يتجاوز الرد على الرسوم الجمركية شكل حرب الأرقام، ليُلامس نقاط الضعف والسرية في صراع العمالقة في عصر التكنولوجيا الذي يشهده العالم في هذا الربع الأول من القرن الحادي والعشرين.

الصين، التي تُسيطر على 70% من إنتاج وسوق المعادن النادرة، و 90% من معالجة هذه المعادن، وجهت ضربة قاصمة باستخدامها هذا السلاح الاقتصادي الفتاك: فقد أغلقت الطريق أمام الولايات المتحدة للوصول إلى هذه السوق الحيوية التي تُغذي الصناعة العسكرية الأميركية.

هذه ضربة قاضية تُقوض خطة ترامب لإحياء الصناعة الأميركية. وهذا يُترجم عمليًا إلى ريادة الصين وتفوقها الطويل الأمد في المنافسة التكنولوجية والعسكرية بين البلدين.

ترامب، الذي كان يأمل أن يتصل به نظيره الصيني شي جيبينغ يتوسل إليه للتفاوض، وجد نفسه في وضع معاكس. على الرغم من الدعوات المتكررة للرئيس شي جيبينغ للتواصل والتوصل إلى اتفاق لنزع فتيل حربهما التجارية، تعهدت الصين "بالقتال حتى النهاية". ردًا على الرسوم الجمركية الأميركية، فرضت الصين قيودًا على صادرات سبعة معادن أرضية نادرة، بالإضافة إلى منتجات أخرى، بما في ذلك المغناطيس الدائم.

تُنتج الصين الغالبية العظمى من معادن الأرض النادرة في العالم، وهي مجموعة من 17 عنصرًا أساسيا للتكنولوجيا الحديثة، من المغناطيس إلى الليزر وشاشات LCD.

تجدر الإشارة إلى أن ترامب تَشاطَرَ باستبعد ثلاثة من المعادن الأرضية النادرة من الرسوم الجمركية لاحقًا: الإيتريوم، اللازم لإنتاج المغناطيس والليزر، والغاليوم، اللازم لإنتاج الرقائق الإلكترونية، إضافة إلى الديسبروسيوم، اللازم لصناعات الروبوتات وإلكترونيات الطيران.

إن أي فرصة لهيمنة الولايات المتحدة في هذه المجالات التكنولوجية والاستراتيجية المتطورة قد وُئِدت في المهد. تبقى الحقيقة أن الولايات المتحدة تحتاج الآن إلى مهلة زمنية طويلة لإعادة إنتاج هذه القطع إلى نصابه، ولكن بتكاليف باهظة ومخاطر بيئية حقيقية.

يمكن تلخيص التحدي كما يأتي: تقدم تكنولوجي كبير. ولكن في حال نشوب صراع طويل الأمد بين الولايات المتحدة والصين، ستكون القدرة على الحفاظ على قوة قتالية كافية حاسمة. وهنا تبرز أهمية القدرة الصناعية؛ فبيجينغ قادرة على تجديد مخزوناتها من الذخيرة أسرع بكثير من واشنطن.

على صعيد صناعي آخر، كشفت الصين لزبائنها الغربيين عن احتيال العلامات التجارية الفاخرة التي ترفع الأسعار في دول التوزيع، وبخاصة الولايات المتحدة. فحقيبة فاخرة من فويتون أو هيرميس تُباع في الولايات المتحدة بأسعار تتراوح بين 10 آلاف و30 ألف دولار، فيما تُنتج في الصين بأسعار تتراوح بين 300 و600 دولار.

والميزة الإضافية هي أن الصين عرضت على الغربيين الراغبين في شراء منتجات فاخرة من أي علامة تجارية تُنتج في الصين إمكانية الوصول السياحي بدون تأشيرة للتسوق بأسعار التكلفة حتى نفاذ الكمية.

حتى الذكاء غير الاصطناعي "صُنع في الصين".