حاورَ الإعلامي عطيّة عوض الفنان الكبير دريد لحام في برنامجه "إنسان"، محتفلاً بعامه التسعين (مواليد 9 شباط 1934). المقابلةُ تُثبتُ أنّ لحام لا يزال يتمتعُ بصحةٍ جيّدةٍ، مرفقةً بحكمةٍ في ما يقول، ويُطلُ إلى الآن بخفةِ ظلٍ وذكاءٍ معهودَين، يبدو أنّهُ قلّ نظيرهما.

سُئلَ لحام في المقابلة عن والدتهِ، وقالَ إنهُ إلى الآن لم يتجاوزْ رحيلها، وأضافَ: "يمكنني أن أتقبّل رحيل الجميع، لكنّ الأُم بالنسبة لي يستحيل أن تموت، فهي حكمةُ الله في بقاءِ واستمراريةِ البشريّة"، متحدّثاً عن شعورِ الجنين الذي يبكي حين يخرجُ من رحمِ أُمِهِ "الوطن الأوّل"، حيثُ الأمان، "لو كانَ رأسهُ إلى الأسفل وقدميه إلى الأعلى، ويُبحرُ في العتمة، فيبكي حينَ يغادر رحمَ الأُم". 

والدةُ لحام من "مشغرة" في البقاع الغربي، وقالَ إنّها حينَ ذهبت إلى سوريا، نقلت عاداتِ "مشغرة"، فكانَ وإخوانه التسعة، يستيقظون في ساعاتٍ متأخرة من الليل، يجدون أُمهم لا تزال مستيقظة، إمّا لتحضير العجين والخبز، أو للعمل على آلةِ الخياطة، أو لتفقّد أبنائها، أثناء نومهم. 

"غوار الطوشة"

وقالَ لحام: "غوار الطوشة أخف ظلاً مني ولهُ الفضل على دريد"، كما تحدّثَ عن علاقته بزوجته "هالة"، بعد 60 عاماً من الزواج، حيثُ تستمرُ المناكفات بينهما، مع اختلاف الأسباب مقارنةً بأيامهما الأولى معاً. وتمنى في اللقاء أن يبقى متمتعاً بصحةٍ جيّدة ولا يصيبه "الزهايمر" فينسى اسم زوجته، أو يعتقد أنّ زوجة الجار هي زوجته! قائلاً: "أذكرُ أخيراً أنّه كانَ عمري سبعين عاماً، لكن فجأة، نمتُ واستيقظتُ ووجدتني في التسعين"!

ويقضي لحام وقتاً مع أبنائه وأحفادِهِ، متحدّثاً عن قوانينه الصّارمة أثناء اجتماع العائلة، فيطلب إبقاء الهواتف المحمولة خارجاً لقضاءٍ وقتٍ بعيداً عن "السوشل ميديا".

دريد لحام وعطية عوض

كما قالَ في اللقاء: "أخاف من المخابرات لأنهم يصدّقون ما يُقال لهم، ولو تقصّوا الحقيقة، لكنتُ معهم على وفاق". 

وممّا أضافهُ أيضاً، بعدَ مشوارٍ فنّي حافل: "مستقبلي صارَ خلفي وهذه فلسفتي حولَ إنجازاتي التي تشكّل "مستقبلي" من أعمالٍ ماضية". 

ورغمَ نجاح مسلسل "أحلام أبو الهنا"، لكنّ دريد لحام كان يتوقّع نجاحاً أكبر لهُ. 

صدقهُ في اللقاء وعذوبهُ كلماته المرافقة لابتساماتٍ لطيفةٍ، ومفرداته الخاصة للمُحاور، فيكرّر "يا قلبي"، تُحيلنا لقصةِ رجلٍ صارَ في التسعين، يعيشُ وكأنهُ مزروعاً إلى الآن في أرض "مشغرة"، ويُعيدنا لأغنية فيروز "قمر مشغرة"، وكأنهُ قمرها، وارثاً الحب والصّدق عن أهل مشغرة، ومن أبيه ثبات أهل الشّام ويقينهم بحياةٍ أفضل، وتفاؤلٍ رغمَ الصّعاب بحسب ما عبّر.

اللقاء سيبقى في أرشيف الكبير دريد لحام، كأعمالٍ عديدةٍ خالدة، بين المسرح "غربة وضيعة تشرين" والسينما "الحدود والآباء الصغار"، والتلفزيون "صح النوم وعودة غوار وأحلام أبو الهنا وعائلتي وأنا".