حزينٌ بدا هذا الصباح اليوم وشاحبةٌ هي الصورة رغم ألوانها الثمانية التي تتقاسم طولياً الشاشة الصغيرة. نعم، انتصرت الأزمة الإقتصادية والمالية بإسكات تلفزيون لبنان بعدما عجزت كبريات الحروب والنكبات ولعقود زمنية عن إخفات صوته الذي لطالما صدح بحناجر الشّعب اللبناني كلّ الشعب اللبناني بلا إستثناء أو تفريق أو تمييز، والذي ما استخدم يوماً ايّ مُفردةٍ تؤجج عصبيّة أو تزيد نعرة طائفية أو مذهبية.

وفي تفاصيل حصل عليها "الصفا نيوز" من قبل احدى الصحافيات في تلفزيون لبنان، جاء فيها أنّه وبعد الإضراب لمدّة أسبوعين اثنين من قبل الموظفين، قرّر وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال زياد مكاري إطفاء الشاشة التي كانت تعرض على مدى 14 يوماً فائتة، أعمالاً من الأرشيف ليأخذ الإضراب ضجّةً في الأوساط الإعلامية وبين المعنيين على أمل الوصول إلى حلّ يرضي الجميع ويضمن استمرارية العمل في التلفزيون. 

أحدى العاملات في تلفزيون لبنان: بعدنا على الـ 1500 ليرة

وبحسب المعلومات فإنّ رواتب العاملين في تلفزيون لبنان تكاد لا تكفيهم حتى أجرة مواصلات أو "بنزين" لسياراتهم، قائلة: "بعدنا على الـ 1500 ليرة" (رواتب الموظفين تحسب وفق سعر صرف دولار 1500 ليرة لبنانية في حين يبلغ سعر صرف الدولار اليوم في السوق الموازية حوالي 90 ألف ليرة تقريباً). 

في غضون ذلك، قالت رئيسة نقابة مستخدمي تلفزيون لبنان ميرنا الشدياق في حديث صحافي: "قرارنا بالإضراب كان للمطالبة بحقوقنا فنحن نتقاضى بين مليون و5 ملايين ليرة"، لافتةً إلى أنّ وزير الاعلام يقف إلى جانب مطالب الموظفين التي يعتبرها محقّة.

زافين: بعدين تذكرت انّو كلّ البلد مأزوم


يعبر الإعلامي "زافين قيومجيان"، عن أسفه للحال الذي وصل إليها لبنان ككل ويقول في حديث لـ"الصفا نيوز": "نأزت أول ما شفت الصورة ملوّنة على تلفزيون لبنان بعدين تذكرت انّو كلّ البلد مأزوم". 

وأضاف زافين: "بدايتي كانت في تلفزيون لبنان وفي العصر الذهبي وعاصرت حقبات كثيرة اكتسبت خلالها الكثير من الخبرة وشهدت تجربتي الكثير من الـ"طلعات" والـ"نزلات"، متابعاً: "ما فينا نبكي على تلفزيون لبنان وما نبكي على البلد ككل". 

وأمل زافين أن يكون توقّف العمل في التلفزيون مؤقّتاً وأن يكون ذلك بمثابة جرس الإنذار لتدارك ما وصلنا اليه. 

زاوية حنين دافئة لجيل كامل
ورغم تهكّم البعض على برمجة التلفزيون القديمة وعرضه أعمالاً من الإرشيف (مسلسلات درامية، كوميدية، مسرحيات وأغانٍ فلكلورية)، نجحت شاشة الـ"TL"، بأن تكون ملجأ الهاربين من عصر الـ"8K" و"QLED" وأهمّ تقنيات الصورة والصوت التي تقدّمها كبريات شبكات العرض أمثال "Netflix" وغيرها، إلى زاوية حنين دافئة لجيل كامل من الشعب اللبناني الذي عاصر عزّ الشاشة اللبنانية وانطلاقتها.


موجة استنكار كبيرة 

الفقير مادّياً والغني بالقامات الإعلامية والفنية العتيقة التي انطلقت منه إلى أهم المحطّات التلفزيونية العربية والدولية، لم يفشل يوماً بأن ينقل صورة الأحداث كما هي من دون أن يكتفي بنصف حيقية، وحادثة الكحاّلة أمس الأول، كانت خير دليل على الدرك الذي وصل إليه بعض الإعلام اللبناني الذي لعب دوراً ليس بقليل في شحن النفوس وتأجيج الخلاف بين أبناء الوطن الواحد، ولا نبالغ إن قلنا أنّ بعض المؤسسات الإعلامية كادت أن تشعل حرباً أهلية!


ومع تردّد المعلومات عن طلب مكاري وقف العرض، أثار الموضوع موجةً كبيرة من الانزعاج بين أوساط الصحافيين والفنانيين وحتى روّاد مواقع التواصل الإجتماعي، الذين أعربوا عن استنكارهم بطريقتهم الخاصة: