"أنا لما بحِب بحِن بجِن بهدُم بحرُق بقلُب جِن"، أغنية حققتْ للفنان السّوري أمجد جمعة، أكثر من 360 مليون مشاهدة عبرَ يوتيوب. اليوم يطلُ أمجد بعملٍ جديدٍ، تحت عنوان "رح"، دامجاً بينَ لونه وبين ما يقدّمه زميلاه "الشامي" و"السيلاوي" اللذين يتصدّران "التراند" أيضاً. والملفت، أنّنا أمام نمطٍ غنائي هجين، يصبحُ رائجاً بين جيلِ الشّباب، يؤدّي فيه المغني بانفعالٍ كلماتٍ، يُفترض أنّها عاطفيّة!

لا يعلمُ المرءُ إن كانتْ ثورة في المشاعر، أو ثورة في عالم الغناء، أو أنها "موجة"! لكن كيف لمواضيعٍ رومانسيِّة، وكلماتٍ يُفترضُ أنّها رقيقة، أن تندمج مع كلماتٍ فيها الحدّة، بأسلوبِ الشّاب الثائر، الذي يريدُ قلبَ حبيبته " التي يجب أن تستسلم لهُ بأي ثمن! وإن خذلتهُ، يُعبّر عن غضبِهِ رغمَ الوفاء المستمر!

خليطٌ من المشاعر قد لا يُفهم بسهولة، لأنهُ يذهبُ لما هو أبعد من التناقضات، متقصّداً جمع الأضداد والتّعبير عن العبثيّة، لتسأل: ما الذي يريد قوله "الشامي" و"السيلاوي" ومؤخراً في عملٍ جديدٍ أصبحَ "تراند" لأمجد جمعة بعنوان "رح"؟

قد يكون ذلك مجرّد محاولة للإنفراد في اللون والموضوع، بعيداً من تحليلات المضمون، وربما هو تقليد أعمى للراب أو فن الغضب، لكنهُ يأتي مستحدثاً في العالم العربي، ومُسقَطاً في قالبٍ رومانسي غير اجتماعي، على عكس أُغنيات أحمد مكي التي تُعنوان كَـ "راب" واضح وصريح.



إن كانَ ما يقدّمُهُ فنانون عرب آخرون "طرب" أو "بوب" أو "كلاسيكيات رومانسيّة" أو غيره من الألوان، ما اللون الجديد للفنانين الشّباب "السيلاوي" و"الشامي" وأمجد جمعة؟ هل هو "الراب" فعلاً أم يأتي معبّراً عن واقع التناقضات في المشاعر والشّعور بالفشل في الحب، فصارَ يُشبهُ "الراب" بالشّكل؟ أي أنّ صانعيه لم يتقصّدوا اللون بل المضمون؟

نتيجة الإقبال على هذا النمط المستحدث، يمكن القول إنّ رغبة الشّباب بتلقّي الأنماط الغنائيّة المختلفة قد تُحترم، لأنّها ربّما تُعبّر عن حاجات تعكسُ إرهاصاتٍ اجتماعيّةً وسياسيّةً لا ذنبَ لهم فيها وربّما يكونَ ضحيّتها أحياناً، لكنّ هذا المستحدَث الهجين، يستدعي التوقّف عندهُ أكثر فأكثر، كونه يجمعُ التناقضات غير المتجانسة، وتارةً غير الصّريحة! وتعتمده فئةٌ كبيرةٌ من الشّباب العرب، كمرجعيّةٍ للتعبيرِ عن مواقفِهم وحالاتِهم العاطفيّة، ما قد يعكسُ بشكل أعم حالةً من الضّياع!