالإصلاحات الاقتصادية والمالية.

بناءً على كل ذلك، يرى كثيرون أن عام 2026 سيكون بداية عودة لبنان إلى حضن المجتمع الدولي.